المحليات

اللجنة العُليا لقضايا الفساد.. «مكافحة وتطهير وعودة الحق»

أعادت 400 مليار ريال للدولة

فريق التحرير

شنت السعودية خلال العام 2018 حربًا شاملة على الفساد بدأتها بنهاية 2017 عندما أصدر خادم الحرمين الشريفين قرارًا بتشكيل لجنة عليا برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد، وعضوية كل من: رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة، واليوم تحصد المملكة ذلك بعودة 400 مليار إلى خزينة الدولة.

بداية الحرب على الفساد

«حرصنا منذ تولينا المسؤولية على تتبع الفساد انطلاقًا من مسؤولياتنا تجاه الوطن والمواطن، وأداء للأمانة التي تحملناها بخدمة هذه البلاد ورعاية مصالح مواطنينا في جميع المجالات، واستشعارًا منَّا لخطورة الفساد وآثاره السيئة على الدولة سياسيًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، واستمرارًا على نهجنا في حماية النزاهة ومكافحة الفساد والقضاء عليه».

كانت تلك الجملة الافتتاحية لبيان خادم الحرمين الشريفين الصادر في 15 صفر 1439، الموافق 4 نوفمبر 2017، بتشكيل لجنة عليا برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد، وعضوية كل من: رئيس هيئة الرقابة والتحقيق ، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة.

وحدد خادم الحرمين الشريفين مهام اللجنة، حصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام، بالإضافة للتحقيق، وإصدار أوامر القبض، والمنع من السفر، وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أيًّا كانت صفتها، ولها الحق في اتخاذ أي إجراءات احترازية تراها حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق أو الجهات القضائية بحسب الأحوال.

ومن مهام اللجنة أيضًا اتخاذ ما يلزم مع المتورطين في قضايا الفساد العام، واتخاذ ما تراه بحق الأشخاص والكيانات والأموال والأصول الثابتة والمنقولة في الداخل والخارج وإعادة الأموال للخزينة العامة للدولة وتسجيل الممتلكات والأصول باسم عقارات الدولة، ولها تقرير ما تراه محققًا للمصلحة العامة خاصة مع الذين أبدوا تجاوبهم معها، كما للجنة الحق في الاستعانة بمن تراه ولها تشكيل فرق للتحري والتحقيق وغير ذلك، ولها تفويض بعض أو كامل صلاحياتها لهذه الفرق.
وأكد بيان خادم الحرمين أنه عند اكمال اللجنة مهامها ترفع لنا تقريرًا مفصلًا عما توصلت إليه، وما اتخذته بهذا الشأن.

مراحل لقطع طريق الفاسدين

بدأت حملة مكافحة الفساد برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في نوفمبر 2017؛ لحصر المخالفات والجرائم والكيانات المتعلقة بقضايا الفساد في المملكة، لكنها بدأت تحصد ثمارها في 2018.

حيث أعلن النائب العامّ، الشيخ سعود المعجب، في فبراير 2018، التحفظ على 56 شخصًا من بين 381 تم استدعاؤهم، من اللجنة العليا لمكافحة الفساد، موضحًا أن القيمة المقدرة لمبالغ التسويات تجاوزت 400 مليار ريال متمثلة في عدة أصول (عقارات وشركات وأوراق مالية ونقد وغير ذلك).

ولن توجه حصيلة حملة مكافحة الفساد للاستثمار، بل سوف توجه إلى حسابات "دعم المواطنين"، كما قال وزير المالية محمد الجدعان، بهدف مساعدة المواطنين على مواجهة الارتفاع في الأسعار في 21 نوفمبر 2017، بعدما أصدرت حملة مكافحة الفساد التي يترأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تقريرًا يكشف حجم المخالفات في أحد قطاعات وزارة الحرس الوطني.

ورصد التقرير عدة مخالفات تتلخص في صرف بدلات إدارية ضخمة تصل إلى ملايين الريالات، وكذلك تقاضي رواتب ضخمة لا تتناسب مع الرواتب التي تم التعاقد على أساسها.

كما أفرجت اللجنة عن الأمير الوليد بن طلال قبل 3 أيام، وتحديدًا في 27 يناير 2018، كتاسع قرار لها بعد تبرئته من تهمة غسيل الأموال التي وجهت إليه، وأفرجت اللجنة في عاشر محطاتها الهامة، عن الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز في وقت مبكر؛ حيث قررت الهيئة ذلك في 29 نوفمبر الماضي، بعد توقيفه 3 أسابيع.

 وآخر القرارات التي اتخذتها لجنة مكافحة الفساد، هو إعلان نتائج التسويات التي تمت من جراء التحقيقات، التي شملت 381 شخصًا. وأحيلت جميع القضايا إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات النظامية، بحسب بيان النائب العام، وترتب على القرار الإفراج تباعًا عمن لم تثبت عليهم تهمة الفساد، وأيضًا إطلاق صراح من تمت التسوية معهم بعد إقرارهم بما نُسب إليهم من تهم فساد، بالإضافة إلى التحفظ على 56 شخصًا ممن رفض النائب العام التسوية معهم لوجود قضايا جنائية أخرى.

ليست نهاية.. الحرب على الفساد مستمرة

بعد ما يقرب من عام وشهرين من جديد أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود اطلاعه على التقرير المقدم من صاحب السمو الملكي ولي العهد، رئيس اللجنة العُليا لقضايا الفساد العام - المشكلة بالأمر الملكي رقم (أ / 38) بتاريخ 15/2/1439هـ المتضمن أن اللجنة أنهت أعمالها؛ حيث تم استدعاء (381) شخصًا، بعضهم للإدلاء بشهاداتهم.

وجرى استكمال دراسة ملفات المتهمين كافة، ومواجهتهم بما نسب إليهم، وتمت معالجة وضعهم تحت إشراف النيابة العامة، وقد تم إخلاء سبيل من لم تثبت عليهم تهمة الفساد، وإجراء التسوية مع (87) شخصًا بعد إقرارهم بما نسب إليهم وقبولهم للتسوية، وتم إحالة (56) شخصًا إلى النيابة العامة لاستكمال إجراءات التحقيق معهم، وفقًا للنظام؛ حيث رفض النائب العام التسوية معهم لوجود قضايا جنائية أخرى عليهم، وبلغ عدد من لم يقبل التسوية وتهمة الفساد ثابتة بحقه (8) أشخاص فقط، وأُحيلوا كذلك إلى النيابة العامة لمعاملتهم وفق المقتضى النظامي.

وقد نتج عن ذلك استعادة أموال للخزينة العامة للدولة تجاوزت في مجموعها (400) مليار ريال متمثلة في عدة أصول من عقارات وشركات وأوراق مالية ونقد وغير ذلك، وبذلك تكون اللجنة أنجزت المهام المنوطة بها وفق الأمر الملكي وحققت الغاية المرجوة من تشكيلها، ويطلب سموه الموافقة على إنهاء أعمالها.

وقد وجَّه المقام  بالموافقة على ذلك، وشكر رئيس اللجنة وأعضاءها وفرق العمل المنبثقة عنها على ما بذلوه من جهد وحرص، مؤكدًا استمرار الدولة على نهجها في حماية النزاهة ومكافحة الفساد والقضاء عليه، وردع كل من تسول له نفسه العبث بالمال العام، والتعدي عليه واستباحة حرمته، وأن على الأجهزة الضبطية والرقابية تعزيز دورها في ممارسة اختصاصاتها؛ بما يضمن الفاعلية وحماية المال العام والمحافظة عليه.

مرر للأسفل للمزيد