الأراء

التيلومير: المؤشر للشيخوخة وطول العمر؟

فرحان حسن الشمري

ليزا محاسِبة أمريكية في الأربعينيات اكتشفت خلال فحص طبي أن جسدها "يشيخ من الداخل" رغم مظهرها الشاب. اختبار طول التيلومير Telomere Length Test كشف عن قصر حاد في نهايات كروموسوماتها، ما يعكس تقدماً بيولوجياً بالعمر يفوق عمرها الزمني بعشر سنوات، نتيجة الصدمة أدركت ومع نصيحة الأطباء أن التوتر ونمط حياتها القلق والخامل يسرّعان شيخوختها، فقررت بدء رحلة تغيير جذري نحو نمط صحي ومتوازن وهادئ.

 

ما هو التيلومير؟

في عام 2009، حصلت الدكتورة إليزابيث بلاكبيرن (Elizabeth Blackburn) والعالمة كارول غريدر (Carol Greider) على جائزة نوبل في الطب لاكتشافهما الإنزيم "تيلوميراز" (Telomerase) ودوره في حماية التيلوميرات.

 التيلومير (Telomere) هو غطاء صغير موجود عند نهايات الكروموسومات يحمي الحمض النووي من التلف ويقصر مع كل انقسام خلوي عند نفاده، ومنها تدخل الخلية في مرحلة الشيخوخة الخلوية (Cellular Senescence) وهو ما يربطه العلماء بظهور أمراض مثل السرطان وأمراض القلب والإدراك المعرفي.

 

هل يمكن إبطاء تقصير التيلومير وحتى إطالتها؟

الإجابة نعم، تشير دراسات حديثة إلى أن التأمل والهدوء والرياضة والنظام الغذائي المتوازن والنوم الكافي، تقلل من سرعة تقصيرها وحتى إطالتها في بعض الحالات، كما أظهرت ذلك أبحاث الدكتورة إليزابيث بلاكبيرن بأن تغيير نمط الحياة يمكن أن يؤثر إيجابيًا على التيلوميرات.

مستقبل واعد.. وتحديات

يعمل العلماء على دراسات لتحفيز إنزيم التيلوميراز الذي يعيد بناء التيلوميرات، ولكن تبقى هناك بعض المخاوف من أثار جانبية محتملة لذلك، وعليه يظل اتباع نمط حياة صحي هو السبيل الأكثر أمانًا لحماية شباب الجسد والدماغ.

ختامًا: نقول نحن لا نُرهق فقط من العمل و المسؤوليات بل أيضاً من تجاهل أصوات أجسادنا وهمسات أرواحنا، حيث إن بداخل كل منا خلية تقاوم ونبض يستحق أن يُحيا بصفاء وصحة.

التوازن ليس رفاهية بل حاجة والهدوء ليس ترفًا بل شفاء والاعتناء بالنفس ليس أنانية بل وعي مع كل لحظة نختار فيها الطعام الصحي والنوم العميق وصمت للاسترخاء.. هي رسالة حب نوجهها لأنفسنا فالعافية لا تُمنح، بل تُبنى بهدوء.. وبخيارات صغيرة لكنها عميقة الأثر مع مرور الوقت.

المستشار فرحان حسن الشمري

X: https://twitter.com/farhan_939

‏e-mail: fhshasn@gmail.com

مرر للأسفل للمزيد