سنويا، يبتلع سكان العالم مليارات الجرعات المسكنة للألم، التي لا تحتاج إلى وصفة طبية، والتي تُسمى مضادات الالتهاب «غير الستيرويدية»، وعلى سبيل المثال يتناول سكان الولايات المتحدة الأمريكية وحدها 26 مليار جرعة من هذه المسكنات، فيما يكتب أطباؤها أكثر من 100 مليون وصفة طبية لنفس السبب.
وتعد المشكلة مع هذه المسكنات هي أنها قاسية بالنسبة لبعض الميكروبات المهمة على بطانة المعدة، كما أنها تمنع بعض المواد الكيميائية المرسلة التي تسمى البروستاجلاندين، والتي من شأنها أن تحفز إصلاح الأنسجة، ومع كل جرعة يزداد الأثر والضرر، حتى مع أسبرين الأطفال الذي يأخذه الكثير من الناس لمنع النوبات القلبية.
ويرتبط استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية- أيضًا- بمتلازمة الأمعاء المتسربة، والتي تحدث عندما يمر الطعام والسموم الأخرى بسهولة في مجرى الدم مباشرة، بسبب عمليات الإصلاح السيئة التي تفشل في حماية السلامة المخاطية للبطانة المعدية المعوية.
ومؤخرًا اكتشف باحثون بريطانيون في قسم أمراض الجهاز الهضمي بكلية طب إمبيريال كوليدج في لندن، أن هرمون النمو من اللبأ، وهو أول حليب ينتج قبل مرور أول 6 ساعات بعد الولادة، يمكن أن يقلل من ارتفاع نفاذية الأمعاء الناجم عن تأثير مضادات الالتهاب غير الستيرويدية؛ لتوفر الدراسة بذلك دليلًا أوليًا على أن اللبأ البقري، والذي يتوفر حاليًا كتحضير بدون وصفة طبية، قد يوفر مقاربة جديدة للوقاية من الأضرار المعوية التي تسببها مضادات الالتهاب غير الستيرويدية في البشر.
وحسب الباحثين فإن اللبأ البقري، هو أول حليب يحصل عليه جميع حديثي الولادة من الثدييات؛ لاحتوائه يحتوي على عوامل نمو وفيرة من هرمون النمو، وهو المتسبب في تجديد أنسجة الجسم، كما يحفز تخليق البروتين ويعمل مع عوامل نمو أخرى لتنشيط نمو الخلايا والتكاثر والتعبير النووي لتخليق البروتين، وهذا ينطبق على إعادة بناء الأوتار والأربطة والمفاصل المصابة من الألعاب الرياضية أو السيطرة على الكوليسترول المرتفع أو سوء التغذية والسمنة المفرطة، بالإضافة لتسريع عملية إصلاح الجروح وتشغيل الأحماض النووية للانتقال إلى وضع الإصلاح وتنشيط الخلايا الليفية في خلايا معينة لتجديد الأنسجة.
ومع ذلك، ليس كل اللبأ يحتوي على نفس القدر من عوامل النمو، فمستويات الفائدة تنخفض إذا أصبح مخففًا، وهي تنخفض بالتدريج بعد أول 6 ساعات، وفي هذا اللبأ المخفف تفقد جزيئات الموربون التي تسمح بأعلى امتصاص لعوامل النمو، وفي بعض الأحيان تتم إضافة هذه الجزيئات مرة أخرى؛ ولكنها رغم ذلك لا يمكن أن تتنافس مع اللبأ الحقيقي الأول، ولهذا ينصح الخبراء بالبحث عن اللبأ الذي يمكن استخدامه كغذاء ليضفي آثارًا مجددة، ويعوض ما تدمره المسكنات في جسمك وصحتك.