ليس هناك حدود للبحث العلمي، الذي يسعى للاستفادة من كل ما هو متاح من معلومات وبيانات لمحاولة تحقيق أهدافه نحو حياة وصحة أفضل، ولعل إحدى هذه المحاولات تولدت من فكرة تبدو عادية، فهناك أكثر من 7.5 مليار إنسان يعيش على كوكبنا، وعشرات الملايين منهم يتتبعون صحتهم بواسطة أجهزة ذكية مثل الساعات.
وهناك من يستخدمون الأجهزة التقليدية مثل أجهزة مراقبة ضغط الدم والسكري، وإذا كانت هناك طريقة لتجميع كل تلك البيانات من بضعة ملايين منا وجعلها مجهولة المصدر، لكن يمكن البحث فيها، فسيكون للباحثين الطبيين أداة قوية لتطوير الأدوية، ودراسات نمط الحياة وأكثر من ذلك.
وقد قامت إحدى شركات البيانات الكبيرة بكاليفورنيا الأمريكية، بتبني هذه الفكرة وتطوير مثل هذه الأداة، بجمع معلومات من 3 ملايين متطوع، يوفرون تريليونات من نقاط البيانات، وبالتعاون مع شركاء «Evidation» من شركات تصنيع الأدوية مثل«Sanofi»، و« Eli Lilly»، لتحليل تلك البيانات، فخرجت عشرات الدراسات حول مواضيع تتراوح بين النوم والنظام الغذائي وأنماط الصحة الإدراكية.
كما تأمل الشركة ومؤسسها، الذي يعاني من مرض وراثي نادر يسبب آلاماً متكررة في الظهر، من خلال أحد مشاريعها المستمرة بالتعاون مع بعض المستشفيات الهامة، الوصول إلى معرفة ما إذا كانت التقنيات الحديثة يمكنها قياس الألم المزمن بشكل فعال.
وفي سياق لا يبتعد كثيراً عن هذا الإطار العلمي، ابتكرت شركة «BenevolentAI»، خوارزميات تقوم بتفتيش أوراق البحث ونتائج التجارب السريرية وغيرها من مصادر المعلومات الطبية الحيوية، بحثاً عن العلاقات التي تم التغاضي عنها مسبقاً بين الجينات والعقاقير والمرض.
وحسب الخبراء يتم نشر أكثر من مليوني ورقة بحثية في كل عام، ويتم مراجعتها من قبل الأقران، ولكنها أعداد كبيرة جداً ولا يمكن لأي عالم هضمها بسهولة كالآلة.
وربما لذلك ولمراعاة هذا القيد البشري، ابتكرت جوانا شيلدز الرئيس التنفيذي للشركة، والتي عملت من قبل كمدير تنفيذي بشركات مثل جوجل وفيسبوك ثم وزيرة سلامة وأمن الإنترنت في المملكة المتحدة، هذه الخوارزميات، نظراً لكونها منتقدة بشكل متكرر لفقدان صناعة التكنولوجيا لذلك.
ومن ثم فإنها تعتقد أن ما تقوم به الشركة هو فرصة حقيقية لتسخير قوة التكنولوجيا إلى الأبد، وحسب كلماتها جميعنا لدينا أفراد من الأسرة وأصدقاء يتم تشخيصهم بأمراض ليس لها علاج، وما لم نطبق التوسع ومبادئ ثورة التكنولوجيا على اكتشاف الدواء وتطويره، فلن نرى تغييراً في هذه النتيجة في أي وقت قريب.
قيود تهدد عصر «الطب الشخصي»..
وبينما تسير الخوارزميات في طريقها، تحدث البعض عن أحد القيود الرئيسية التي تهدد بإعاقة عصر الطب الشخصي، فالأشخاص المنحدرون من أصل قوقازي هم أقلية من سكان العالم، ولكنهم يشكلون ما يقرب من 80 في المائة من الموضوعات في أبحاث كأبحاث الجينوم البشري مثلاً، مما يخلق بقع عمياء في أبحاث الأدوية في هذا السياق.
لذلك أسس دكتور عباسي إني أوبونغ، شركة ناشئة بنيجيريا مع مقرات في 54 دولة إفريقية، للحصول على المواد الجينية من المتطوعين في جميع أنحاء القارة، لجعل البحث والتطوير في هذا المجال أكثر إنصافاً، وحسب الشركة إذا كانت الشركات ستستفيد من تطوير عقاقير قابلة للتسويق على أساس الحمض النووي للشعوب الإفريقية، فيجب أن تستفيد إفريقيا.