يتسبب التقدم في العمر في بعض الأعراض النفسية، وهو ما يطلق عليه «أزمة منتصف العمر»؛ حيث يقوم البعض بتصرفات غريبة رغبة منه في أن يؤكد لمن حوله أنه لا يزال في سن الشباب ولم يكبر بعد. وقد توصف هذه التصرفات بأنها تصرفات مراهقين، وتسبب خجلًا لمن حوله، وغالبًا ما تظهر هذه التصرفات عند المرأة أكثر من الرجل.
وأوضح المختص بعلم النفس العام والسيبراني يوسف السلمي، لـ«عاجل»، أن أزمة منتصف العمر هي ظاهرة نفسية، وتسمى خطأ المراهقة المتأخرة، مضيفًا أنها ظاهرة نفسية انفعالية تظهر لدى البعض من سن 45-60 عاما تقريبًا، وتحدث لعدد محدود من الأشخاص، وهنالك كثيرون لم يمروا بها أو تعاملوا معها بإيجابية واجتازوا هذه الأزمة.
وأشار السلمي إلى أنه في فترة ما بعد الأربعين من عمر الإنسان، يمر بمرحلة تأمل وتفكر وواقعية وتقويم، فيعيد فيها الإنسان النظر ويراجع حساباته في كثير من أهدافه وطموحاته وآماله وتطلعاته والاهتمام بالأمور الأخروية، وعلاقة الإنسان بالله؛ فإذا تعامل معها بإيجابية فإنه يبتعد عما يسميه الناس المراهقة المتأخرة اعتباطًا، وهي في الحقيقة أزمة نفسية تسمى «أزمة منتصف العمر»، لها عدة مظاهر وتأخذ صورًا مختلفة.
وأضاف أن من هذه المظاهر، التشبث بالشباب؛ حيث يحاول الشخص إقناع نفسه والآخرين بأنه لا يزال شابًّا، ويتصرف تصرفات غير ملائمة لعمره ووضعه الاجتماعي؛ ما يحرج أبناءه وأسرته، مثل المبالغة عند النساء في التجمل واستخدام المساحيق، وتتبع الموضة الزائدة، التي لم تكن معتادة عليها سابقًا ولم تعد تتلاءم مع سنها، إضافة إلى كثرة الخروج من المنزل، والتخلي عن دور الأم ورعاية الأسرة والاهتمام بالبيت.
ومظاهر التشبث بالحياة لدى الرجال تأخذ صورًا أخرى، مثل ممارسة أعمال تتطلب جهدًا أكبر، وشراء سيارات رياضية، وممارسة أنواع من الرياضة لا تتناسب مع عمره، كما أن بعض حالات الزواج الثاني تعود إلى ظاهرة التشبث بالشباب في أزمة منتصف العمر، فيحاول الرجل البحث عن فتاة لا تناسب عمره، وتوجد فوارق ثقافية كبيرة بينهما؛ لأنه يريد فتاة تعيد إليه شبابه، فكأن الزواج لمجرد عودة الشباب فقط والتخلي عن دور الأب ورعاية الأسرة وإدارة شؤونها. أما حالات الزواج الثاني تحت أسباب وظروف حقيقية فأمر لا يتعلق بأزمة منتصف العمر.
وأوضح السلمي أن من المظاهر الغريبة أيضًا، زيادة الخلافات الأسرية؛ حيث تجد الأبناء يصفون أحد الأبوين بأنه «تغير وعصبي وصعب التعامل معه ومزاجي»، ويحاول الوالدين أن يجدا لهما دورًا في حياة أبنائهما الخاصة؛ لأن الأبناء في هذا العمر غالبًا يكونون في سن المراهقة فما فوق، ويستطيعون الاعتماد على أنفسهم، ويقل دور الوالدين في التربية وفي الأسرة.
إضافة إلى توتر في مجال العمل؛ فالذين يمرون بأزمة منتصف العمر يطالبون بدور أكبر، ويعارضون التعليمات؛ ما يجعلهم يتصادمون مع الزملاء والرؤساء، وقد ينتقل هذا الشخص للعمل في جهات ومناطق أخرى بدون أسباب واقعية وقد تكون بمميزات أقل.
وأشار السلمي إلى أنه يظهر في تلك المرحلة أعراض جسمية لأسباب نفسية، مثل الصداع، وآلام أسفل الظهر والمفاصل بدون أن يكون لها سبب عضوي. وتذهب هذه الآلام بمجرد الانشغال في الحياة والاهتمام بمتطلباتها، مثل زواج الأبناء أو بناء مسكن جديد أو السفر.
وأوضح المتخصص بعلم النفس، أن تغيرات جسمية تظهر في تلك المرحلة، مثل ظهور الشيب، وانقطاع الطمث عند النساء، واكتشاف أمراض أخرى كالسكري وضغط الدم ومظاهر الضعف العامة في العضلات والبصر والسمع، ورتابة الحياة، وفتور النشاط، وزيادة وقت الفراغ.