الأراء

الأبواب المغلقة

عبير صالح الصقر

في ذلك اليوم الذي يتخطى حاجز ٢٠ عامًا من الصبر والخذلان وقف مع نفسه يدرس الخسائر في انتظار الباب الذي لم يفتح أبدًا، ووجد أن كل مبررات المثابرة والإصرار ما كانت إلا قضبان لسجن مقيت حبس عنه السعادة طيلة تلك الأعوام.

الوقوف عند باب مغلق وجه آخر من وجوه الجحيم، تستخدم كل الحيل لتمكين المعطيات بل وتطويع حتى المعقيات فيصبح الهدف كالطاغوت يتملك فكرك ومساعيك وهنا يكمن الفخ، عندما تكون المساعي في حقيقتها مقاومة لكل شيء إلا فكرة الوصول وستجد نفسك في النهاية أمام حقيقة أنك لم تكن في معبد الطموح بل في محرقة للأرواح، إذا وقفت عند الباب مطولا فاعلم أنه ليس لك وكن واثقًا أن هناك بابا ينتظر عبورك بسلام، فأي وصول تبتغيه وقد فقدت سلامك الداخلي!

ولا تقايض أبدا ترف الوصول بطمأنينة العبور ، فكلاهما هدف، لا تسمح أبدا للطموح أن يغتال بصيرتك ويستبيح سلام روحك.

وكن على يقين أن لا خشوع إلا أمام باب الله. اطلب منه أشياء عظيمة واترك له اختيار الباب الأنسب. الله يريد لك النعيم. إن أنت أردت حلما أطلبه بلا منهج وهو سبحانه سيدبر الأمر. يقول ستيف هارفي «المشيئة لا تخصك وليست من صلاحياتك فأنت لست الخالق، أنت تمنع نفسك من نعمتك لأنك تعترض طريق الإجابة التي أرادها الله لاستجابة دعاءك، فقط اطلب منه أشياء عظيمة».

متى ما أقفل الباب تعلم أن تسعى بطريقة مختلفة لباب آخر ، ابحث عن الباب الصحيح فقط.. الخالق لا يريدك في الطريق فأنت والباب من المخلوقات التي سخرها لبعض.

فإن شئت اتمام عملية والدتك لا تطلب من الله أن يهيئ لها موعدا عند الطبيب فلان أفضل أطباء العالم بل اطلب منه أن يهيئ لها أسباب الشفاء واترك الأمر له، وإن شئت الرزق اطلب من الله الرزق ولا تتواضع بالطلب من رب المعجزات فتكتفي مثلا بطلب سداد الإيجار وكأنك تضع صورة للحياة الطيبة بمحدودية تفكيرك وتحكرها بسداد ايجار ، اطلب المستحيل وسيرسم لك- سبحانه- الطريق الأجمل والأكثر ثراء وسعادة فأنت تطلب من كريم، وكلما تعذر فتح الباب تذكر أن الله يريد أن يعطيك من كل ماسألته ﴿وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾

لكنك قد تكون أحببت بابا فيه شر لك، وإن كان ذاك الشر أنك ستخسر كثيرا من راحة بالك لتصل والله يريد لك اليسر .

(وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ).

سأضع نفسي حيث أجد سهلا أخضر، سأسير في دروب تحفها الزهور وأرواح سعيدة مبتهجة فإن لم أصل فيكفيني أن الدرب كان لي حياة. دامت أبواب الخير مفتحة لكم.

مرر للأسفل للمزيد