ترتقي الأمم، وتزدهر الحضارات، ويعلو شأن مجتمعاتها بالعلم ومدى ما وصلت إليه من إنجازات حقيقيّة في مجال العلوم؛ حيث يعتبر العلم المحرّك الأساسي الذي تتسابق الدول على تقدُّمه واستمرار روافده، ونحن ولله الحمد والمنّة في دولةٍ أصبح العلم هاجسها والتوسع في جميع مجالاته من أولى أولوياتها وقيادة حكيمة سعت بكلّ فخر لتطوير التعليم على اختلاف مراحله ومناهجه الدراسية، وكل عام يُوثَّق إنجازٌ له بصمة وأثر متجاوب مع رؤية مملكتنا الحبيبة 2030 ومع التطورات المتلاحقة التي يشهدها العالم.
لا شك أن ما مرَّ به التعليم من تحديات حقيقية أثناء جائحة كورونا كشف قوّة وصلابة السياسة التعليمية التي انتهجتها المملكة العربية السعودية والتعامل الفطن والمواكبة السريعة لكل المعوقات التي واجهها التعليم خلال هذه الجائحة والذي استلزم خطوة على المسار الصحيح لدعم الخطط ومضاعفة الجهود للارتقاء بالتعليم وتوجيهه الوجهة السليمة، فكان اتخاذ قرار "إنشاء منصة مدرستي هو المواجهة الحقيقية، والتحدّي الأكبر من أجل توفير التعليم والحفاظ على صحة المواطن فأصبح العبء الأكبر على المعلم، وخبرته واجتهاداته وكل ما من شأنه أن يخترق حدود التقنية لتصل المعلومة للطالب والذي بدوره يجاهد هو وأسرته لتسهيل وتمهيد الطريق ليتقبل كمية المعلومات بكل يسر وسهولة.
ولا نغفل دور القيادات التربوية في الإدارات التعليمية من متابعة مستمرة للميدان وتغذيته بكل الإمكانيات والإشراف المكثف على كافة العمليات، عام انقضى بنجاح بكل ما فيه من صعوبات، كانت فيه من الخبرات والتجارب والأحداث والمواقف التي لا تنسى، كل جهد كان مضاعفًا وكل إجراء مدروس، وكان الجميع في سباق مع الزمن، مع البعد المكاني ومع الخذلان التقني، الجميع كان يعاني من "الغربة" ويكافح للتكيف، حيث اشتقنا لعودة الحياة الطبيعية في مدارسنا وصوت الجرس والطابور الصباحي والتواصل المباشر مع البيئة التعليمية ككل، ولكن حجم الإنجاز كان عظيمًا وأثر المواساة كان عميق التأثير، والكفاح والصبر في لحظات النجاح تستحقّ، حيث تحقق الهدف بحصول الطلاب على الفائدة التعليمية في بيئة آمنة وسليمة..
الجميع استفاد من هذه التجربة ولعلّي أضرب مثالًا بسيطًا لأم كانت تعاني من خجل ابنتها على الرغم من مستواها التعليمي الجيد، حيث كانت تتردّد كثيرًا في الإجابة خوفًا من الوقوع في الخطأ أو من ردود أفعال زميلاتها ولكن بعد تجربة منصّة مدرستي أصبحت تشارك بلا خجل وبثقة وغيرها الكثير من المواقف التربوية، وكمشرفة تربوية لاحظت تحسُّنًا كبيرًا في أداء بعض معلماتي فكانت الهمة عالية والدافعية في تزايد والقدرات في تطور وأساليب التعليم في مواكبة حقيقيّة، بالإضافة إلى التطور الواضح على الصعيد التقني لدى الجميع بدون استثناء.
ولنا الحق أن نفتخر بأننا في دولة دائمًا محطّ إعجاب العالم في كل المواقف والظروف حيث أشاد وزير التعليم الإيطالي بأنَّه سوف يُستفاد من تجربة المملكة في ربط الأقاليم لديهم في منصة واحدة. ونحن كتربويين نثق بالله ثمَّ بسياستنا التعليمية الحكيمة بقيادة وزير التعليم معالي الدكتور حمد آل الشيخ بأنَّ العام القادم بإذن الله سيحمل لنا من البشائر والبرامج التي تصبّ جميعها في خدمة العملية التعليمية وجميع أفرادها .