أكد الدكتور عبدالله الزهراني مدير عام البحوث والدراسات الأثرية في قطاع التراث الوطني بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن المملكة أصبحت من الدول المتقدمة عالميًا في البحوث والاكتشافات الأثرية خلال السنوات الخمس الماضية.
وأشار الزهراني، خلال مؤتمر «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، بالعاصمة الإدارية روما، إلى أن 44 بعثة أثرية دولية ومحلية تقوم بأعمال تنقيب أثري بمختلف مناطق المملكة هذا العام من بينها بعثة إيطالية سعودية مشتركة.
وتناول الزهراني جوانب من أهم الاكتشافات الأثرية في المملكة التي تعكس حضاراتها ومخزونها التراثي، مشيرًا إلى أن المملكة الآن من الدول المتقدمة في الكشوفات الأثرية؛ حيث أبرزت الاكتشافات الأخيرة لمجموعة البعثات المحلية والعالمية المكانة التاريخية للمملكة وعمقها الحضاري كونها مهدًا للحضارات الإنسانية.
وأشار الزهراني إلى أن الأبحاث الأخيرة كشفت أن أراضي المملكة تشغل أكبر مساحة من الجزيرة العربية؛ حيث كانت مأهولة ونابضة بالحياة البشرية والطبيعية لما تميزت به من مقومات طبيعية جاذبة للعيش فيها منذ أكثر من مليون سنة، وكانت مميزة بالأنهار التي تجري على أرضها والبحيرات والمساحات الخضراء التي جعلت منها مستوطنًا وملتقىً للحضارات عبر الحقب المختلفة.
وأبان الزهراني أن هذه المكتشفات الأثرية ترسخ البُعد الحضاري للمملكة وأنها ليست طارئة على التاريخ، وأن مكانته اليوم بين دول العالم على المستويات الدينية والسياسية والاقتصادية والحضارية امتداد لإرث حضاري عريق، بالإضافة إلى موقع جغرافي مميز جعلها نقطة التقاء لطرق التجارة الدولية البرية والبحرية عبر جميع العصور، وأدت دورًا مميزًا في التواصل الثقافي والاقتصادي بين الشرق والغرب ، وأن الدين الإسلامي العظيم الذي انطلق من أرض المملكة إلى العالم، خرج من أرض غنية بتاريخها وحضاراتها واقتصادها.
وأوضح الزهراني أن معرض «روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور»، الذي تمثل روما محطته الـ 17 ويستمر ثلاثة أشهر، يشتمل على أبرز روائع القطع الأثرية من مختلف مناطق المملكة التي تم الكشف عنها من أعمال المسح والتنقيب الأثري.
و يحتوي المعرض على (326) قطعة أثرية، موزعة على ستة أقسام رئيسة هي: قسم المقدمة ويحتوي على ثلاث قطع أثرية تمثل ثقافة المسلات الحجرية وتعود بتاريخها إلى الألف الرابع قبل الميلاد، وقسم ما قبل التاريخ، ويحتوي على (52) قطعة أثرية من مختلف مناطق المملكة، وتم اختيارها بناءً على أهمية الأدوات الحجرية وطريقة صناعتها في فترة ما قبل التاريخ، وتعد القطع الأثرية من موقع المقر بمنطقة عسير أهم محتويات هذا القسم.
أما القسم الثالث فمخصص لحضارات تاروت، ديلمون، العبيد، ويحتوي على (55) قطعة أثرية من الحضارات التي نشأت في شرقي المملكة وكان لها تواصل حضاري مع حضارة ما بين النهرين بالعراق، وهو ما يؤكد بشكل قاطع العلاقات الدولية للجزيرة العربية خلال تلك الفترة، بالإضافة إلى ازدهار طرق التجارة في الجزيرة العربية.
ويشمل القسم الرابع حضارات تيماء، العلا، قرية الفاو، ثاج ، الجرهاء، وحضارات الألف الأول قبل الميلاد إلى القرن السابع الميلادي من خلال (125) قطعة أثرية من عدة مواقع أثرية بالمملكة؛ من أهمها مواقع تيماء، العلا، الفاو، نجران، ويتميز هذا القسم بالثراء من حيث نوعية ومواد محتوياته من قطع أثرية. كون هذه المواقع أصبحت من أهم المراكز التجارية في الجزيرة العربية.
ويحتوي القسم الخامس لحضارة الفترة الإسلامية وطرق الحج الى القرن السابع الهجري على (89) قطعة أثرية من عدة مواقع أثرية بالمملكة؛ من أهمها مكة المكرمة، وموقعا الربذة والمابيات بمنطقة المدينة المنورة، ومن أبرز معروضات هذا القسم باب للكعبة وقطعة من الكسوة الشريفة.
وخصص القسم السادس من المعرض للدولة السعودية، ويعرض (42) قطعة تراثية؛ بعضها من مقتنيات الملك المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، إضافة إلى عدد من قطع تراث شعبي تمثل الفترة الممتدة من الدولة السعودية الأولى إلى مرحلة توحيد المملكة.
وأكد الزهراني في حديثه لوسائل الإعلام الإيطالية أن المعرض حقق نجاحًا غير مسبوق من خلال عرضه بدءًا من عام 2010 إلى 2019 في أشهر المتاحف العالمية في المدن والعواصم الأوروبية والأمريكية والآسيوية والخليجية؛ حيث حظي المعرض بزيارة أكثر من 5 ملايين زائر وزائرة.
حضر المؤتمر نائب الرئيس لقطاع التراث الوطني بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني رستم بن مقبول الكبيسي وعدد من مسؤولي وزارة الثقافة ، ومديرة المتحف الروماني بإيطاليا، وحشد من الإعلاميين الايطاليين.