تجتمع الحكاية مع الحرفة، في جناح الصين ضيف الشرف في الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية "بنان".
ويحضر إلى الرياض عدد من ورثة الفنون التقليدية الصينية الذين تعاقبوا على حمل أسرار هذه الحرف جيلًا بعد جيل، وبين أيديهم تتجلى حضارة عمرها آلاف السنين، تنتقل برقتها ودقتها من معلم إلى تلميذه، لتحضر اليوم أمام الجمهور السعودي عبر عروض حية تجسّد جوهر التراث الصيني.
واستقطبت الفعالية نخبة من ممثلي هذه الفنون العريقة، من فنون الرسم على الخشب، وصناعة الفخار بالطين الأرجواني، والتطريز والنسيج، وصناعة المراوح، والأعمال المعدنية والفضية، وفنون الورق والخزف، إلى الحرف الشعبية مثل العرائس الظلية والنحت على الدمى وغيرها من الحرف التي تُعد جزءًا من الهوية الثقافية للصين.
ويجسد هؤلاء الحرفيون فلسفة حضارية ترى الجمال في التفاصيل، وتجمع بين احترام الطبيعة وفن تشكيلها، وبين التقنيات القديمة والابتكار المعاصر.
ولا يقتصر حضورهم على عرض القطع، بل يقدمون أمام الزوار مشاهد حقيقية لولادة العمل الحرفي؛ كيف تُرسم الخطوط الأولى على الخشب، وكيف يتحول الطين إلى فخار نابض بالحياة، وكيف تتحول قطعة قماش بسيطة إلى لوحة فنية، وكيف تنسج الخيوط والريش والورق قصصًا متوارثة عبر الزمن، إنّهم لا يصنعون الحرف فحسب، بل ينقلون روحها وميراثها وفلسفتها، ويجعلون من الجناح الصيني مساحة تربط الماضي بالحاضر وتفتح نافذة على جماليات الشرق الأقصى.
وتأتي مشاركة ورثة هذه الفنون في "بنان" جسرًا ثقافيًا حيًّا بين المملكة والصين، إذ يكتشف الزوار جزءًا من عمق الحضارة الصينية وثرائها، ويشهدون كيف يمكن للحرف اليدوية أن تتحول إلى لغة إنسانية مشتركة تتجاوز الزمن والحدود، وتحمل في أطراف الأصابع حكاية حضارة ما زالت تنبض بالحياة حتى اليوم.