قبل أيام وعلى قناة الميادين الإيرانية ومع مذيعها ومديرها «غسان بن جدو»، تابعت مقابلة حسن نصرالله.. عجيبٌ هذا الهوان والخنوع من «بن جدو» أمام حسن نصرالله، وكأنّه يتحدَّث مع إله مقدَّس، وليس مع مخلوق بشري..
اللافت أنَّ هذا اللقاء هو رقم عشرين الذي يجريه «بن جدو» مع نصرالله في العشر سنوات الأخيرة، كما ذكر هو، وللعجب يعتبر هذا إنجازًا إعلاميًا.. والكل يعرف أنَّ نصرالله في الأعوام العشرة الماضية فقَد شعبيته وجماهيريته من كلّ الأطياف الإسلامية؛ السنية والشيعية منها، إضافة إلى قوى اليسار العربي المخدوعة بأسطوانة «المقاومة»..
ماذا بقي له إلا المقابلات التلفزيونية التي يهدّد ويزبد ويرعد فيها وتتلاشى تلك التهديدات آخر النهار، نصر الله فقد بريقه بعد أن انكشفت أكاذيبه المغلفة بنصرة المظلومين والثوار في كلّ مكان، وخاصةً في العالم العربي كما يردّد أسياده في طهران وقُم...
في هذا اللقاء ردَّد نصرالله وكذب أكثر من مرة وخاصة فيما يخصّ تدخل حزب الله في سوريا وذبح الشعب السوري المسكين الثائر ضد الظلم والعدوان من قبل نظامه، نصرالله يقول إنّه كان في دمشق في بداية الحراك السلمي في سوريا في ٢٠١١، وإنّ بشار الأسد قابل أعيان ومشايخ درعا، وهي المدينة التي انطلقت منها شرارة الثورة هناك..
نصرالله يقول إنّه قابل الأسد في نفس اليوم بعد مقابلته- أي الأسد- لأهالي درعا، وإنه وافق على كل مطالبهم وعزل المسؤولين الفاسدين ودفع ديات القتلي المدنيين.. وهذا قد يكون قد حدث، ولكن ما كذب فيه نصرالله قوله إنه بعد ثلاثة أيام قامت الجماعات المسلحة بمهاجمة قوات الأمن وبدأت بالقتل والتفجير، الكل يشهد ويتذكر أن الثورة السورية استمرَّت سلمية لأكثر من ستة أشهر والنظام كان يقتل في المتظاهرين السلميين أيام الجمع وبطبيعة التطورات والدفاع عن النفس دافع ودفع ذلك الحراك السلمي للعنف للأسف، والمسؤول الأول والأخير عنه هو النظام.
حسن نصرالله وفي حركة فيها تذاكٍ بشكل رجعي يروِي في مقابلته أنَّ قاسم سليماني قد تنبَّأ بعد سقوط نظام مبارك في مصر أنَّ هناك مخططًا امريكيًا يستهدف المنطقة، وأن الدور سوف يأتي على سوريا، وهذا ما حدث بعدها بفترةٍ، كل هذا الكذب والتلفيق هو من أجل أن يبرر تدخل حزب المقاومة الكاذبة في قتل الشعب السوري والوقوف مع المجرم.
الكذبة الآخرى التي حاول أن يمرّرها نصرالله في مقابلته مع القزم بن جدو هي أنَّ المقاومة العراقية التي تصدَّت للاحتلال الأمريكي للعراق في ٢٠٠٣.
هي المقاومة (الشيعية) والكل يعلم أنَّ من يحكم العراق أو من جلبه معه المحتلّ الأمريكي هو هذا المكوّن، ونصرالله يحاول إسكات معارضيه في هذه الجزئية بقوله إنَّ المعارضة السنية كانت القاعدة والزرقاوي والإرهابيين، نعم هذه التنظيمات إرهابية من قبل ومن بعد احتلال العراق، ولكن لا يمكن أن يسرق مقاومة الشعب العراقي بكل مكوناته للمحتلّ الأمريكي، وهذه هي الحقيقة التاريخية .
ما يجري في العراق اليوم من ميليشيات إيرانية هي من نتاج عمل قاسم سليماني ومعه أبو المهدي المهندس القيادي في الحشد الشعبي، هذان الرجلان كان لابدَّ من التخلص منهما إذا كانت الطبقة الحاكمة العراقية تريد أن يكون وطنها دولة ذات سيادة وليس دولة يحكمها سليماني أو من هم على شاكلته من الذين يتلقون الدعم بكل أشكاله من سيدهم الخامنئي .