المحليات

«مناعة القطيع» توجه عالمي في ظل ارتفاع إصابات «كورونا» رغم الإجراءات الصارمة

وفق ما ذكر متخصصون لـ«عاجل»..

سامية البريدي

حدد متخصصون ل«عاجل»، السياسة الأنسب (الكبح أو التخفيف) التى يمكن تطبيقها في المملكة، لمواجهة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) ومميزات وعيوب كل سياسة، على المستويين الاقتصادي والشعب، كما تحدثوا لـ«عاجل»، عن مصير ما يُسمَّى بـ«المناعة الجماعية»، وكيف تتكون؟ وهل هناك نسبة معينة من الإصابات يتم بعدها وصول المناعة المذكورة إلى مرحلة مطمئنة؟

وكشف المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، الدكتور محمد العبدالعالي، خلال المؤتمر الأسبوعي للإعلان عن تطورات الفيروس بالمملكة، أن إصابة ما بين 20 إلى 45% من عدد السكان بكورونا، فإن هذا الانتشار السريع تتولد عنه مناعة جماعية.

ولتفسير هذه المعلومة، استطلعت «عاجل» آراء متخصصين في الفيروسات؛ حيث أوضح د. عبدالرحيم رفدان حكمي (أستاذ علم الفيروسات المساعد بجامعة الملك خالد) أنَّ هناك فيروسات انتشرت بين الناس ويصعب تفاديها، لاسيما فيروسات «الهربس»، تصيب أغلب سكان العالم.

وبين د. حكمي أنَّ الأغلبية تحمل الفيروس دون أعراض، الذي ينشط في حالات محددة (الانهيار النفسي، نقص المناعة) وأنَّ التعايش مع «الهربس» يعود إلى أنه ليس من الفيروسات القاتلة، كما أنَّ معظم المصابين به عالميًا لا تظهر عليهم أي أعراض.

إحصاءات الإصابات بفيروس كورونا افتراض

وقال د. حكمي إن بعض الإحصاءات تشير إلى أنَّ أعداد الإصابات بكورونا تفوق عشرات الضعاف الأعداد المعلنة، لكن تظل هذه التقديرات مجرد افتراض لأنّ عدد الفحوصات التي تقوم بها الدول متباينة، ويعتبر المسح النشط أحد المتغيرات لهذه الفرضيات.

وانطلاقًا من أنّ هذه الإحصاءات قد تكون صحيحة، فمن الطبيعي أن ما يتراوح بين ربع ونصف سكان العالم أصيبوا بفيروس كورونا، كما هو الحال مع «الهربس»، ومع الفيروس التنفسي المضخم للخلايا، وغيرهم من الفيروسات.

وأشار د. حكمي إلى أنّ ما يتم إعلانه من نسب الإصابات يعبر عن تكون الأجسام المضادة التى تمنع انتشار المرض أو على الأقل تحد من الانتشار القوي، وكذلك الحال بالنسبة للفيروسات الأخرى، حيث يتولد لدى عدد كبير من المصابين بها مناعة ذاتية.

فاعلية الأجسام المضادة للفيروسات

وحول فاعلية الأجسام المضادة، قال د. حكمي: هناك الفعال جدًا، وهناك الأقل فاعلية كما هو الحال مع فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) وفيروس الكبد الوبائي (ج)، حيث لا تقوم الأجسام المضادة بدور كبير لحماية المصابين بالفيروسين.

وأوضح د. حكمي أنَّه لهذا قد تصل نسبة الحالات المزمنة المصابة بفيروس الكبد الوبائي (ج) إلى 85%، أما بالنسبة لفيروس كورونا المستجد، فإننا مازلنا بحاجة للمزيد من الدراسات حتى نتأكد من نجاعة الأجسام المضادة التي تتكوّن.

نسبة التعافي من كورونا أعادت الطمأنة للعالم

ونبَّه د. حكمي إلى أنه من خلال حالات التعافي حول العالم (3،5 مليون حالة، من أصل 7 ملايين إصابة إجمالية بالفيروس) فإنّ النسبة أفضل من بقية الفيروسات المعروفة حيث تصل حالات الشفاء في بعضها إلى 15% فقط.

وأكَّد د. حكمي أنَّ الأجسام المضادة داخل المتعافين في حالات كورونا قد تستمر لمدة عام تقريبًا، ومن ثم فالواجب أن نتعلم الدرس من هذا الوباء بأن تكون الاحتياطات عادة عندنا في كل الأوقات حتى تثبت الأبحاث الطبية أو تنفي ما هو متداول من معلومات حول الفيروس.

واتجهت دول العالم إلى فرض هذه السياسة الطبية بصمتٍ خاصةً بعد تخفيف الإجراءات والعودة للحياة، عبر تطبيق المناعة المجتمعية، دون الإعلان عن ذلك رسميًّا، خاصة أنَّ نسبة الإصابات العالية حدثت رغم اتخاذ أغلب الدول إجراءات صارمة للحدِّ من الفيروس.

التعافي من كورونا أعلى 8 أضعاف من عدد الوفيات

وتابع د. حكمي: الحكومات كانت قلقةً منذ البداية، لأنها وجدت نفسها أمام فيروس مجهول ناشئ، لا تعرف عنه سوى القليل، غير حالة القلق تراجعت، مؤخرًا، بعد نسبة التعافي الآن (تجاوزت 3،5 مليون حالة) باتت أعلى ثمانية أضعاف من عدد الوفيات.

وأضاف د. حكمي إن أكثر ما يقلق بعض الدول، حاليًا، هو ارتفاع الحالات الحرجة مقارنة بالطاقة الاستيعابية لأسرّة العناية المركزة، فالإجراءات التي يجب اتباعها في هذه المرحلة (مرحلة العودة بحذر) ألا يكون هناك ضغط على الطاقة التشغيلية للعنايات المركزة.

وتطرق د. حكمي للعوامل التي تلعب دورًا مهمًا في تحديد خطورة أي فيروس، يتصدرها: أعداد الوفيات، حالات الشفاء، الحالة الصحية للأشخاص، وجود علاج وتطعيم، الطاقة الاستيعابية للمراكز الصحية والمستشفيات، فضلًا عن طفرات الفيروس بعد انتشاره.

مؤشرات المملكة جيدة في التعامل مع كورونا

ونبَّه د. حكمي إلى أنّ كلّ عامل يعطينا دلالة أنّ المؤشر يسير باتجاه الطريق الإيجابي أو السلبي، مؤكدا أنّ كثيرًا من تلك المؤشرات إيجابي، في المملكة العربية السعودية، خاصة أنّ حالات الوفيات لدينا تعدّ بين الأقل على مستوى عالميًا.

وأضاف: جهود وزارة الصحة والجهات المعنية في المملكة تطمئن المجتمع (المواطنين، والمقيمين)، ونتمنى من كل فرد الالتزام بالإرشادات حتى يستطيع المتخصصون والمسؤولون دراسة وتقييم الوضع الراهن للوباء، واتخاذ القرارات المستقبلية المناسبة.

المناعة الجماعية تتحقق بنسبة إصابات بين ٤٠ و٦٠٪.

بدوره، قال الدكتور طارق الأزرقي (استشاري الأمراض المعدية والوبائية، رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى عسير، عضو اللجنة الوطنية للأمراض المعدية) إنّه لا يوجد دراسة تبيّن عدد المصابين بفيروس كورونا في السعودية الذين تكونت لديهم مناعة.

لكنّه الأزرقي قال ربما تكون النسبة بين ٢% وليس ٢٠٪، فيما المناعة الجماعية (مناعة القطيع) تتكون عندما تكون النسبة بين ٤٠ و٦٠٪ من عدد السكان المصابين، وبعدها يبدأ عدد المصابين في التراجع، موضحًا أن دول العالم تتجه إلى سياسة التخفيف بدلاً من الكبح المرهقة اقتصاديًا.

الكبح والتخفيف في مواجهة فيروس كورونا

ونبَّه الأزرقي إلى أنّ سياسة الكبح تهدف إلى منع العدوى بفيروس كورونا وجعل معدل انتشارها أقل من 1% مع التباعد الاجتماعي، والرصد، والعزل، وفحص المخالطين، وإغلاق المدارس والجامعات، ومنع التجول (الكامل، والجزئي).

وتستهدف سياسة التخفيف تقليل سرعة انتشار العدوى وجعل معدل انتشارها قريبًا من 1%، مع التباعد الاجتماعي، والرصد، والعزل، وفحص المخالطين، واستمرار المدارس والجامعات واستمرار الأعمال الحكومية والخاصة.

لا يوجد لقاح فعال بنسبة 100% لمواجهة فيروس كورونا

وأكَّد الأزرقي أنّه لابدّ من الأخذ بعين الاعتبار أنه ليس هناك لقاح في المنظور القريب وليس هناك علاج فعَّال 100% حتى الآن مع فيروس كورونا، مشيرًا إلى أنّ مميزات الكبح منع العدوى، والحد من الوفيات، ومنع وصول الإصابات المرضية إلى مستوى يفوق الخدمات الصحية.

وتابع: لكن عيوب سياسة الكبح أن خسائرها الاقتصادية كبيرة، ومشكلاتها النفسية على مستوى الفرد والمجتمع أعلى، كما أن تأثير السلبي على التعليم والتطور العلمي يفاقم من حدة الأزمة، ولا يمكن تطبيق هذه السياسة لفترات طويلة.

ونبَّه الأزرقي إلى أنَّ سياسة التخفيف يمكن أن تطبق لفترة طويلة، وتساعد على تقليل العدوى، والوفيات، وتكوين مناعة مجتمعية، ومواصلة العملية التعليمية، ومن عيوبها زيادة الإصابات، ووصول الإصابات المرضية إلى مستوى أعلى من قدرة واستيعاب الخدمات الصحية المتاحة.

ونبَّه الأزرقي إلى أنَّ السياسة التي يفضل تطبيقها في المملكة هي «التخفيف»، كأساس للسيطرة على فيروس كورونا، واللجوء إلى سياسة الكبح عند الضرورة (وصول إشغال الطاقة السريرية للعنايات المركزه مرحله حرجه تحددها طوارئ وزارة الصحة).

اقرأ أيضًا:

مرر للأسفل للمزيد