الأراء

دلدلة الأبرياء على مشانق هيئة السوق المالية!

د. علي السويد

دأبت هيئة السوق المالية في السعودية منذ تأسيسها على إدارة حركة سوق الأسهم السعودية - تاسي -، ومن أبرز الأدوار التي تقوم هو دور الشرطي الذي يسترجع حقوق الأبرياء من أيادي اللصوص الطويلة، وأي انقلاب في هذا المفهوم يجعلها في محلّ نقد.

في الشهور الأخيرة، تزايدت بيانات الهيئة التي تكشف عن شبهات تداولية، ولم تقف بياناتها عند هذا الحد، بل استمرت بتصدير البيانات مع تسمّية الشركات التي حصل بتداولها الشبهات بالاسم، هادفة بذلك إيقاف تلاعب بعض كبار المتداولين في السوق السعودية.

يبدو في نظر القارئ أن هذا أمر في غاية الاحترافية، ولكن قد تخفى عليه الحقيقة المرّة التي تجرّها مثل هذه البيانات على السوق بشكلٍ عام، وعلى المتداولين الأبرياء بشكل خاص!.

لك أن تتخيّل أن بعد كل بيان يصدر، يحصل هبوط مهيب في مؤشر السوق، وتهبط جُل الشركات، تحديدًا تلك التي تم تسميتها في البيانات الصادرة، والمتضرر الأكبر هو المتداول البريء الذي طيّر «القرشين» التي جمعهم بعد أعوامٍ من الكد!.

أما عن المستفيد الأكبر، فلا شك أنه القرش الكبير الذي يستغل هذه الانخسافات السعرية ويجمع بها أكبر قدر ممكن من الأسهم، ذاتها الأسهم التي باعها الضعفاء الذين هربوا خشية من هبوط إضافي وتخلّصوا من أسهمهم بخسارة كبيرة.

لا يكاد يتعافى المؤشر وشركاته بعد مرور أيام وأسابيع، حتى يصدر بيان جديد يحمل ادعاءات جديدة، ليجُبّ كل ذلك الترميم الطويل، وتعود هذه الشركات إلى حضيضها من جديد!.

المشكلة هنا، أن سوقنا مشهودة عليها بغلاظتها وردة فعلها السريعة للأسفل عند الظروف والأخبار السلبية، أما عند الأحوال الإيجابية والتي تخضرّ بها جُل مؤشرات أسواق العالم، تجدها «تطق اللثمة، وتصد بوجهها، لا من شاف ولا من دريّ!».

لسنا ضد فكرة السلطة التداولية، بل نحن في أشد الحاجة لوجودها مع ضبط شكل إعلان الاشتباهات وحساب الأثر الذي سيخلّفه، وعلى أقل تقدير، الابتعاد عن تسمية الشركات ليَسلَم المتداول من السقطات المظلّية التي لم تُبقِ به عظمًا إلا وكسّرته، وإلا أصبح دور الشرطي في كل مداهمة هو كلبشة لص وحيد وتسعة وتسعين بريئًا!.

مرر للأسفل للمزيد