الأراء

أنا مسؤول وأنت كذلك

فهد بن جابر

كورونا الجديد، فيروس خطير ضرب الكرة الأرضية بلا استثناء، قَلَب الكثير من الموازين، غيّر أنظمة السفر، وأسعار النفط، ومتطلبات التأشيرة، أنظمة الحجز الصحي، ووو، كل ذلك لسبب واحد هو (جدّية الوضع)، والذي يتطلب تفاعل الجميع.

تباينت الدول من ناحيتي جدية التعامل، وحسن التدبير لحماية مواطنيها، ومن يقيمون على أرضها من الفيروس. الصين أكثر الدول تضررًا من الفيروس لأسباب منها أنه بدأ منها، والكثافة السكانية، وعدم اتضاح جدية الوضع في بدايته، لكنها اتخذت من الاحتياطات ما يدل على أنها دولة ذات مسؤولية عالية، بلغ الحجر على مدن كبيرة جدًا، تزيد عن حجم بعض الدول الصغيرة.

بينما فشلت دول مثل إيران في احتواء الوضع لأسباب منها عدم الجدية، وعدم استشعار حجم الخطر، وغياب الشفافية في الأرقام والحالات، وضعف الإمكانيات الطبية، نتج عنه تصدرها دول الشرق الأوسط في عدد الحالات، بل وبلغ بها تصدير الحالات لباقي الدول بشكل رسمي، وبأشكال غير رسيمة مخالفة لأنظمة وقوانين السفر العالمية.

أما المملكة العربية السعودية فقد كانت ولا تزال المثال الذي يُضرب في حسن التعامل مع هذا الوباء العالمي، ساعدها في ذلك عدة أمور منها:

·      قوة الإرادة التي تمثلت في اتخاذ كافة التدابير حسب الحالة، ابتداءً من حظر السفر لبعض الدول، ثم لدول أقرب، ثم لكافة الدول، وغير ذلك.

·      الخبرة الكبيرة في إدارة الحشود، والتي لا يوجد مثلها في العالم؛ فليست هناك دولة تدير ملايين البشر في مكان محدود، ولفترة محددة بشكل سنوي كما تفعل المملكة، وتستمر تلك الخبرات طول العام مع زوار الحرمين الشريفين.

·      كون علاقة الوطن بمواطنيه كعلاقة الأم الحنون بأبنائها، ترجمت ذلك المهلة التي أعطتها المملكة لإفصاح أبنائها المخالفين بالسفر للدول المعادية بشكل غير رسمي، ودون الحصول على الأذونات اللازمة، تبع تلك المخالفة تبعات كبيرة أدت إلى إدخال الوباء لجسد الأم التي حنّت على أبنائها العاقين، كما الآخرين، واتخذت التدابير اللازمة لمنع وصول الوباء للباقين.

·      الحجر في كثير من الدول أشبه بالسجن الكبير، أو مقبرة جماعية يموت فيها الشخص عدة مرات قبل موتهم بشكل رسمي، أما في المملكة فهو في فندق ذي خمسة نجوم، أي حجر هذا! بل ويتم توفير الدواء والعناية اللازمة بشكل مجاني دون حدود لسقف تكلفة، نتج عنه تعافي بعض الحالات، والتي يسير الباقي على خطاها.

·      تبع ذلك إجراءات مثل منع التجمعات، وإلغاء بعض المناسبات، والمعارض، والمباريات، والمنافسات، والمناسبات. بلغ الأمر إيقاف مؤقت لحفلات الزواج والتجمعات الكبيرة، هنا تكمن النظرة الثاقبة، ولتكن لنا عبرة من تساهل الدول الموبوءة.

·      قامت الدولة مشكورة بإيقاف حضور الطلاب للمدارس، وفعّلت التقنيات، ووجهت شركات الاتصالات لتقديم الخدمات المطلوبة لاستمرار العملية التعليمية، ثم قامت بإيقاف عمل الدوائر الحكومية -عدا الأمنية والصحية- بشكل مؤقت.

·      وجهت وزارة الصحة المواطنين للالتزام المنازل لفترة مؤقتة للحد من انتشار الفيروس الخطير، ونسقت مع باقي الوزارات، كوزارة التجارة لإيقاف بعض الأنشطة حفاظًا على المواطن، وكذلك قامت بتفعيل المؤتمر الصحفي المعني بتطورات الوضع، والذي يحضره وزير الصحة شخصيًا، ويجيب على تساؤلات الصحافة، كما يتم تمكين المواطنين من الحصول على المعلومات المطلوبة، والاستشارات الطبية عبر الرقم 937.

·      تكبدت الدولة خسائر كبيرة جدًا لا يمكن لنا تصورها لتحافظ على أرواح مواطنيها، وبقي أن يُريها المواطن -كعادته- أنه أهلٌ للثقة، البقاء في المنزل قدر المستطاع، تجنب التجمعات مهما كانت صغيرة، والإبلاغ عن أي حالة مشتبه بها، إيقاف الشائعات التي تبالغ في وصف الوضع، وتجاهل الطرف التي تتساهل بهذا الوباء هو الإسهام المطلوب منا في الوقت الراهن.

·      المملكة العربية السعودية لا تحسب الخسائر حينما تكون الأرواح في حساب معها؛ لذلك فلنكن على قدر المسؤولية، ولنتعاون جميعًا في هذا الوضع لإنجاح الخطة الكبيرة، لا تَذهب للتجمعات، لا تصافح مؤقتًا، اتبع التعليمات، ساهم في وقف انتشار الفيروس.

أخيرًا يجهل البعض حقيقة أنه قبل أن يكون هو الناقل للفيروس، فسيكون هو الضحية، لذلك كلٌ منّا مسؤول.

مرر للأسفل للمزيد