حذّر المحلل السياسي الدكتور فهد الشليمي من الموقع الذي يتمركز فيه خزان النفط «صافر»، بالتزامن مع الاجتماع الاستثنائي لوزراء البيئة العرب، لبحث أزمة الخزان الذي يقع في نطاق سيطرة جماعة الحوثي الإرهابية (المدعومة من إيران)، ونبَّه الشليمي خلال تصريحات خاصة لـ«عاجل»، إلى أنَّ خزان صافر يقع في مكان خطر جدًا في البحر الأحمر، خاصة على الدول المتشاطئة فيه؛ السعودية، مصر، اليمن، ما يهدّد شواطئها، لاسيما المحميات البحرية.
وقال الشليمي، إنَّ أيَّ تسرب نفطي من خزان صافر؛ سيشكل كارثة بيئية غير مسبوقة في البحر الأحمر كممر ملاحي كبير، كون تسرب الوقود سيقتل الثروة الحيوانية في المنطقة كلها ويدمر الثروة السمكية، كما سيكون له تأثير كبير أيضًا على خطوط الملاحة الدولية بسبب بقع الزيت، كون الكمية الضخمة الموجودة في خزان صافر كبيرة، وهي في أرض حرب.
وفسّر الشليمي سبب تمسك ميليشيات الحوثي (المدعومة من إيران) بعدم التوصل إلى حل أو حتى تأمين الخزان أو تفريغه، ضمن عملية الابتزاز التى تقوم بها الميليشيات؛ من أجل الحصول على مكاسب سياسية، ضمن مخطط إجرامي بحق البيئة، على غرار إجرام الميليشيات بحق الإنسان، وهو الأمر الذي دفع وزراء البيئة العرب إلى عقد اجتماع مهم لبحث ملف خزان صافر.
وعبر الشليمي عن دهشته من تراخي المؤسسات الدولية، خاصة مجلس الأمن، رغم المخاطبات الإقليمية المستمرة منذ نحو 5 أشهر، وكلها تحذر من مخاطر خزان صافر، ما يدفعنا لمناشدة الأمم المتحدة إلى ضرورة المسارعة بالتدخل، وكذلك الدول الكبرى.
المثير أيضًا، أنه رغم المخاطر البيئية (بحسب الشليمي)، لم يتحرك الكثير من أنصار البيئة في العالم (منظمة السلام الأخضر والجماعة البيئية)؛ للضغط على حكوماتهم، ما يدفعنا لمطالبة الجهات المعنية بحماية البيئة من التلوث إلى سرع التحرك.
بدوره، أوضح المستشار البيئي لمركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز للبحوث والدراسات البيئية والسياحية بجامعة الملك خالد، الدكتور سامي محمد، الأضرار البيئية المترتبة على التطورات الدرامية لخزان صافر، موضحًا أنَّ الخزان ضخم جدًا، ويعتبر ثالث أكبر خزان على مستوى العالم بالبحار، والغرض منها تخزين النفط، وكان موجودًا في الثمانينيات والقلق من تسرب الكمية نتيجة عدم وجود صيانة.
وأضاف الدكتور سامي محمد أن مشكلات التسرب والتلوث النفطي الناتج عنها لها تأثير كبير على البيئة حيث يقع الخزان قرب 90 جزيرة يمنية، وكل الجزر الموجودة في ممر التسرب ستفقد التنوع الحيوي، وهناك محميات طبيعية تضم أشجارًا بكميات هائلة جميعها ستتعرض لكارثة، وكذلك الشعب المرجانية (من 250 إلى 350 نوع)، ستنتهي والأسماك في البحر الأحمر كثيرة (800 نوع).
وكل هذه الأنواع (بحسب الدكتور سامي)، ستفقد، وكذلك الصيادون الذين يعتمدون في مصدر رزقهم على الأسماك لن يكون لديهم مصدر دخل في حال تطورت الأمور إلى الأسوأ، وكذلك الطحالب، كون الأسماك تتغذى عليها، وهناك دورة بيولوجية كاملة تدور، والكائنات الحية تستفيد من بعضها، وتأخذ منها، ونتيجة التسرب سنفقد الطحالب.
ونبَّه الدكتور سامي، إلى أن منطقة الساحل غنية جدًا بالطيور، وفيها أكثر من 300 نوع ستنتهي نتيجة التسرب والتلوث ما يؤثر على أشكال الحياة سواء الإنسان أو الكائنات البرية أو البحرية، كلها ستتأثر سواء بالموت أو الانقراض، بالإضافة إلى التأثيرات الكيماوية على تلوث الماء والشواطئ وتحلية المياه والمواد الكيماوية التى ستتسرب لمياه الشرب.
وأشار الدكتور سامي محمد إلى أنَّ عمليات المعالجة تأخذ وقتًا كبيرًا، كما حدث في حرب الخليج الثانية (تحرير الكويت)، حيث لاتزال المعاناة مستمرة من التأثيرات التي حصلت حتى الآن ولن يكون حلها بالأمر السهل، والذي يفاقم المشكلة أنَّ الدول العربية التي تطلّ على الخليج العربي أو على البحر المتوسط أو البحر الأحمر تعد شبه مغلقة حيث لا يحدث تجديد للهواء أو الماء بصورة كبيرة، وتأخذ قرابة 100 عام أو أكثر في هذا الشأن، خاصة أنَّ البحار مخزن للملوثات، فما بال تعرضها لتلوث نفطي؟!
وحدوث أى تلوث مرتقب من شأنه التأثير على الأسماك والكائنات البحرية التي يتغذى عليها الإنسان بعدما تختزن الهيدروكربون والمواد الملوثة جراء التسرب النفطي، كما أن بعض الأدوية التي تستخرج من الشعاب المرجانية والطحالب وغيرها ستتوقف، كذلك ستتأثر المياه الجوفية، بعد تسرب الملوثات للطبقات الصخرية.
وفيما حذر الدكتور سامي محمد من النتائج الكارثية لخزان صافر، فقد تطرق لطرق معروفة عالميًا لمعالجة تسرب النفط بطرق حيوية (استخدام بعض البكتيريا والميكروبات في امتصاص والتغذية على الهيدروكربون، حيث تتكاثر البكتيريا وتنمو بشكل سريع، وتؤثر على البقع النفطية وتحد منها، وهناك طرق أخرى كالأذرع العائمة وهي لا تسبب أي أضرار على البيئة، عبر استخدام تقنية معينة (مسح، وشفط الأحواض المائية التي فيها البقع بحيث تعوم الأذرع وتأخذ الماء بالنفط نفسه وتخرجه).
وهناك (بحسب محمد)، طريقة القشط بالأذرع الرافعة، حيث تعمل قشط للبقع النفطية وترفعها على السطح ثم تضعه بخزان آخر وبعدها تحصل لها معالجة، وهناك مواد ماصة للنفط من الماء كما أن هناك طرقًا أخرى طرق يدوية، فكل طريقة من الطرق والحلول لها مميزات، وكذلك لها آثار جانبية.
اتخذ مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة، عددًا من القرارات، لتفادي كارثة بيئية محتملة جراء عدم صيانة السفينة «صافر» النفطية الراسية قبالة ميناء رأس عيسى النفطي في البحر الأحمر منذ عام 2015م، تمثلت في دعوة الدول العربية والمجتمع الدولي وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن للضغط على الجانب (الحوثي) للسماح للجهات ذات العلاقة بتقييم حالة السفينة، وصيانتها وتفريغها.
جاء ذلك خلال الاجتماع الاستثنائي الطارئ للأمانة العامة لجامعة الدول العربية ممثلة في مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة، افتراضيًا في مقر وزارة البيئة والمياه والزراعة اليوم، وذلك بناء على طلب المملكة لمناقشة سبل وآليات تفعيل القرار الذي تم اتخاذه خلال اجتماعات الدورة الـ(31) للمجلس.
كما طالب المجلس، الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، تنفيذ قرارات المجلس بهذا الخصوص، والدول العربية والإفريقية التي لها واجهات بحرية على البحر الأحمر، إعداد خطط وطنية للاستجابة للحد من التأثيرات السلبية عليها، والتي قد تنجم عن حدوث تسرب من الخزان العائم صافر أو غرق الخزان أو انفجاره.
وأكد وزراء البيئة العرب، على ضرورة استمرار برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنظمة البحرية الدولية (IMO) الاستمرار في دعم جهود الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، وذلك من خلال سرعة الانتهاء من مراجعة مشروع الخطة الإقليمية المحددة للحد من التأثيرات السلبية التي قد تنجم عن حدوث تسرب من الخزان العائم «صافر» أو غرق الخزان أو انفجاره، والبحث عن التمويل لها وتنفيذها.
كما أكّد المجلس، خلال اجتماع عُقِد في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة بتاريخ 24 أكتوبر 2019م، على أهمية إيجاد الحل المناسب لتفادي كارثة بيئية جراء عدم صيانة السفينة «صافر» النفطية الراسية قبالة ميناء رأس عيسى النفطي في البحر الأحمر منذ عام 2015م، وقدمت المملكة خلال هذا الاجتماع مداخلة، وشددت على ضرورة التعاون بين جميع الدول العربية والإقليمية والدولية، لتفادي خطر وقوع هذه الكارثة البيئية من خلال اتخاذ جميع الخطوات اللازمة التي تؤدي لمعالجة الوضع.
ودعت المملكة جميع الدول العربية والإقليمية المطلة على البحر الأحمر والبحر المتوسط، للمساهمة والتنسيق بخصوص احتمالية وقوع كارثة بيئية يكون التعامل معها بحسب خطط الاستجابة وآليات التعامل مع الكوارث البحرية المعمول بهما، حيث تعمل المملكة العربية السعودية، على اتخاذ التدابير الوقائية المتمثلة في الضغط على جانب الميليشيات الحوثية، للسماح بإجراء تقييم لحالة السفينة وصيانتها وتفريغها، وكذلك العمل بشكل متوازٍ مع دول المنطقة والمجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية من خلال إعداد خطة طوارئ واستجابة لمواجهة أي كارثة بيئية تنتج عن أي حادث للسفينة.
اقرأ أيضًا: