الأراء

لاجئين على الإعلام

محمد المناع

يفني الإنسان حياته في تعلم حرفة ما أو صناعة قد تساهم في بناء مستقبله وتكفل له بعد الله تأمين مصدر دخل مالي ثابت له يضمن من خلاله بناء أسرة سعيدة ومقعداً في استمرارية سنة الكون وهي الديمومة في تكاثر الجنس البشري، ويكون إسهام كذلك في نماء وبناء هذا المجتمع ورد جزء بسيط من جميل هذه الأرض الطيبة علينا ويكون التعلم إما علمياً ودراسياً، ويتقن ذلك من خلال الممارسات اليومية أو الوظيفية حتى يصل لمرحلة الإتقان، ويصبح متخصص في مجال ما، وقد يسلك الإنسان منحنى آخر، وهو اكتساب المعرفة والخبرة في مجال من مجالات الحياة يتوائم مع المهارات الفطرية والإدراكية التي تولد مع ذلك الشخص وليس هواء شخصي يختار من خلاله ذلك التخصص لمجرد أنه يريد الاختيار أو التغيير أو نيل وظيفة تساعده في بناء حياته.

ولعلى مهنة الإعلام هي من المهن التي لها دلالات وصفات يجب أن يتحلى بها الشخص وتعتبر من المهن الحساسة والتي قد تنهي تاريخ طويل من رحلة كفاح وتعلم، إذا أخطا الشخص في كيفية التعامل مع تلك المهنة لاسيما في عصر المعلوماتية وظهور منصات التواصل الاجتماعي التي قد تكون إما سبب في بروز ذلك الشخص أو قتله مهنياً.

ومن الصفات التي يجب أن يتحلى بها أي إعلامي او محب لهذه المهنة هي الصدق والأمانة فالمزيف لا يمكن أن يكون إعلامياً؛ لأنه لم يكن أميناً على المعلومة التي يملكها، ولم يكن صادقاً في إيصال تلك المعلومة لمن ينتظرها وإنما يعتبر (الكذاب)، والخائن مقتاتاً على الإعلام حتى لو كان يتقن ذلك للوصول لأهداف شخصية دنيوية أو مالية فالإعلام أمانة ووسيلة يتم تسخيره لخدمة هذا الدين ومن ثم الوطن وقيادته حفظهم الله.

بالإضافة إلى صفة الصدق والأمانة يجب أن يتحلى الإعلامي بالفضول والبحث المستمر عن الحقيقة والمعلومة فالإعلامي يعيش حياة مليئة بالقلق المستمر نتيجة معايشته للأحداث اليومية التي يعيشها العالم ويحاول نقلها بشكل مبسط ومباشر للمتلقي وتقديم رسالة يضع من خلالها بصمة له أو أثر.

الإعلامي شعوره ليس كالجميع فهو يحس بمسؤولية تجاه كل ما يحدث ويحس بانتماء لكل نجاح ويحس بنفور من كل سلوك مشين وليس المفترض أن يكون الإعلامي جزء من تلك التصرفات المسيئة.

الإعلام ليس دولة يتم اللجوء إليها وقت الكوارث أو الحروب أو الإخفاقات الوظيفية في مجالات أخرى، كما يراها البعض، فالإعلام مهنة ينتمي إليها أناس يضمون نخبة الفكر والخلق لاسيما وأنها مهنة نبيلة تساهم في رقي المجتمع ويحارب التطرف والابتداع وهدم المجتمعات الإعلام رسالة نستمد منها الأمل والحياة .

نظرة بعض الأشخاص على أن الإعلام وظيفة مالا وظيفة له هي نظرة خاطئة البعض يولد إعلامياً والبعض الآخر يكتسب هذه المعرفة وتساعده سلوكياته وطموحه في تعلمها ولكن البعض يراها منبراً للوصول للنجاحات الشخصية دون النظر لسمو تلك الرسالة ولا قيمتها.

في هذه الحياة تم كسر الحواجز وأصبح الكل ينتمي لمجال ليس مؤهلاً له ولا تتناسب صفاته وسلوكه مع تلك المجالات رغم حرصهم الدائم والمستمر على أن يكونوا جزء من منظومة العمل الإعلامي سواء كصناع محتوى أو معدين أو كتاب رأي أو متحدثين لقطاعات حكومية أو خاصة قد تكون عوامل اقتصادية أو مرحلة زمنية اقتضت تواجدهم في ذلك المكان لعدم وجود كفاءة فالكفاءة الإعلامية اليوم هي عملة نادرة لاتقدر بثمن والبحث عنها أصبح كالبحث عن كنوز قارون التي أخفتها معالم الزمن والتضاريس.

اليوم في ظل تحديات التقنية ومع تزايد المنتفعين من الإعلام يجب أن يعي كل واحد مسئوليته والعمل المناط به قبل أن يقوده تفكيره إلى أن يكون ضمن منظومة العمل الإعلامي، فالإعلام لغة وعي وإصلاح للمجتمعات ومعالجة للسلوك البشري المتغير، والذي سيضمن بإذن الله اجيالاً تتمتع بوعي عالي تجاه مسؤوليتها لهذا الوطن ومقدراته.

اليوم وأنا أكتب هذه المقال أدرك بأن حجم المشكلة أكبر من أن يعالجها مقال أو برنامج أو مقالات أو برامج تلفزيونية سواء حوارية أو تقارير لأن الإعلام غيبت هويته وأصبح منصب يتقلد أو مسمى يمنح لمن يستحق ولا يستحق لذلك أصبح الخلل يتفاقم يوماً بعد يوم والحلول أصبحت تكلفتها باهضه الثمن.

تحية إجلال وتقدير لكل من جعل من الإعلام وسيلة ورسالة سامية يحاكي بها هموم الوطن ومقدراته وهموم المجتمع وتطلعاته لكي يصبح وطننا عظيماً كما هو الآن فنحن كإعلاميين جزء من هذه النهضة التي يقودها سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد – حفظة الله- ولنا إسهام بالكلمة التي نكتبها أو نلقيها في منصات التواصل الاجتماعي ويكون لها تأثير إيجابي، كما أنه يجب مراعاة ومخافة الله فيما نكتبه أو ننشره أو نتلفظ به في هذه المنابر الإعلامية.

مرر للأسفل للمزيد