الأراء

كيف تحافظ على منصبك في 2030

حسن النجراني

الوصول للمنصب في الثقافة العربية بسيط جدا إذ لا يخلو غالبا من أمور ثلاثة، إما أن تكون لديك شهادة علمية توصلك، أو واسطة تجامل قدراتك وعلاقاتك، أو لديك قدرات شخصية تقنع المسؤول بأنك جدير بهذا المنصب، إذا النتيجة تقول بامتلاكك لواحدة من هذه الثلاث فأنت قد وصلت تقريبا لهذا المنصب ويجب عليك إدارته بشكل جيد للمحافظة على هذا المكسب في مسيرتك المهنية.

وكعادة المشاريع الطموحة فهي تغربل المؤسسات والإدارات والأفراد وتمنح الجميع الفرصة بشكل متساوي للنهوض بها والتقدم بخططها، وكانت رؤية المملكة ٢٠٣٠ هي إحدى الفرص التي قدمت الفرص لكل شخص يرى أنه جدير وبالعمل قدير، لذلك شاهدنا الجميع يتقلد المناصب من كافة اتجاهات الوطن وبكل أطيافه، ومن جميع الأعمار.

والعمل في مثل هذه الرؤى يستلزم أمرين مهمين في مجملهما، أولهما وهو المحافظة على المال العام وعدم تبديده لأغراض ومنافع شخصية، والثاني عدم ارتكاب أعمال أو ممارسة مهام تؤدي لتضارب المصالح، فهذه النقطتان تشكل هاجسا لدى المسؤول ويدرك أنه متى ما كان صاحب المنصب نظيف اليد، طاهر من تضارب المصالح فهذه خطوة أولى نحو صلاحه وصلاح العمل الذي سينجزه، وقدرته على إدارة منصبه بفاعلية، لكن هل هذا كافي؟ بالتأكيد لا.

من أبرز الأمور للمحافظة على المنصب وجود مزيج من الإدارة الاستباقية والتعلم المستمر والتكيف مع المنصب الجديد وما يلحق ذلك من تطورات، فمن الأمور المهمة التي يجب التنبه لها، "الأداء والإدارة" من خلال تحقيق النتائج، وبلوغ أهداف الأداء التي حددها الرؤساء باستمرار مثل استخدام الموارد، ورضا المستخدمين والمشاركة في البرنامج المختلفة، وهذه يتعلق بها أمر آخر وهو قدرة صاحب المنصب على قيادة فريقه بإيجابية وفعالية من خلال تعزيز بيئة عمل تعاونية وداعمة حيث يشعر الفريق بالتمكين والتحفيز، مع أهمية تفويض المهام بشكل فعال وتقديم ردود فعل بناءة.

ومن الأمور المهمة لدى صاحب المنصب هي أن يكون استباقيًا وقابلاً للتكيف فتجده يتوقع التحديات، ومستعدا لإجراء التعديلات حسب الحاجة، ومطلعا على التقنيات والاتجاهات الجديدة في تخصصه العلمي والمهني، وقادرا على دمج ذلك في عملياته الإدارية، بل وقدرته أيضا على التواصل بانتظام مع فريقه وأصحاب المصلحة والمستخدمين المستفيدين من أنشطة إدارته وأهدافه وتحدياته، ومنفتحا على التعليقات والاقتراحات، بالإضافة لكونه متواصلا مع أقرانه وأفراد المجتمع لمعرفة احتياجاتهم وأيضا الترويج لنجاحاته.

ولا يغفل صاحب المنصب عن تطوره المهني، فتجده يطلع بشكل دائم على التقنيات والاتجاهات الجديدة وأفضل الممارسات في مجال تخصصه، والمؤلفات الحديثة التي لها علاقة بعمله، والمشاركة في ورش العمل والمؤتمرات والندوات سواء كان ذلك حضوريا أو عبر الإنترنت، وتطوير المهارات القيادية من أجل التواصل وحل النزاعات، ومشاركة معرفته وخبراته مع فريقه أولا ثم مع المهتمين.

وهناك نصائح إضافية لا تقل أهمية عما ذكر بالأعلى، فكونك صاحب منصب، فإن عليك تتبع إنجازاتك من خلال توثيق النجاحات بالأرقام كي تحافظ على منصبك وتأتيك الترقيات تباعا، أيضا تعتمد على البيانات فهي نفط اليوم وذلك لتتبع تأثير برامجك وخدماتك واتخاذ قرارات مستنيرة، وكن مبتكرا لتحسين منتجاتك وعروضك، وتحلى بالشغف فهو القادر على بقائك في منصبك حتى تقرر ساعة رحيلك متى ما أردت، كما سينعكس نجاحك وشغفك على فريقك والمستفيدين من إدارتك.

بقي القول، إن المشاريع الكبرى تحتاج لأشخاص يطوعون خبراتهم العلمية والمهنية في خدمتها وخدمة أهدافها، مع تحليهم بالتواضع والأخلاق الحسنة، وعدم استخدام السلطة بقسوة في حق مرؤوسيهم لتحقيق النجاح، فإن فعلوا ذلك، أظهروا قيمتهم في المنصب، وتحولوا في نظر رؤسائهم لكونهم أصولا وثروة قيادية يمكن الاستفادة منها، وأهلا بك في المنصب في ٢٠٣٠.

مرر للأسفل للمزيد