تنتشر هذه الأيام مقاطع «الهوشات» كما يُفضل متداولوها تسميتها. كما يقوم مصورها بتوثيق التصوير بمعلومات حسابه الشخصي حفظًا لحقوقه. ويمتد مسلسل التصوير ليكون في حلقات متتالية. فشكرًا جزيلًا لمن لا يقوم بإعادة إرسال مثل هذه السخافات والمهازل التي تنتشر بشكل فيروسي.
رغم أنني أعتقد بصحة حديث تصفيد الشياطين في شهر رمضان، إلا أن الاختلاف حول الكيفية، وفي فهم الحديث الشريف. فمنهم من يقول بأن التصفيد خاص بمردة الشياطين، ومنهم من يخص شياطين الجن، ومنهم من يرى أن المعنى ليس الظاهري. ولست -على أي حال- بصدد الخوض في الكيفية، لأنني مؤمن تمامًا أن بعضهم يحترف التصوير الفوتوغرافي بدوام جزئي في شهر رمضان المبارك.
بُعث رسولنا صلى الله عليه وسلم ليُتمم مكارم الأخلاق، ويؤكد على الموجود منها كإغاثة الملهوف، ومساعدة المحتاج، والإصلاح بين الناس. كما أُمرنا بنصرة الظالم والمظلوم على السواء. على النقيض من ذلك نرى من يقتنص الفرص ليحظى بتسجيل اندلاع مشكلة، وتفاقم سوء فهم ليصل لمعضلة يصعب حلها. مما تم تداوله مؤخرًا مقطع لشخصين وقع بينهما سوء تفاهم أثناء القيادة، وكان الشيطان المترصد بكاميرته يحاول تغطية جوانب المشكلة، بالإضافة للتعليق الصوتي على المجريات والمستحدث منها. تدخَّل شخص للإصلاح وفض النزاع إلا أنه كان متأخرًا، فلقد زاد شيطان آخر من وتيرة المشكلة. انتهى الوضع بطعن أحدهم الآخر. كثيرة تلك البدايات الصغيرة التي تنتهي بمصائب وخسائر فادحة، وأعظم الخسائر النفس.
ألم يكن الأحرى بالمسلم أن يساهم في إخماد جمرة، بدلًا من تصوير تطور الحالة لسعير، ثم لأسنة لهب-يصعب السيطرة عليها!، بل إن الأمر لا يخص المسلم؛ فبداخل أي إنسان شيء من الرحمة، يختلف كمًّا ونوعًا، ولكن الشيطان الفوتوغرافي، يقتل ذلك الشيء بأحماض الظلام، ومؤثرات الإخراج التي تُغير من شكل المشهد؛ ليصبح بدون ذلك الشيء المسمى (رحمة).
شيطان آخر عند إشارة مرورية يصور مشهدًا لنزاع نشب بين شابين، بادر زميله الراكب معه لفض النزاع، فنهاه عن ذلك بعذر «خله.. يستاهل اللي يجيه، إذا ما يتحمل، ليه يتضارب؟"!، وددتُ لو نطق المنطق في تلك اللحظة.
ما لا شك فيه أن تصوير مثل تلك الأحداث تعدٍّ على حرمات الناس. إلا أنها قد تُثبت جريمة، ولكن لسنا نحن القضاة، ولستَ أنت -أيها المُوثق- المدعي ولا محامي الدفاع، ما أنت سوى شيطان فوتوغرافي احترف التصوير بدوام جزئي أو كلي.