قد تلاحظ التغييرات التي تصاحب فصل الشتاء، الطقس البارد، تغيير التوقيت، ترك المنزل للعمل أو المدرسة في الظلام، وعدم العودة إلى المنزل إلا بعد غروب الشمس، واستعداد الكثيرين للتأقلم مع ليالٍ طويلة وطقس قد يكون كئيباً للبعض، وهو ما يؤدي لاحقاً إلى «الاكتئاب الشتوي».
وحسب الخبراء فإن هذا الطقس قد يولد ما يسمي بالاضطراب العاطفي الموسمي، المعروف اختصاراً بـ(SAD) أو ما يسميه البعض مجازاً «الاكتئاب الشتوي»، نظراً لوضوحه في هذا الفصل، وهو نوع من الاكتئاب الذي يأتي مع الفصول، وعادة ما يبدأ في أواخر الخريف، وحتى إذا لم تكن تعاني من هذا الاكتئاب، فإن الخبراء يؤكدون أنك قد تحصل على لمسة منه، وربما لذلك ينصحون بالقليل من العلاج بالضوء الذي يمكن أن يساعدنا على تحمل الظلام.
حيث تتمثل إحدى الطرق الممكنة للتغلب على «الاكتئاب الشتوي»، في امتصاص المزيد من الضوء خلال أشهر الشتاء القاتمة، ولذلك ينصح بأخذ قسط من التنزه عندما يكون الجو مشمساً في الخارج، مع الحرص على التغذية الخفيفة المتضمنة لفيتامين د، فرغم أن فيتامين د معروف أكثر بالمساعدة في الحفاظ على قوة العظام، إلا أنه قد يكون ضرورياً أيضاً في الحفاظ على الحالة المزاجية الإيجابية، ويمكنك الحصول على هذا الفيتامين من الأسماك أو الكبد أو البيض، ولكن أفضل مصدر له هو السماح لجسمك بتصنيعه بينما تمتص بشرتك ضوء الشمس.
وبينما يطلب منا أطباء الأمراض الجلدية الحد من التعرض لأشعة الشمس لتجنب الإصابة بسرطان الجلد، تشير نصائح طبية أخرى إلى أن 15 دقيقة من أشعة الشمس مرتين في الأسبوع، تساعد على امتصاص فيتامين د الضروري لأجسامنا.
وحسب الخبراء فإن البحث مختلط حول طريقة الحصول على فيتامين د وأعراض الكآبة، فإذا كنا بحاجة إلى فيتامين د فقط، فمن المفترض أن تعمل المكملات الغذائية مثل التعرض لأشعة الشمس، ومع ذلك فإن تناول فيتامين د الإضافي في شكل مكملات غذائية لا يخفف دائماً من أعراض كآبة الشتاء، وقد اتضح من البحث أن أعيننا تفعل أكثر بكثير مما نعتقده وتتعدى إطار الرؤية.
وكمثال فإن الحيوانات حساسة للتغير الموسمي للفصول، حيث تقود هذه التغيرات الإيقاعات الحيوية والسلوكيات مثل السبات أو الهجرة، وتظهر الأبحاث التي أجريت على كيفية ملاحظة الحيوانات للتغير الفصلي، أن جميع الثدييات لديها ألياف تنتقل من شبكية العين إلى ما تحت المهاد، وهو جزء من الدماغ يتحكم في الهرمونات، وهكذا تؤثر مدة أشعة الشمس علينا، حيث تتأثر الهرمونات التي تؤثر على مزاجنا بكمية الضوء القادمة إلى أعيننا.
وبالنسبة لأولئك الذين يعانون من انخفاض الطاقة المزاجية والاكتئاب، قد يساعدهم تشغيل المزيد من الأضواء الساطعة مع اقتراب فصل الشتاء، ولكن وكما هو الحال مع تعرض الجلد لأشعة الشمس، احذر من تعرض عينيك للكثير من الضوء، فتأثير ضوء الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن يكون مدمراً لرؤيتك، كما يمكن أن يخلط الضوء الأزرق الزائد المنبعث من الشاشات بين هرموناتك ويعطل النوم.
وحسب الخبراء يمكن استخدام العلاج بالضوء الاصطناعي لتقليل أعراض الاكتئاب الشتوي، عندما يتعذر الخروج في يوم مشمس خلال الطقس الشتوي البارد، وذلك باستخدام ما يسمي بصندوق الضوء للتعرض اليومي للضوء الاصطناعي، فقد لا تكون مصابيح الفلورسنت كافية، ولكن صناديق الضوء مشرقة (أكثر من 10000 Lux) كما تقوم بتصفية الأشعة فوق البنفسجية غير الآمنة من الضوء، وكل ما تحتاج إليه 20 دقيقة فقط في اليوم صباحاً ومساءً.
وربما تكون أهم نصيحة خلال أيام الشتاء المظلمة هي الحفاظ على جانبك المشرق قدر الإمكان، وتتمثل إحدى الطرق في محاولة لعب الأدوار على أنها مزدهرة ومبهجة ومتفائلة، فالحالة المزاجية معدية، لذلك يمكن للمرء أن يحفز الحالة المزاجية الأكثر سعادة من خلال القيام بها، وببساطة عامل نفسك جيداً، ابتسم في المرآة، قم بعمل جيد غير متوقع لشخص آخر، تجنب المشاعر والطاقات السلبية لتوليد مزاج ربيعي أفضل.