خادم الحرمين الشريفين الملك ـ سلمان بن عبد العزيز آل سعود 
المحليات

بعد زيارة خادم الحرمين لقصر المصمك.. ما أهمية الحصن في تاريخ المملكة؟

فريق التحرير

زار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، اليوم الخميس، منطقة قصر الحكم بمدينة الرياض، شملت مقر إمارة منطقة الرياض وقصر المصمك الذي يُشكل رمزية مهمة في تاريخ الدولة السعودية وقصة كفاح الملك عبدالعزيز في توحيد المملكة.

فمن على أرض قصر المصمك وانطلاقًا من أبوابه استعاد الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- حكم الأجداد، وانطلق في رحلة التوحيد والجهاد، وصولًا إلى إقامة الدولة السعودية الثالثة والتي تحتل اليوم مكانة متقدمة ضمن كبريات اقتصاديات العالم.

حصن المصمك

تعود قصة بناء حصن المصمك إلى عهد الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي آل سعود، الذي شرع في تشييده عام 1282هـ - 1865م ضمن قصر كبير في الرياض، وأطلق عليه المصمك، نسبة لمواصفات بنائه السميكة والمرتفعة، ليظل على مدى 148 عامًا متربعًا وسط الرياض القديمة التي يقطعها آنذاك شارع شمالي جنوبي يسمى «السويلم» وشرقي غربي يسمى «الثميري»، محاطة بسور طيني يبلغ ارتفاعه 20 قدما، وله خمس بوابات هي «الثميري، السويلم، دخنه، المذبح الشميسي»، وفقًا لما ذكرته دارة الملك عبدالعزيز.

عراقة تربط الماضي بالحاضر

ولم تغب مكانة حصن المصمك في الرياض الحديثة، فقد برز بشموخه التاريخي العريق وبنائه الطيني القديم وسط المباني الحديثة والطرق المعبّدة التي تجاوره، محيطة بأركانه وجدرانه إضاءات بألوان الذهب تعكس للناظر «حينما يدنو النهار» هيبة حضور الحصن الذي وصفه المعماري البريطاني المعروف كريستوفر الكسندر بأنه «الغموض الممتع» الذي يدفعك إلى المشاهدة ومحاولة الاكتشاف؛ حيث جمع المصمك في تصميمه ما بين الصرح العمراني العريق وتكوين العمارة التقليدية.

وبنى حصن المصمك من اللبن والطين الممزوج بالتبن، والأساس من الحجارة، فيما كسيت جدرانه الخارجية والداخلية بلياسة من الطين، أما أعمدته ومداخل أبوابه فكسيت بطبقة من الجص، واستخدم في تغطية أسقفه خشب جذوع شجر الأثل، والجريد، وسعف النخل المغطى بطبقة من الطين؛ ليبرز هذا الموروث المعماري البسيط أهمية المصمك كحصن دفاعي من جهة، وكوسيلة لترسيخ عُمق الهوية السعودية من جهة ثانية.

ترميم شامل

وفي عام 1399هـ، قامت أمانة مدينة الرياض بوضع خطة ترميم شاملة للحصن، وأجريت له إصلاحات عامة من الداخل والخارج اكتملت عام 1403هـ؛ حيث صدرت توجيهات المقام السامي بتسليمه إلى الإدارة العامة للآثار والمتاحف، تبعها توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود «حينما كان أميرًا لمنطقة الرياض آنذاك»، بتحويل المصمك إلى متحف متخصّص عن مراحل تأسيس وتوحيد المملكة، وافتتحه - حفظه الله - في الثالث عشر من شهر محرم عام 1416هـ.

ويميز حصن المصمك بوابته الخشبية الرئيسة الواقعة في الجهة الغربية للمبنى على ارتفاع 3.60 متر وعرض 2.65 متر، وبسمك 10 سنتيمترات، ويوجد على البوابة ثلاثة عوارض يصل سمك الواحدة منها نحو 25 سنتيمترا، وفي وسطها فتحة ضيقة تُسمى "الخوخه"، وعند عبور الزائر هذه البوابة لدخول الحصن، يلفت نظره في الجهة اليسرى "المسجد" الذي يحتوي على عدة أعمدة طينية سميكة، وفي جدرانه أرفف متعددة للمصاحف، إضافة إلى محراب مجصّص وفتحات للتهوية في السقف والجدران.

كما يتميز بـ «الديوانية» التي تقع في مدخله الغربي، محتوية على غرفة مستطيلة الشكل يقف في زاويتها ما يسمى بالوجار «مكان إعداد القهوة»، ويخترق الهواء جهتها الغربية والجنوبية عبر فتحات للتهوية والإنارة، في حين يتوسط فناء الحصن من الجهة الشمالية الشرقية «البئر» الذي تُسحب منه المياه عن طريق المحالة المركبة على فوهته بواسطة الدلو، ليمدّ أرجاء المصمك بالمياه اللازمة للشرب.

4 أبراج مخروطية

وللمصمك أربعة أبراج مخروطية الشكل، يبلغ ارتفاع الواحدة منها 14 مترًا وفي الوسط يوجد برج يسمى «المربعة» بطول 18 مترًا يطل على الحصن من خلال الشرفة العليا، كما يوجد فناء رئيسي تحيط به غرفة ذات أعمدة متصلة ببعضها البعض داخليًا ويوجد بالفناء درج في جهة الشرقية يؤدي إلى الدور الأول من الحصن والسطح، علاوة على ثلاث وحدات سكنية الأولى استخدمت لإقامة الحاكم، والثانية كبيت للمال، والثالثة لإقامة الضيوف.

ولم تقف عجلة تطوير حصن المصمك إلى هنا، بل دشنت وزارة السياحة خطة تطوير العروض المتحفية فيه، لترتفع أجنحة الحصن من خمسة إلى عشرة أجنحة تحتوي على أكثر من 17 قاعة، تحكي تاريخ فناء المصمك، وزمن استرداد الرياض، واقتحام المصمك، والروّاد، والرياض القديمة، والمصمك واستخداماته، والقاعة الأخيرة، وفناء البئر، والعروض المؤقتة، علاوة على قصة توحيد المملكة وإنجازات الملك عبدالعزيز - رحمه الله - مزودة بالصور والخرائط والمجسمات والأفلام التوضيحية.

وضمن خطة هذه الأعمال تم إنشاء محطة لزيادة الطاقة الكهربائية بالحصن، واستخدام أساليب إضاءة حديثة داخل قاعاته وغرفه، علاوة على تكييف المبنى وفق أرقى أنظمة التكييف المخفية، وتركيب مظلات في بعض مساحاته لحجب الشمس والغبار عن الزائرين، وتركيب شاشات عرض تلفزيونية في بعض القاعات والأبراج، وتأثيث الديوانية، وتجهيز قاعة لاستقبال كبار الزوّار.

ويفتح المصمك أبوابه خلال فترات العيدين، واحتفالات ذكرى اليوم الوطني، والمناسبات الوطنية الأخرى، مع تأمين مرشدين سياحيين للزوار لشرح مكونات القصر.

زيارة خادم الحرمين الشريفين

تجول خادم الحرمين الشريفين في أرجاء قصر المصمك، اليوم، وما يضمه من مسجد ومجلس (الديوانية)، وفناء رئيس وأفنية أخرى مكشوفة، ودور علوي، وبعض قطع التراث الشعبي؛ حيث يعد المصمك معلماً تاريخيًا وتراثيًا شُرِع في بنائه في عهد الإمام عبد الله بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود، في عام 1282هـ / 1865م، ويحكي قصة كفاح الملك عبد العزيز - رحمه الله - في توحيد المملكة العربية السعودية.

رافق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، في الزيارة كل من: الأمير منصور بن سعود بن عبدالعزيز، والأمير خالد بن سعد بن فهد، والأمير سطام بن سعود بن عبدالعزيز، والأمير فيصل بن سعود بن محمد، والأمير الدكتور حسام بن سعود بن عبد العزيز أمير منطقة الباحة، والأمير الدكتور عبد العزيز بن سطام بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير الدكتور فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، والأمير سعود بن سلمان بن عبد العزيز، والأمير عبدالمجيد بن عبدالإله بن عبد العزيز.

مرر للأسفل للمزيد