الصحة والجمال

دراسة مثيرة: الدماغ النشط ينهى عمر صاحبه مبكرًا

بعيدًا عن الجينات الخارجة عن الإرادة..

فريق التحرير

هناك العديد من العوامل التي تؤثر على مدة حياة شخص ما، البعض منها مثل الجينات خارج عن إرادته، والبعض الآخر مثل نمط حياته وبيئته أسهل قليلًا في التغيير، وقد وجدت ورقة بحثية جديدة نشرت في مجلة نيتشر عاملًا آخر يقع في مكان ما بين هذين العاملين، وهو النشاط العصبي للدماغ؛ حيث كشفت الدراسة عن أن النشاط العصبي المفرط في الدماغ يرتبط بعمر أقصر، وأن قمع هذا النشاط الإضافي يمكن أن يطيل العمر.

وحسب الباحثين فإن هذه النتيجة أولية، وستتطلب إجراء مزيد من البحوث قبل أن تؤدي إلى أي توصيات صحية ملموسة، لكنها تفتح إمكانية استخدام إما الأدوية أو التدخلات السلوكية لتغيير نشاط الدماغ، وربما إبطاء آثار شيخوخة، وأضاف الباحثون بكلية طب جامعة هارفارد أن العلاقة بين نشاط الجهاز العصبي وطول العمر ربما كانت محتملة، ولم تكن غير متوقعة على الإطلاق؛ حيث ترتبط الآلية التي تتحكم في إثارة الدماغ ارتباطًا وثيقًا بالآلية التي تتحكم في عملية الأيض، والتي كانت مرتبطة منذ فترة طويلة بعمر الحياة، لكن حقيقة أن نشاط المخ الأقل ارتبط بطول العمر في البداية بدا غير بديهي للبعض، من هؤلاء الذين افترضوا أن الدماغ النشط سيرتبط بصحة وحيوية أفضل.

لكن بعد أن فحص الباحثون خلال الدراسة أنسجة المخ لمئات من البشر المتوفين، مصنفة حسب عمرهم، وجدوا أن أنسجة أولئك الذين عاشوا حياة أطول، وماتوا في عمر 90 أو 100 عام، كانوا يتمتعون بنشاط عصبي أقل من أولئك الذين ماتوا في عمر 70 أو 80 عامًا، وأحد التفسيرات المحتملة هو ارتباط العمر بنشاط الدماغ، ومع تقدم الناس في العمر يبطئ هذا النشاط، ما يشبه ما وجده الباحثون بالصدفة أثناء دراسة النشاط العصبي للديدان، فعندما أعطى الباحثون للديدان دواء من شأنه أن يهدئ بعض هذا النشاط، عاشوا فترة أطول، وعندما حفز الباحثون الخلايا العصبية للديدان، ماتت بشكل أسرع، وهي نفس النتيجة التي أظهرتها اختبارات مماثلة أجريت على الفئران.

وبعد ذلك حاول الباحثون العثور على البروتين الذي كان يتحكم في كل هذا النشاط العصبي، وباستخدام خوارزميات الكمبيوتر قاموا بتضييق نطاق البحث إلى بروتين يسمىREST ، والذي أشارت الأبحاث التي أجراها الباحثون سابقًا إلى أنه يمكن أن يحمي الدماغ من الخرف، ويفسر هذا البروتين بشكل مثير للاهتمام مقدار الإثارة في الجهاز العصبي ويعيش لفترة أطول.

وحسب الباحثين فإن هذا الاكتشاف يشير إلى أن REST يمكن أن يكون هدفًا فعالًا للعقاقير التي تهدف إلى مكافحة الأمراض التنكسية العصبية مثل مرض ألزهايمر؛ حيث أظهرت الأبحاث السابقة أنه مع تقدم مرض ألزهايمر، يكون للمرضى نشاط عصبي مفرط في الحصين، وهو جزء من الدماغ ينشأ فيه المرض غالبًا، فيما أظهرت تجربة أخرى أدلة مبكرة على أن الأدوية المضادة للتشنجات التي تثبط الإثارة العصبية تعمل على تحسين الذاكرة لدى المرضى، الذين يعانون من ضعف إدراكي خفيف، ما يعني أن إيجاد التوازن الصحيح بين قمع النشاط العصبي المفرط، مع الحفاظ على الوظيفة الضرورية برغم صعوبته فإنه على الأرجح ليس مستحيلًا.

ويضيف الباحثون أنه وبصرف النظر عن السبل الواعدة للأبحاث، فإن هذا العمل يوحي بأن العادات والسلوكيات التي تؤثر على النشاط العصبي للدماغ كاليوجا والتأمل على سبيل المثال يمكن أن تطيل عمر الإنسان، وهذه فكرة شائعة في تقاليد الشفاء الشرقية، لكنها اخترقت مؤخرًا المؤسسة الطبية الغربية، ورغم ذلك من السابق لأوانه وصف جلسة تأمل يومية أو فصل يوجا بناءً على هذه النتائج، لكن الدراسة الأخيرة اتعد خطوة واعدة نحو فهم كيف تؤثر أفكار الشخص وشخصيته وسلوكه على صحته وطول عمره.

مرر للأسفل للمزيد