وثيقة المدينة المنورة 
المحليات

وثيقة المدينة المنورة تعيد زوّار معرض الهجرة في «إثراء» إلى تاريخ الإسلام

فريق التحرير

لم يكن مستغربًا أن تسعى الدولة الإسلامية إلى التنظيم وبث العدل والتآخي بين الناس، وعبر وثيقة المدينة المنورة تحديداً ارتسمت ملامح الوحدة والاستقرار منذ ذلك العهد، إلى أن أصبحت بنودها بمثابة مرجع للبشرية.

 تلك الوثيقة التي استحضر مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) تاريخها عبر معرض الهجرة المقام به، أعادت بريق صورة الإسلام في التعايش والتسامح بين الأديان بحسب ما نصت عليه وفقًا لبنودها الـ 52  منها للمسلمين وأخرى لغير المسلمين وجميعها تضمن الأمن والأمان لكل من يدخل ويخرج من المدينة المنورة، ليكون الجميع "أمة واحدة"بحسب الوثيقة التي تستدعي الانغماس في تاريخ الإسلام.

وباستلهام التاريخ واستحضار مراحله شكَلت الوثيقة التي تشبه ما يسمى بـ القانون في العصر الحالي ، منعطفًا تاريخيًا لمبادئ الدين الإسلامي القائم على التعايش بين الأديان والتسامح بين البشر باعتبارها فرصة لمعرفة الثقافات لكل طائفة ولا تخرج عن النمط الذي عمل على إرساءه النبي محمد ﷺ وفي العودة إلى بنودها التي غلب عليها طابع المساواة والعدل بين البشر ندرك أن التنظيم وفاعلية القانون ينيران طريق الحق بعيداً عن الفوضى لاسيما أن النور يسطع بين ثناياها ليمتد ضياءه لحقبة زمنية من عهد الرسول ﷺ استمرت ليومنا هذا.

العديد من الزوّار لمعرض الهجرة في إثراء تستوقفهم وثيقة المدينة المنورة التي دوّنها الشيخ عثمان طه برفقة الخطاط أسامة القحطاني، فجاءت منظمة لعدد من القضايا والمبادئ السياسية والمالية والاجتماعية في مجتمع المدينة المنورة بين المهاجرين والأنصار واليهود وغيرهم من فئات يتعايشون داخل المجتمع المدني عبر فلسفة موحدة وقوالب متشابهة أحدثت ظهور للإسلام تحديداً مبدأ الوسطية بعيداً عن المغالاة مما ساهم في بناء مجتمعات ذات تكافل ممزوج بروح المؤاخاة على غرار الأسرة الواحدة.

الوثيقة التي نظّمت حياة المهاجرين والأنصار مع اليهود آنذاك، رسّخت صورة لطالما عززت من التاريخ الإسلامي وحضارته وصولًا إلى التوافق بين كافة الفصائل، مما أتاح الحريات بكافة أنواعها، وعلى الرغم من تعدد الروايات حول طرق ورودها إلا أن نصها كان ثابتًا وتداولها المهتمين في السيرة النبوية عبر العصور بأشكال مختلفة وطرق متنوّعة ببنود موحدة كان أساسها الحفاظ على الأمن وحماية الدولة.

النهج الذي اتخذته وثيقة المدينة المنورة حدد إطار استطاع تنظيم حياة السكان، فما بين ذاك الزمن وعصرنا الحالي ثمة تقاطعات إلا أن مبادئ الوثيقة لازالت تسري بين روابط الحياة الاجتماعية عبر تكوين المجتمعات من حيث الالتزام بمبدأ الاحترام؛ لنثر روح المؤاخاة دون تمييز وهذا ما تناوله العديد من الباحثين في السيرة النبوية، فمنهم من بحث في كيفية ترسيخ مبدأ التكافل الاجتماعي مع إقرار نهج المسؤولية الفردية وآخرون استخلصوا الصبغة القانونية ذات الأبعاد التاريخية والحضارية؛ لتكون بمثابة ذاكرة للوقت والمكان بما تحويه من أفكار وتصّورات ومبادئ لا تنضب.

الجدير بالذكر أن معرض الهجرة افتتحه أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، في يوليو 2022 ويضم مجموعة من القطع والمقتنيات الأثرية إذ يشمل 14 محطة تفاعلية صُممت بدقة عبر خبراء محليين وعالميين، وفيلم وثائقي، وكتاب يروي قصة الهجرة حيث تم العمل على إعداد وتصميم المعرض مدة ثلاث سنوات بمساعدة أكثر من 70 باحثًا وفنانًا.

مرر للأسفل للمزيد