عشرات من الشباب والمقبلين على ريادة الأعمال يتبادر إلى أذهانهم أن أول خطوة للاستثمار وبناء الثروة هي توفر رأس المال لديهم، وهذا المفهوم غير دقيق؛ لأن وجود رأس المال هو آخر خطوة لبناء المشاريع.
لنعلم أن ما يسمى بالتمويل المالي للمشروع يعتبر آخر خطوة تأتي بعد اكتمال الفكرة ومدى مناسبتها للتنفيذ ومدى حاجة المستهلك لها ونسبة ربحيتها للمستثمر.. هذا هو الأهم لقيام المشاريع بعد ذلك تأتي خطوات أخرى أحدها التمويل.
وحينها ستجد حلولًا كثيرة لإيجاد المال اللازم للمشروع من عدة مصادر دون أن يكون صاحب المشروع يملك رأس المال.
النسبة العظمى من المشاريع في العالم قامت على أموال آخرين غير أصحابها.. فهناك عشرات من أصحاب المال الذي يبحثون عن مشاريع مربحة.
إلى جانب ذلك يجب أن لا يخفى على الشباب الرواد أن هناك مشاريع ربما لا تحتاج إلى رأس مال يذكر، ولكن ليس هذا مكان الحديث عنها ولعلها مقالة قادمة بإذن الله.
كذلك يتبادر إلى أذهان الشباب أن الاستثمار لا بد وأن يكون بالمشاريع التجارية مباشرة، ولكن غفل عن أمر مهم جدًّا، وهو أنه توجد عدة مجالات يمكن للإنسان أن يستثمر فيها قبل أن يبدأ بالاستثمار التجاري وهي مهمة جدًّا لنجاح أي استثمار تجاري في المستقبل ومن هذه المجالات:
أولًا: الاستثمار في تطوير الذات ورفع كفاءة وإمكانيات الإنسان، وذلك بتطوير مهاراته وتطوير قدراته وكسب الخبرة التي يحتاجها في المجال التجاري الذي سيكون ميدانًا له مستقبلًا.
وأقترح لذلك أن يضع الشاب من 5% إلى 10% من دخله مهما كان في تطوير نفسه عن طريق الدورات المحترفة والكوتش الخاص والكتب والمجلات المتخصصة واليوتيوب والمواقع عبر النت، وحضور المعارض والمؤتمرات في نفس المجال الذي يريد أن يعمل فيه بالمستقبل.
ثانيًا: الاستثمار في بناء العلاقات وخلق بيئة محيطة بك من الناجحين والمتخصصين والاستثمار في العلاقات أمر مهم جدًّا، وهو لا يحتاج إلى رأس مال، بالإضافة إلى ذلك فهو الطريق السريع للنجاح .
بالعلاقات الإيجابية ستجد التمويل وستجد الدعم والتشجيع وستجد المساهم وستجد الناصح والمرشد وستجد صاحب الخبرة وستجد المسؤول والراعي لفكرتك وستجد المزود لك بالمنتجات والسلع وستجد المسوق والمشتري لمنتجاتك.
عند قيام مشروعك سوف تجد المشجع ماديًّا ومعنويًّا لفكرتك أو مشروعك.. اسأل نفسك دائمًا: هل علاقاتك تساعدك للتقدم في طريق النجاح والوصول إلى أهدافك..؟ أم أن علاقاتك وصداقاتك ليست كذلك..؟ بل ربما تعيقك بالسخرية أو اللمز أو بالتثبيط وتشجعك على التسويف والتأجيل..!
ثالثًا: الاستثمار في الوقت والذي شبهه الأولون بالسيف إن لم تقطعه قطعك، وكذلك الوقت إن لم يستثمره صاحب الريادة فسيمضي سريعًا دون أن يصل إلى أهدافه.
لهذا المفتاح الذهبي للنجاح هو القدرة الفائقة على إدارة الوقت والاستثمار في وقتك وجعل كثير من الدقائق التي تقضيها تكون بالمفيد.. الذي يوصلك إلى تحقيق أهدافك ولا يمنع أن نحضر دورة ولو مجانية عبر اليوتيوب عن إدارة الوقت والتخطيط للحياة.
رابعًا: الاستثمار في الموارد المتاحة ..
يجب أن يعلم الشاب أنه يمكن له أن يستثمر في موارده المتاحة وأن يعلن التحدي لنفسه ومن حوله، فربما اعتقد البعض أنه لا توجد لديه موارد تساعد على إقامة مشروع ناجح بينما الله -عز وجل- خلق هذه الحياة وجعل فيها موارد لا تحصى سواء كانت مادية أو بشرية أو طبيعية.
كم من الناس للأسف يمشي بين موارد متاحة له دون أن يشعر بأهميتها..! بينما لو كانت مع غيره لكان له بصمة تخدم البشرية أو تغير التاريخ.
خامسًا: من طرق الاستثمار أيضًا الاستثمار في طاقاتك الإيجابية وامكانياتك المتنوعة.
فالإنسان لديه طاقة لا تنتهي وإمكانيات ليس لها حدود ..
التفكير الإيجابي على سبيل المثال.. نعمة وإمكانية لا يمكن للشاب أن يتخيل أهميتها في تغيير مسار حياته والعكس صحيح، فمع التفكير السلبي يصبح لدى الإنسان طوق على رقبته يعيقه عن الانطلاقة والنجاح.. إمكانية الكتابة إمكانية القراءة كلها إمكانيات يمكن أن تصنع الفارق.
وأخيرًا
قَالَ عُمَرُ بن الخطاب رضي الله عنه: "تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا" ثم قَالَ أَبُو البخاري رحمه الله تعليقا: "وَبَعْدَ أَنْ تُسَوَّدُوا وَقَدْ تَعَلَّمَ أَصْحَابُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِبَرِ سِنِّهِمْ.