المحليات

الأمير سلطان بن سلمان: اقتصاد الفضاء ساهم في الأعمال الوقائية أثناء التصدي لجائحة كورونا

السعودية رائدة هذا المجال بالمنطقة وتمنّى اجتماع قادة العالم بالفضاء

فريق التحرير

برئاسة الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للفضاء، وحضور رؤساء وكالات الفضاء في دول مجموعة العشرين، انطلقت أمس الأربعاء أعمال الاجتماع الأول لـ «قادة اقتصاد الفضاء 20» ضمن برنامج المؤتمرات الدولية المقامة بالتزامن مع رئاسة المملكة العربية السعودية لمجموعة العشرين.

ويهدف الاجتماع لتنسيق جهود الاستخدام السلمي للفضاء من قبل الوكالات في أكبر 20 دولة اقتصاديًا على مستوى العالم ، ودعم الجهود القائمة والمستقبلية للدول الأعضاء في ضوء رؤية مشتركة، للنهوض بمستوى الاستثمار العلمي والاقتصادي لقطاع الفضاء ورفع تنافسيته واستدامة أنشطته.

وفي بداية الاجتماع، نقل الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز للحضور ترحيب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بانتظام أعمال مجموعة العشرين التي ترأسها المملكة هذا العام، وتأكيده، حفظه الله، بأنه «في هذا الوقت الحرج الذي يواجه فيه العالم جائحة كورونا، التي تؤثر على الإنسان والأنظمة الصحية والاقتصاد العالمي، نجتمع بمجموعة العشرين في قمة استثنائية للخروج بمبادرات تحقق آمال شعوبنا، وتعزز دور حكوماتنا، وتوحد جهودنا لمواجهة هذا الوباء».

وبيّن أنَّ خادم الحرمين الشريفين ليس بعيدًا عن قطاع الفضاء، فقد كان قريبًا من المهمة الأولى التي شارك فيها فريق علمي سعودي فاق عددهم 30 عالمًا ورائد فضاء، في رحلة الفضاء الأولى للعرب والمسلمين عام 1985، وتختزن ذاكرة العرب والمسلمين والسعوديين الاتصال الهاتفي الذي أجراه الملك فهد رحمه الله وشاركه الملك سلمان بالمركبة، ولا يزال خادم الحرمين الشريفين مهتمًا بمجال الفضاء ودافعًا لمواكبة المملكة للتطور في قطاع الفضاء، كما عاصر، يحفظه الله، مراحل التنمية الكبيرة في المملكة عبر العقود الماضية، ويقود يحفظه الله اليوم التقدم الذي نعيشه في مجالات عدة.

الترحيب برؤساء وكالات الفضاء لزيارة المملكة

عبّر الأمير سلطان بن سلمان عن سعادته بانطلاق الاجتماع الأول لرؤساء وكالات الفضاء في دول مجموعة العشرين من الرياض، وقال مخاطبًا الاجتماع: «كنا نتمنى أن يكون اجتماعنا بحضوركم جميعًا لزيارة بلادنا المرحبة، والدعوة مفتوحة للجميع للزيارة، ونتطلع لتنظيم ملتقى متخصص في اقتصاديات الفضاء ودور الشركات الناشئة والصغيرة في هذا المجال نحظى فيه بحضور الجميع».

وأوضح أن المملكة اليوم تنطلق برؤية طموحة ورسالة واضحة منبثقة من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لمشاركة وكالات الفضاء في دول مجموعة العشرين، لتسخير إمكانات هذا القطاع لخدمة الإنسانية، خصوصًا ومقامه الكريم واكب مشاركة المملكة في رحلة الفضاء وتشرفت أثناء تواجدي في مركبة الفضاء بتلقي اتصال هاتفي من الملك فهد رحمه الله وشاركه الملك سلمان، المكالمة التي بقيت في أذهان ووجدان أبناء المملكة بشكل خاص والعرب والمسلمين بشكل عام.

كما أوضح أن المملكة، ومن خلال رئاستها لمجموعة العشرين، تركز على ثلاثة محاور هي تمكين الانسان، والحفاظ على كوكب الأرض، وتشكيل آفاق جديدة. مشيرًا إلى أهمية قطاع الفضاء في خدمة هذه المحاور الثلاثة، وذلك ما جعل المملكة ضمن سنة رئاستها للمجموعة تبادر بتقديم فكرة هذا الاجتماع على هامش أعمال اجتماعات مجموعة العشرين للمرة الأولى، بما يساهم في تقيم هذا المجال المهم والسعي لاعتماده في مجموعة عمل رئيسة في الدورات التالية بالتنسيق مع دول الرئاسة في السنوات القادمة بما يمكن قطاع الفضاء واقتصادياته المتنامية من خدمة أهداف المجموعة ومساندة النماء في دول العالم .

أبعاد اقتصادية مهمة لقطـاع الفضاء

وأشار سمو الأمير سلطان بن سلمان إلى أنَّ الاجتماع يهدف إلى تسليط الضوء على الأبعاد الاقتصادية لقطاع الفضاء، ومساهمته في دعم  السياسات من أجل تحقيق الاستقرار في الاقتصاد العالمي، وتشكيل آفاق جديدة في الاقتصاد العالمي من خلال تعزيز التعاون في مجال الفضاء، وتعزيز جهود الاستخدام السلمي لاستكشاف الفضاء في وتعظيم فوائده الاقتصادية عبر إيجاد رؤية مشتركة تنهض بمستوى التعاون في الدول الأعضاء لاسيما أن اقتصاد دول مجموعة العشرين يصل لـ 70 تريليون دولار ويمثل 85% من حجم اقتصاد العالم، وحجم اقتصاد الفضاء في العالم يصل لنحو 400 مليار دولار عام 2019 تستحوذ دول مجموعة العشرين على 92% منه، ويتوقع أن ينمو هذا الاقتصاد ليصل إلى 1.1 تريليون دولار في العام 2040 و 2.7 تريليون دولار بحلول العام 2050.

وأضاف سمو الأمير سلطان بن سلمان أنَّ المملكة العربية السعودية ومنذ تأسيسها وهي منفتحة على الدول الأخرى بحكم مكانتها الاقتصادية، وموقعها الجغرافي المميز، وعمقها الحضاري، واحتضانها لمقدسات الأمة الإسلامية، موضحًا أن المملكة ركزت ثرواتها في بناء الإنسان وتطويره والاستثمار فيه، وتملك اليوم ميزة تنافسية تتمثل في الطاقات البشرية المؤهلة التي استثمرت فيها الدولة منذ عدة عقود عبر برامج ابتعاث لأهم الجامعات حول العالم، وتأسيس جامعات سعودية ومعاهد متخصصة، أنتجت الآلاف من المميزين في مجالات العلوم المختلفة.

الاستثمار في البشر والعلم والتقدم هو الاستثمار الحقيقي

وقال سموه، إن المملكة تؤمن بأن الاستثمار في البشر والعلم والتقدم في العلوم هو الاستثمار الحقيقي، وكل ما حصل لبلادنا من تقدم تم على يد أبنائها وبناتها، ورهاننا المستقبلي عليهم مع الانفتاح للتعاون مع الجميع والاستفادة من كل تقدم، منبهًا إلى أنه و رغم أن الهيئة السعودية للفضاء تأسست عام 2018، إلا أنّ علاقة المملكة بالفضاء تعود لعقود أبعد وحققت شراكات مهمة ومهام فضائية وبحثية مبكرة ومستمرة في ذلك.

وأوضح سموه أن المملكة في حراك دائم نحو التطور والنمو وتلتزم بقيمها وعلاقاتها المتوازنة عالميًا، ولها استشرافات مستقبلية جعلت منها إضافة مهمة في كل مجال تشارك فيه، وقد حرصت مؤخرًا على تطوير العمل في قطاع الفضاء من خلال تأسيس الهيئة السعودية للفضاء والتي سيكون لها مكاسب إيجابية لقطاع الفضاء على المستوى العالمي.

واستعرض سموه جهود المملكة المبكرة في مجال الفضاء والتي انطلقت قبل أكثر من 30 عامًا، وكان لها أسبقية على مستوى المنطقة في رحلات الفضاء واستخداماته بسبب التقدم العلمي والتقني المستمر الذي تزخر به منذ عقود، حيث ساهمت بـ 30 عالمًا سعوديًا في التحضير لرحلة المكوك الفضائي ديسكفري Discovery STS-51G  عام 1985، والتي شارك فيها أول رائد فضاء عربي مسلم، وقد أسهمت هذه الرحلة في استنهاض الهمم لشباب المنطقة نحو الاهتمام بالفضاء وعلومه، كما كانت المملكة من أبرز مؤسسي المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية «عربسات» عام 1976، وتملك فيها المملكة نسبة المشاركة الأكبر في رأس المال تبلغ 37%. كما أنشئ في منتصف الثمانينيات معهد بحوث الطيران والفضاء في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بناءً على التقرير الذي رفعه الفريق السعودي المشارك في رحلة الفضاء بعد استكمال المهمة مشاركة المملكة في رحلة الفضاء الأولى عربيًا.

جهود المملكة في قطاع الفضاء انطلقت قبل أربعة عقود

وقال سمو الأمير سلطان بن سلمان، إن المملكة بادرت ضمن مسيرتها لتطوير عدد من القطاعات التنموية، ولجمع جهوده الممتدة لما يقارب الأربعة عقود في مجال الفضاء لتأسيس الهيئة السعودية للفضاء في عام 2018 بهدف تنظيم كل ما له صلة بقطاع الفضاء وتطويره، وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للفضاء، المتوقع إقرارها قريبًا من الدولة، كما تعمل المملكة على تأسيس شركة وطنية واقتراح تأسيس صندوق متخصص للاستثمار في الابتكار والمؤسسات الناشئة والصغيرة والمتوسطة مجالات الفضاء.

وأضاف سموه «سنعلن قريبًا عن الاستراتيجية الوطنية للفضاء بعد إقرارها من الدولة والتي تتضمن مشاريع طموحة وواقعية تليق بمكانة المملكة وتؤكد التزام المملكة بالاستثمار في هذا القطاع الاقتصادي المهم»

وأبرز سموه بعضًا من ملامح الاستراتيجية الوطنية للفضاء والتي تقوم على عدد من المشاريع في محاور متعددة وتعتمد على ممكنات منها إنشاء شركة متخصصة في الفضاء، وتأسيس برنامج تمويل للمشاريع الناشئة والبحثية ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتحفيز الابتكار.

وأضاف «سنبني على تجربتنا في بناء قطاع اقتصادي جديد في المملكة ( قطاع السياحة والتراث الوطني) حتى تحول إلى قطاع رئيس في اقتصاد المستقبل للمملكة، للانطلاق بتأسيس قطاع اقتصادي آخر هو قطاع الفضاء في المملكة، ومثلما عملنا مع وزراء السياحة في دول مجموعة العشرين قبل عدة سنوات حتى تحوّلت مواضيع السياحة إلى أحد أهم مجموعات العمل في اجتماعات دول مجموعة العشرين».

وأعاد سموه للأذهان ما يذكره من الرحلة التي شارك فيها ضمن رواد الفضاء على متن مركبة الفضاء ديسكفري حيث رأى قبل 35 عامًا كيف نعيش جميعًا على كوكب صغير دون حدود ولا فواصل تستحق النزاعات والصراعات، معبرًا عن عدم استبعاده أن المستقبل قد يشهد اجتماعًا لقادة العالم من (الفضاء) ليروا كيف هو منظر كوكبنا الصغير الهش، كوكب واحد يجمع البشرية لتعيش عليه مستقبلًا مشتركًا.

الدول العربية تولي أهمية خاصة بقطاع الفضاء

وأشار سمو الأمير سلطان بن سلمان إلى أن قطاع الفضاء يحظى باهتمام متنامي لدى الدول العربية، معربًا عن سعادته بإنجاز رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري في مهمته بمحطة الفضاء الدولية العام الماضي.

وتمنى سموه أن يحقق اقتصاد الفضاء قيم مضافة وآفاق جديدة، بدءًا من الجهات الفاعلة في مجال البحث والتطوير، ومرورًا بالجهات المصنعة للأجهزة والمعدات الفضائية، وانتهاءً بموفري المنتجات والخدمات الفضائية للمستخدمين النهائيين، ونوه سموه إلى أهمية توظيف تقنيات الفضاء لتطوير قطاع الطيران المدني الذي يساهم في التقارب بين البشر عبر تسهيل السفر واختصار مدته توظيف تقنيات الفضاء لتطوير قطاع الطيران المدني الذي يساهم في التقارب بين البشر عبر تسهيل السفر واختصار مدته، وداعيًا لأن يكون مسؤوليتنا والتزامنا في وكالات الفضاء في دول مجموعة العشرين هو الاستثمار في مستقبل كوكبنا والإنسانية وليس مستقبل قطاع الفضاء فقط.

 وشدّد سموه في ختام كلمته على أهمية التعاون الدولي لحث أنشطة اقتصاديات الفضاء في المجالات أعلاه، معربًا في الوقت نفسه عن تمنياته بالنجاح لوكالة الفضاء الإيطالية التي طلبت استضافة هذا الاجتماع ضمن رئاسة الجمهورية الإيطالية لمجموعة العشرين العام القادم 2021، ووكالة الفضاء الهندية على استضافته بحلول العام 2022 بالتزامن مع رئاسة الهند للمجموعة، متمنيًا أن يخرج هذا الاجتماع بالنتائج والتوصيات التي تحقق الأهداف المرجوة، وبما يساهم في بناء أمل جديد ومستقبل واعد خدمة للإنسان وبناء الأوطان.

يذكر أنّ الاجتماع الذي انعقد للمرة الأولى بمشاركة رؤساء وكالات الفضاء في دول مجموعة العشرين حظي بمشاركة من جميع رؤساء الوكالات واهتمامًا واضحًا بفكرة الاجتماع، وعبروا عن شكرهم للمملكة على هذه المبادرة وحسن التحضير والتنفيذ، وتطلعهم أن يستمر عقد هذا الاجتماع وأن يعتمد ضمن مجموعات العمل الرئيسة في أجندة اجتماعات دول مجموعة العشرين.

مرر للأسفل للمزيد