الأراء

أنت أولًا ثم أنت

محمد الرساسمة

في خضم الحكم المتداولة ينساق الكثير نحو مفاهيم ساذجة تهوي بهم إلى الدرك الأسفل من الاستغلال غير المأسوف عليه، والبعض يتوقع أن المدينة الفاضلة واقع موجود فيتجول في مجتمعه على هذا الأساس.

أنا لا أضعك في حالة عداء مع الجميع لكن لا بد أن تعي أن الصفات الجميلة واجب أن نتحلى بها جميعًا، لكن ليس على حساب أنفسنا، فعلى سبيل المثال هناك من ينعتك بصفة الأنانية؛ بسبب أنك مبتسم كل صباح ويرى أنك لا تراعي مشاعر الناس بسبب ابتسامتك !

وبسبب بشاعة التهمة استسلمت لهذا الرأي وبدأت تخفي ابتسامتك الصباحية ظنًا منك أنك ستطهر نفسك من هذه الصفة حتى اختفت هذه الابتسامة نهائيًّا ومن ثم عاد نفس الشخص ليلومك على هذا العبوس، ويتهمك مجددًا بأنك شخص أناني لا تراعي مشاعر من حولك فابتسم !

هذا ما أقصده تمامًا هو عدم معرفة البعض بصفات المصطلحات فيخشى أن يتسم بهذه الشخصية السيئة فيتم استعباده من الجميع، افعل لا تفعل منفذًا لكل الأوامر التي تأتيه من أسرته وأصدقائه وزملائه في العمل .

يقول سقراط (اعرف نفسك) نعم بكل بساطة هناك مواقف تحتاج منا إلى أن نعدل بعض سلوكياتنا أو نتمسك بمواقفنا وربما في أحيان كثيرة نكون أكثر أنانية فأنت أولًا قبل كل شيء وإن فعلت العكس فهذا نابع من تقدير ذاتك وتقييمك للموقف بشكل صحيح .

لا بد أن نعيش بواقعية فالخير موجود والشر كذلك والحق والباطل ونتعامل مع الأحداث بمبادئ معينة قد تقتضي التعامل معها بالتغاضي أو العكس، ولكن ما أحذر منه هو أن لا تعرف نفسك فتكون هشًا تحركك النسمة حتى لا يقولوا عنك كذا وكذا!

إن هذه الفئة لا بد أن تطور ذاتها والسبب يعود إلى أزمة في ثقتها بنفسها وعليها أن تتعلم ما معنى كل صفة وما هي سماتها وتجعل العقل ميزانًا لكل ردة فعل، عليها أن تقرأ كثيرًا في التنازع والتعاون وأن تدرب أنفسها على استعادة الثقة المهزوزة وتتعلم أن الأشخاص تحكمهم المصلحة في الغالب فيبنون آراءهم على ذلك.

وتذكر أن الناس يعجبهم القوي وإن كان عدوهم، ويقللون من شأن الضعيف وإن أنقذ حياتهم، ويبدو أن حكاية الكلب والذئب هي خير دليل على ذلك، فالكلب وإن أنقذك من الغرق لن تصنع له قدرًا مثل الذئب وإن أكل أحد أفراد أسرتك، إنها فلسفة الحياة الخالية من الرتوش والنصائح والمثاليات وكما يقال خلك ذيب .

مرر للأسفل للمزيد