من المؤسف أن نسمع في عصر التنافس المحموم بين المؤسسات على استقطاب القامات الإدارية المتميزة من يسوّق لنفسه ويدّعي مقدرته على تقييم جودة وقدرات وكفاءة الموظفين مجرد النظر إليهم لمدة ثلاثين ثانية!
أولى العقبات أمام مشروع صاحب السعادة المدير المحترم هو كيف يقتنع الموظفون بأن كلامه صحيح؟
أما الكارثة في الموضوع فهي إن كانت هناك مؤسسات تستقطب هذا النوع من المديرين بناء على تلك الفكرة!
وعلى هذين المبدأين يتضح عمق وسطحية ثقافة مجتمعنا الوظيفي، فإما أنه على إلمام بالأدوات التي يفترض أن يُقيّم من خلالها وإما أنه بحاجة إلى جرعات عالية من التثقيف كي لا يقع فريسة لتلك الخزعبلات والخرفات.
على النقيض من هذا التصور، نجد المدير الانطباعي أبو الثلاثين ثانية جميلًا في نظر الموظف (المبزوط)؛ لأنهما يتقاطعان في عامل مشترك واحد وهو العمل دون استراتيجية.
كذلك الموظفون الذين يعشقون (الفرفشة) يجدون جوًا فكاهيًّا ساخرًا مع سعادته خصوصًا وهو يحملق بعينيه من شخص إلى آخر بغرض التقييم أو بالأحرى تطبيق نظريته المزعومة.
ينبغي أن ندرك جيدًا أن اختيار المدير ليس أمرًا سهلًا حتى نحمل المسؤول تبعات أولئك المرضى، ونحن نحتسي كأسًا من الشاي!
فالسير الذاتية لا تكشف الأسرار الخفية، وطأطأة الرأس ودماثة الخلق أثناء المقابلات الشخصية ليست انعكاسًا كاملًا للصورة الواقعية.
إذ هناك جوانب مظلمة ذاتية واجتماعية ومهنية في شخصية أي مدير لا يسبر أغوارها ويكشف أبعادها إلا معايير دقيقة تتبناها جهات متخصصة في إعداد الكوادر.
وقد عززت الرؤية هذا التوجه وصدرت الموافقة على أكاديمية لإعداد القيادات الإدارية واكتشاف الجدارات وتقييمهم بعمق من أجل تطوير واستثمار رأس المال البشري، فلماذا لا تكن الاستفادة من تلك الخطوة على نطاق أوسع، نترك مديري (أبو ثلاثين ثانية) للأشياء المستعجلة كتفسير الأحلام وما إلى ذلك مما لا يترتب على الخطأ فيه ضرر بحياة الإنسان الوظيفية.