اليوم رحل الشيخ أحمد المحمد معلم القرآن ومعلم القاعدة النورانية الذي أحببناه قبل أن نراه من محبة طلابه الصغار له..
فكيف وقد رأيناه وشاهدناه ابتسامته لا تنقطع ووجهه البشوش.. أناره القرآن وعبادة الأسحار.
كان رحمه الله من أوائل من أسس التعليم المشوق في القاعدة النورانية في جامع البصيرية وجامع الراجحي.
انتقل من إدلب وحل في بريدة وجعل همه تعليم كتاب الله وترسيخ لغة القرآن للصغار بأسلوب شائق وممتع..
التف حوله الصغار وأحبوه لما يحمل من أخلاق مميزة وهمة عالية وابتسامة لا تنقطع وأسلوب تعليمي محفز تميز به عن جميع أقرانه.. حتى أصبح وقته مزدحمًا من كثرة طلابه.
يلتفون حوله في كل مناسبة ظلًّا ظليلًا، ويستقبلهم بابتسامته المعهودة، التي يستقبل بها الصغير قبل الكبير ..
جعل القرآن ربيعًا لقلبه يعمره به.. ويتأدب بآدابه ويتخلق بأخلاقه.
عفيف منقطع مع كتاب ربه وكأنه يستعد للرحيل في عز شبابه، اشتاق إلى ربه واشتاق إلى نبيه واشتاق إلى أهله واشتاق إلى والده..
فكانت روحه الطاهرة تترنم بالقرآن وتلتحف بآياته وترددها في كثير من أحواله ..
مقبلًا على شأنه، مهمومًا بإصلاح طلابه.. حافظًا للسانه.. مميزًا بكلامه.. إن تكلم تكلم بعلم.. وإن سكت سكت بأدب.. قليل الخوض في ما لا يعنيه.. يخاف من لسانه أشد مما يخاف من عدوه.
لا يعرف الغيبة أو النميمة أو الحسد..
مخموم القلب، يعيش في ابتسامة دائمة، نقي القلب، صادق السريرة، محب للخير.
ما أجمل هذه الروح التي دفعت قلمي يتدفق من دموعي ..
إنه مصاب جلل لم أصدق من هول الصدمة حتى جلست أعيد قراءة الرسالة أكثر من مرة ..
أحسبه -والله حسيبه- أنه ممن أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه.
حق على بريدة اليوم أن تترحم على أحد أبرز معلمي أبنائها للقرآن واللغة العربية.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ.
أسال الله أن يكون منهم وأن يتغمده الله برحمته وأن يسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا، وإياه ووالدينا وجميع المسلمين.
د. عبدالله القفاري
@Dralqefari