الصحة والجمال

استشاري يكشف فوائد الحجامة الطبية للصحة وموانع استخدامها

أكد أنها علم قديم ينتظر الأبحاث العلمية..

نوف العنزي

تعد الحجامة من الطرق العلاجية والوقائية القديمة، التي تداوى بها النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، كما ورد في الحديث الصحيح "خير ما تداويتم به الحجامة"، وكذلك قوله "إن كان في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم".

وينتشر التداوي بالحجامة في المنطقة العربية بكثرة خاصة في المملكة؛ حيث يقبل عليها الذكور والإناث سواء أكانوا كبارًا في السن أم شبابًا، بحثًا عن الاستطباب من الأمراض المختلفة.

وبالرغم من ذلك ظلت الحجامة كغيرها من طرق التداوي خاصة الشعبية، عرضة للغش في الممارسة، الأمر الذي يؤدي لبعض المخاطر التي تهدد سلامة المرضى، وإزاء ذلك سعى المركز الوطني للطب البديل والتكميلي إلى إقامة دورات تدريبية لمدربي الحجامة، في خطوة تهدف إلى تنظيم ممارسة الحجامة في السعودية، والحد من انتشار الحجامة العشوائية الغير آمنة.

وعن فوائد الحجامة وأنواعها وطريقتها، وموانع استخدامها، أسهب الدكتور عبدالعزيز العجاجي استشاري طب الأسرة في سرد المزيد من الحقائق عنها، تنقلها "عاجل" للقارئ.

ـ نظرة تاريخية:

قال استشاري طب الأسرة الدكتور عبدالعزيز العجاجي، إن الحجامة إحدى طرق الطب البديل لعلاج أمراض مختلفة، ويقصد بها الطريقة التي يستخلص بها الدم من خلال الجلد بتشريطه ثم بسحبه بطرق مختلفة، على حسب تجربة الشعوب المختلفة في هذا المجال، مضيفًا أنها تعتبر من الطرق العلاجية القديمة في الطب الصيني لعلاج العديد من الأمراض، مثل علاج أمراض الجهاز التنفسي، كالتهاب الرئة الشعبي، والربو ونزلات البرد وغيرها، كما تستخدم في علاج أمراض الجهاز الهضمي وتخفيف الآلام، وأحيانًا كعلاج مساعد لحالات الاكتئاب والتورم.

وأوضح أن العديد ممن جربوا العلاج بالحجامة الصينية وجدوا لها فعالية كبيرة في علاج الآلام المزمنة، بطريقة أفضل من طرق المساج الأخرى، ولذلك انتشرت الحجامة الصينية لدى باقي المجتمعات وهي تمارس حاليًّا بطرق مختلفة وبأسماء مختلفة، مشيرًا إلى أن الحجامة عُرفت قبل الميلاد في العهد الفرعوني واستخدمتها الحضارات الشرق أوسطية.

ـ ضعف الأبحاث العلمية:

وانتقد الدكتور العجاجي ضعف وندرة الأبحاث والدراسات العلمية حول الحجامة، موضحًا أن الغرب متحفظ حول فائدة الحجامة؛ بسبب عدم وجود دراسات أو بحوث علمية في الوقت الراهن، إلا من بعض الدراسات والمراجع التي لا ترتقي لتصنيف الدليل العلمي.

وأشار إلى أن الدراسة الوحيدة التي تناولت فوائد الحجامة، هي التي نشرت في مجلة "PLoS ONE" سنة 2012، والتي أفادت بأن للحجامة تأثيرًا على الصحة يتجاوز الفائدة النفسية فقط، كما أفادت هذه الدراسة بتحفظ بأن الحجامة قد تفيد عند استخدامها مع أنواع علاجية أخرى مثل الأدوية المتعارف عليها مع العلاج بالأبر، في علاج بعض الأمراض، مثل: زنار النار أو شلل العصب الوجهي، والتهاب فقرات العنق، وكانت تستخدم الحجامة في السابق بسبب عدم وجود أدوية طبية فعالة وطرق ممكنة للتعامل مع عدة أمراض مثل: ارتفاع ضغط الدم وازدياد الحديد الوراثي في الجسم، وارتفاع الهيموغلوبين في الدم وبعض أمراض الدم الوراثية، وبعض مسببات ارتفاع ضغط الدم.

ـ التبرع بالدم والحجامة:

وأكد الدكتور العجاجي، أن الحجامة تعتبر ممارسة آمنة وعملية بسيطة وغير مكلفة، طالما الذي يجريها ممارس مدرب ومرخص وهي تناسب من يؤمن بفائدتها ويود أن يجربها كنوع علاجي بديل، بشرط عدم ترك علاجه.
وكشف العجاجي الفرق بين التبرع بالدم والحجامة، قائلًا إن التبرع بالدم هو سحب الدم من وريد رئيسي مباشرة، وهو يشبه عملية "الفصد" التي كانت تجرى قديمًا بإجراء شق في أحد الأوردة لإخراج الدم، أما الحجامة فهي عملية مص الدم من أوردة صغيرة فرعية أو طرفية في الجهاز الدوري في الجلد.

وشدد على ضرورة تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة في المجتمع حول الحجامة والتبرع بالدم، ومنها أن الحجامة قادرة على سحب الدم الفاسد ذي اللون الداكن من الجسم، موضحًا أن مفهوم "الدم الفاسد والدم غير فاسد" في الدورة الدموية، مخالف للمنطق ولا يؤكده دليل علمي، فـ"تغير لون الدم الخارج مع الحجامة إلى السواد ناتج عن تفاعله مع الأوكسجين الموجود في الهواء".

وأضاف أن هناك مفهومًا خاطئًا آخر؛ حيث يعتقد البعض أن كمية الدم التي تسحب من الحجامة قليلة ولا تشكل خطرًا على الجسم، بعكس عملية التبرع بالدم التي تقوم بسحب الدم الجيد الذي يفيد الإنسان وبكمية كبيرة نوعًا، مما يؤثر سلبًا على المتبرع وكذلك على مبادرات التبرع بالدم وسد حاجة بنوك الدم.

ـ الوعي بالحجامة واختيار مركز مناسب:

ونوَّه الدكتور العجاجي على عدم وجود خلاف على أن الحجامة سنة وتعتبر من الطب النبوي، ولا خلاف على فوائدها المنصوصة في الأحاديث النبوية الشريفة، لكنه استدرك بقوله أنها ما زالت للأسف موضع خلاف علمي؛ حيث أوضح أن الرأي المعارض لا يعارض الحجامة ولكنه يطالب بوجود أدلة وبراهين من البحث العلمي والسريري المقنن والمُحكم لإثبات الحجامة في شفاء الأمراض، معللًا بأنه لا توجد دراسات علمية محكمة تستند للبراهين تثبت أو تنفي فوائدها.

وشدد العجاجي على أهمية الوعي بالحجامة وفوائدها، وأن يعرف من يريد الحجامة دواعي استخدامها، وماهي المضاعفات المتوقعه منها، ناصحًا باستشارة الطبيب المتابع لحالته، والحرص على اختيار الممارس أو المركز الذي لديه إجازة موثقة بممارسة الحجامة، نظرًا لوجود بعض ممارسين الحجامة "المدلسين" الذين لا يحملون إجازات موثقة وتراخيص في ممارستها، مما يضعف من نجاحها.

ـ أنواع الحجامة:

أوضح العجاجي، أن من أشهر أنواع الحجامة ثلاثة أنواع، وهي: الحجامة الجافة، وتعد حجامة صينية يستعمل فيها كؤوس الهواء وتوضع على موضع الألم في جسم الشخص دون تشريط الجلد، وتفيد في تخفيف ألم العضلات وهو ماتم استخدامه في حالة السباح الأوليمبي وتطبق الكاسات على نفس مواضع الوخز بالإبر الصينية.

ثانيًا الحجامة الرطبة، ويتم فيها تشريط الجلد تشريطات خفيفة ويوضع الكأس على مكان التشريط وتفريغه من الهواء عن طريق المص (سحب الهواء) فيندفع الدم من الشعيرات والأوردة الصغيرة إلى سطح الجلد؛ بسبب التفريغ الذي أحدثه سحب الهواء.

 وأخيرًا، الحجامة التدليكية، وهي تشبه الحجامة الجافة لكنها تكون متحركة عن طريق دهن الموضع بزيت، وعادة يستخدم زيت الزيتون أو زيت النعناع، ثم تحريك الكأس بطريقة معينة في المكان المطلوب لجذب الدم وتجميعه في طبقة الجلد، وهي نافعة جدًا خصوصًا في أمراض العضلات مثل التيبس والشد العضلي.

ونوَّه العجاجي إلى أن للحجامة فوائد علاجية بعضها ورد في بعض الدراسات لكنها غير مبنية على البراهين، ومنها ما لوحظ من خلال التجارب لغياب عدد من الأعراض المتكررة بعد جلسات قليلة من العلاج بالحجامة.

ـ دواعي اللجوء للحجامة:

أفاد الدكتور العجاجي، أنه يمكن إيجاز دواعي اللجوء للحجامة في عدة حالات، مثل: تحسين الصحة العامة عن طريق تنشيط المناعة والجهاز الدوري، والحالات المتعلقة بالآلم مثل ألم أسفل الظهر وبعض التهاب المفاصل، والصداع والصداع النصفي، ومتلازمة الألم العضلي، ومتلازمة التعب المزمن، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكولسترول في الدم، والنقرس، والربو، وبعض المشاكل النفسية مثل الأرق والقلق حسب خبرات بعض من أجروها.

ـ موانع الحجامة:

ولفت العجاجي إلى أن الحجامة قد لا تخلو من المخاطر والتي قد تتعلق بأدوات الحجامة، مثل: العدوى بالتهاب الكبد الوبائي، أو ما يتعلق بتكرار الحجامة مثل الأنيميا المزمنة الشديدة.

ولتجنب المخاطر التي قد تنتج عن الحجامة نوه العجاجي ببعض الحالات التي ينصح لهم بتجنب الحجامة وهم: الأطفال أقل من 12 سنة، والحوامل، ومرضى السرطان، ومرضى فقر الدم الشديد وتقرحات الجلد، ومرضى القلب والفشل الكلوي الحاد أو المزمن، والفشل الكبدي، ومرضى نقص المناعة المكتسب، ومرضى سيولة الدم، ومن لديه جهاز تنظيم ضربات القلب، ومرضى دوالي الساقين، وكذلك من يتناول أدوية سيولة الدم مثل الورفارين وما في حكمها، مشددًا على ضرورة استشارة الطبيب لتقييم الحالة الصحية ودواعي العلاج قبل اتخاذ قرار الاحتجام.

ـ احتياطات الحجامة:

ذكر استشاري طب الأسرة الدكتور عبدالعزيز العجاجي، أن الحجامة لها مخاطر قد تتعلق بالأدوات المستخدمة مثل العدوى بالتهاب الكبد الوبائي أو ما  يتعلق بتكرار الحجامة مثل الأنيميا المزمنة الشديدة؛ لذا يجب الحرص على اختيار المراكز المصرح لها والتي تتبع الإجراءات الصحية لضمان منع انتقال العدوى من وإلى المريض، والتي من أخطرها مرض نقص المناعة المكتسب والكبد الوبائي "ب أو ج"، وكذلك تجنب مضاعفات العملية نفسها مثل النزف والتهاب الجرح؛ بسبب سوء التعقيم والتي تحدث من ممارسي المهنة العوام والمستهترين بإجراءت السلامة.

مرر للأسفل للمزيد