شعار يوم التأسيس

 
المحليات

شعار يوم التأسيس.. دلالات رموز تجسّد أصالة الدولة السعودية وجذورها العربية

فريق التحرير

يحل يوم 22 فبراير ليسجل احتفالًا تاريخيًّا بيوم التأسيس، وسط تجهيزات كبيرة أعدتها المملكة، لتدون جذورها وتجدد التذكير بماضٍ عريق شهد بناء الدولة السعودية الأولى.

واختارت المملكة شعار يوم التأسيس، وانتقت عناصره بعناية ليمثل أصول الدولة السعودية بعراقتها وتمثيلها للعروبة وشبه الجزيرة العربية.

ويتكون شعار يوم التأسيس من العلم السعودي، والنخلة، والصقر، والخيل العربية، والسوق، وهي خمسة عناصر جوهرية تعكس تناغماً تراثياً حياً، وأنماطًا مستمرة.

أما النص فقد اُستلهم خط الشعار من نمط الخط التاريخي الذي كتبت به إحدى المخطوطات التاريخية التي تؤرخ أحداث الدولة السعودية الأولى.

النخلة في عصر الدولة السعودية الأولى

عندما تتراءى لك شبه الجزيرة العربية لأول مرة وترى تلك النخيل السامقة في أرضها ستعلم يقيناً بأنك لم تضل الطريق، وضربت النخلة جذورها في أرض الدولة السعودية واحتلت مكانة مرموقة استطاعت بها أن تكون جزءًا أساسيًّا من الهوية والثقافة والتراث السعودي وكذلك مصدراً من مصادر الدخل بما تنتجه من تمور بأنواع مختلفة.

لم يقتصر عطاء النخلة على ثمرة التمر وسد رمق العيش فحسب، بل أمدت أجدادنا وآباءنا من سعفها وجريدها وجذوعها ليصنعوا كثيراً من المستلزمات الضرورية لمعيشتهم، كالمَنسف والحصرية والمهفة والسفرة والمبرد والزنابيل والسلال والقفاف وغيرها، تلك هي النخلة الفارعة الطول والممتدة القامة والمتجذرة في غياهب الأرض المعطاءة والسخية.

والتمور هي ثمرة النخلة وسيدة السفرة ومصدر الضيافة الرئيس في البيت السعودي، إذ لا يكاد يخلو بيت في وسط الجزيرة أو شاملها تمرة الكرم ورمز العطاء، ويبقى الاختلاف في الأنواع المنتجة، إذ إن نخلة الشمال تنتج نوعاً لا تنتجه نخلة الشرق، ونخلة الوسط تنتج ما لا تنتجه نخلة الغرب، وهكذا فالنخلة كريمة متنوعة العطايا أينما حلت تُعطينا من الثمر أطيبه.

وفي الدرعية -حارضة الدولة السعودية الأولى ومبتدأ أمجادها المتوالية- تبهرنا النخلة بكرمها وسخائها وتعدد أنواعها، إذ نجد من التمور الخضري والمكفزي ونبتة سفي، وعندما نذهب شمال غرب الدرعية باتجاه القصيم نجد كرم نخيلها يساقط علينا أنواعاً من لذيذ ثمرها، كالرشودي والقطار المعروف بحلاوته ولذته حيث ورد ذكره في إحدى قصائد شاعر من القرن الثاني عشر في وصف بديع:

مني سلام عد مأمور الامطار من مزنة كنه شخانيب قـــــاره

ألذ وأزين من مراطيب قطار لا جابه الخراف وسط الغضارة

أما شرقاً فتشرق لنا الأحساء بتاريخها الممتد وبمزارع نخيلها الوارفة وبتمورها الشهية، وأشهرها تتر الخلاص الذي أصبح رمزاً من رموزها إلى يومنا الحاضر، ثم نذهب شمالًا فتتراءى لنا الجوف بحلوتها التي تغنى بها الشعراء وكتب عنها الرحالة، حيث تغنى بها أحد الشعراء قائلًا:

لي جالك اللي يشتهون التعاليــل من حلوة الجوف نقلط قدوعه

حلوة هل الجوف مناها هو الكي يطرب مناها في عوالي فروعه

أحلى من الشهد المصفى محاليل لا ذاقهــا الجيعان يضيع جوعه

أما إذا توجهنا إلى الغرب اتجاه مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة المنورة، نجد النخيل الباسق الذي شهد قصصاً شتى على مر التاريخ ينتج لنا تمرة أطعم منها رسولنا الكريم وهي العجوة، حيث يروي الصحابيّ الجليل سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من تصبح سبع تمرات ٌّعجوة مل يضره ذلك اليوم سم ولا سحر».

ولجني التمر آنذاك قصص تُروى وترتبط بما يسمى موسم القيظ وهو شدة الحر، ولذلك اشُتق منها اسم المقياظ وهو الموسم المتعارف عليه لجني التمور من النخل، بل هو موسم جني كثير من المحصولات الزراعية في منطقة نجد، ومن أهمها نخيل التمور، وقد ارتبط هذا الموسم بالتفاعل الاجتماعي والنشاط الاقتصادي الدائب، وسمي القيظ لوقوعه في أيام موسم الحر الشديد «من الأول من شهر أغسطس حتى الخامس عشر من شهر سبتمبر»، ولذلك يسمى شهر يوليو (طباخ اللون أو طباخ التمر)، وذلك لشدة الحر فيه إذ تصطبغ في التمور باللونين الأصفر والأحمر حسب أنواعها.

الخيل في عصر الدولة السعودية الأولى

العلاقة بين الخيل والعربي في صحراء الجزيرة العربية، علاقة ذات جذور عميقة منذ القدم؛ حيث المهد الأول للخيل في الجزيرة العربية كما أثبتت الاكتشافات الأثرية الحديثة بالمملكة العربية السعودية، وعلى أراضيها استؤنست الخيول لأول مرة في تاريخ العالم، ويعود ذلك إلى 9 آلاف عام مضت من تاريخ البشرية.

وارتبطت الخيول العربية بالأصالة منذ القدم، وكان أول من ركب الخيل قبل الإسلام من العرب، هو سيدنا إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام، وبعد الإسلام وردت في الخيل أحاديث نبوية تعزز من مكانتها فـ" الخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وأهلُها معانون عليها، والمنفُقِ عليها كالباسط َ يده بالصدقة»، فزادت العلاقة ما بين العربي والخيل إلى حد أن أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن ينقي صاحب الخيل الشعير لها.

وقد ارتبط حضور الخيل والفروسية بتاريخ الجزيرة العربية، وخلد المؤرخون والشعراء أسماءها وسلالاتها وفرسانها وأوصافها وأفعالها، ولم تنفك عن الذكر منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى حتى وقتنا الحاضر، حيث حرص الأئمة على اقتناء نجائب الخيل واحتكار بعض أنواعها، وهو ما أعطاها قيمة معنوية ومادية أكثر من ذي قبل، ويذكر ابن بشر في كتابه «عنوان المجد في تاريخ نجد»: «أن الإمام سعود بن عبدالعزيز كان يملك في مرابطه ألفاً وأربعمائة فرس، هذا غير الذي يملكه أبناؤه وأتباعه».

وكان لاهتمام أئمة الدولة السعودية الأولى بمرابط الخيل والخيول العربية الأصيلة وعنايتهم بها دور في إنقاذها وتكاثرها بالمنطقة. كما انتشر كثير من المرابط لدى القبائل والأسر الكبيرة في أنحاء البلاد السعودية، لتسهم في تحسين سلالات الخيول العربية الأصيلة وحفظها في الجزيرة العربية.

وقد كان للإمام سعود بن عبدالعزيز عظيم الاهتمام بأصايل الخيل، وكان يمتلك أفضل المهار العربية، ومنها ألف وأربعمائة فرس، منها ستمائة فرس يركبها رجال انتقاهم من شجعان البوادي. وكان ينفق على الخيل الغالي والنفيس، وقد اشترى أكثرها بأثمان باهظة، عِرف عنه أنه دفع مبلغًا يساوي خمسمائة وخمسين أو ستمئة جنيه إسترليني ثمنا ج لفرس واحدة. وكان يبقي منها ثلاثمئة أو أربعمئة في الدرعية دائمًا، وبقيتها في منطقة الأحساء، لوجود الأعلاف المناسبة لها. وكان لديه فرس مفضلة اسمها «كريعة» يركبها دائمًا في حملاته العسكرية حتى أصبحت مشهورة في جزيرة العرب كلها.

وقد سمح الإمام سعود لكل واحد من أبنائه باتخاذ حاشية تتكون من 150 خيالًا وكان لدى عبدالله في حياة أبيه نحو 300 خيال.

الصقارة في عصر الدولة السعودية الأولى

تعد رياضة الصيد بالصقور من الرياضات والهوايات الشهيرة في مجتمع الجزيرة العربية وهي إحدى أصناف علم "البيزرة" المعروف في تراثنا العربي.

وقد طوع الإنسان الجوارح من أجل الصيد الذي كان لسببين: الأول من أجل أن يجد لقمة عيشه، والآخر ترفيهي لقضاء وقت ممتع، وارتبط الصيد بالعرب منذ القدم، وقد كان ينظر لرياضة الصيد بالصقور على أنها رياضة للملوك والزعماء والأعيان، وتحدث الرحالة الأجانب في زيارتهم لمناطق الجزيرة العربية عن هذه الرياضة.

و كان أفضل أنواع الصقور التي كان لها شعبية كبيرة الحر والشاهين والوكري، وكل أنواع الصقور تأتي مهاجرة إلى الجزيرة العربية، حيث تصاد فيها أو يؤتى بها مستوردة من مواطنها الأصلية، وذلك فيما عدا الوكري وشاهين الجبل المتوطنة في الجزيرة العربية.

وإبان فترة الدولة السعودية الأولى، كانت الصقور من الهدايا التي تهدى بين شيوخ القبائل رمزاً للصلح في حال الخلافات بينهم.

السوق في عصر الدولة السعودية الأولى

السوق دكاكين أو موائد مبسوطة على الأرض، تُعرض عليها البضائع، ولا تزال مثل هذه تُقام إلى يومنا هذا في القرى، أو في الأرياف، وينعقد كل أسبوع، ومنها ما لا ينعقد إلا مرةً في الشهر، أو مرةً في السنة، ومنها ما ينعقد مرة في بضع سنني، وقد شهدت الدولة السعودية الأولى في عهد أئمتها أوج اتساعها الجغرافي والسياسي، وبلغت أقصى قوتها ومجدها، وتعددت مصادر الدخل وثروات سكان مركز الدولة في الدرعية، وانعكس ذلك على الأسواق التجارية، والقصور السكنية، والرقعة الزراعية، وتوافد ذوي الخبرات والصناعات من داخل الدولة وخارجها إلى الدرعية، ونتج عن ذلك تمتع الناس في الدرعية بحياة اقتصادية جيدة.

وكان كثير من مواطني الدولة السعودية الأولى يعملون في مهنة التجارة التي تمثل موردًا أساسيًّا لأهل البلدة إلى جانب الزراعة والفلاحة.

وكان نمط أسواق الدولة السعودية الأولى على شكل دكاكين تصطف في الشوارع الواسعة بجوار القصر أو المسجد، حيث تتسع للمتسوقين وبضائعهم ودواب النقل التي ترد إلى السوق لنقل البضائع أو لعرضها للبيع.

هذه الأسواق كانت تسمى الَموسم، وهي لهجة محلية تعني موضع البيع والشراء، ولا تعني المواسم المؤقتة للبيع، بل هي دكاكين دائمة مملوءة بالبضائع، يزدحم بينها المتسوقون والمارون بها، واشتهرت الدولة السعودية الأولى بأسواقها العامرة، في نجد والحجاز وتهامة.

العلم في الدولة السعودية الأولى

العلَم رمز للوحدة والانتماء والوطنية، وترفع الأعلام في المعارك لرفع روح الوطنية والانتماء العلم للمحاربين، كما أنها ترفع في الدور الحكومية والمناسبات.

العلم السعودي الحالي ما هو سوى امتداد لعلم الدولة السعودية الأولى، وقد مر العلم السعودي بعدة مراحل حتى وصوله إلى شكله الحالي، وكانت أول تلك المراحل في عهد المؤسس الإمام محمد بن سعود، وكان علمًا أخضر مشغولًا من الخز والإبريسم، ويكون جزؤه القريب من الحامل أبيض، واللون الأخضر يرمز إلى النماء والعطاء والرخاء، وتتوسطه كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وقد استمر هذا العلم حتى الدولة السعودية الثانية.

في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- اتخذ علم الدولة السعودية الأولى مع إضافة سيف تحت كلمة (لا إله إلا الله)، واعتمد شكل العلم السعودي وهو علم أخضر مع كتابة كلمة التوحيد باللون الأبيض متوسطة العلم وفي أسفله السيف المسلول الذي يرمز للقوة موازياً لكلمة التوحيد.

مرر للأسفل للمزيد