لا شك أن في كل بيئة عملية هناك أصناف من العاملين فمنهم القوي، والضعيف، والمتذمر، وكثير الشك، والمبدع والمهمل، وغيرهم لكن هناك فئة دائما يعاني منها بعض الرؤساء والمدراء وهم الموظفون المبدعون والمنتجون والذين يعملون بجهد وتخطيط عال. هذا النوع من الموظفين غالبا يرعب بعض الرؤساء فيبدأ يتحسس كرسيه تمهيدا للقضاء على هذا المبدع من خلال تطفيشه، أو تهميشه، أو سحب صلاحياته وإعطائه صلاحيات ليست له ليفشل.
وخلال عملي دائما ما أحيط نفسي بنوعين من الموظفين وهو الموظف القوي الأمين والموظف المبدع القابل للتعلم، ولعل هذا جعل أحد زملائي السابقين يصف الوضع بأنني "أحيط نفسي بقنابل ستفنجر"، وبالتالي سيصبح أحدهم رئيس وسيتم الاستغناء عني، ولكنني دائما ما أقول إذا رأسك أحد موظفيك فهذا يعني أنك توقفت عن النجاح أو أن "التلميذ تفوق على أستاذه" وفي كلتا الحالتين ليست هناك خسارة، فعملنا هو المستفيد، ونجاح موظفك هو نجاحك.
صحيح أن الموظف القوي والمبدع متعب و"متطلب" وهذا أمر مفروغ منه، لكن هناك نوع من الرؤساء لديه الحنكة والسياسة في إدارة هذا النوع الموظفين والاستفادة منه لأقصى حد، مع منحه متطلباته، ولكن بحكمة لا تؤثر على العمل وتجعل هذا الموظف راض وبالتالي زيادة انتاجيته، ومع ذلك فإنني خلال إدارتي لم أفشل في منصب بل غادرت كل منصب بإرادتي، وبقيت تلك الإدارة خلفي قوية، مع مساندتي لها حتى بعد المغادرة، كما أنني أسعى لتمكين هؤلاء الموظفين الأقوياء في مؤسسات تتناسب مع قدراتهم ومؤهلاتهم.
إن خوف بعض المدراء والرؤساء من المرؤوسين أمر "مريع" إذ أن الهيمنة لا تصنع رئيسا قويا، ولذلك فالرئيس الذكي من يزيل التوتر والخوف مع مرؤوسيه ويزيد عمق التواصل، وأن يكون صريحا ومتفهما، ويمكن فريقه من خلال الدعم والتوجيه، ويوزع الصلاحيات وهذا يؤدي لأداء أفضل وإنتاجية أعلى، وبالتالي ستكون رئيسا ناجحا ومبدعا، ولن يخيفك موظف قوي أو مبدع بل سيكون سندا لك في قصة نجاحك.
بقي القول، إن إدارة الأشخاص الأقوياء تتطلب أنواعا من الذكاء وأبرزها الذكاء العاطفي، كما ينبغي أن يكون الرئيس شخصيا ذكيا، صبورا ولديه نفس طويل، وقدرة على فصل مشاعره عن أهدافه، بل لديه القدرة على التنازل لأجل أن يسير المركب، وإذا تعرض الرئيس لتوتر مع موظفه القوي فعليه تحليل المشكلة ومعالجتها بشكل مهني سواء من خلال الجلوس مع الموظف أو البحث عن استشارة إدارية تمكنه من مواصلة قيادتك لفريق بنجاح.
حسن النجراني
باحث دكتوراه في الإعلام الرقمي، جامعة كمبلوتنسي مدريد- إسبانيا