الأراء

الطب الشرعي يُظهر حقيقة حالة الوفاة الغامضة

مهدي السروري

يُعدُ الطبُ الشرعي أو الطبُ الجنائي سنداً وثيقاً للجهات القضائية وداعماً للجهات الأمنية، فهو الذي يفتح رموز الجريمة ويُمسِك الأدلة الطبية لكشف أسباب الوفاة عندما تَحدُثُ في ظروف غامضة وغير معروفة، كذلك يُبيّن الأمراض التي أصابت الميت.

حيث تتم عملية تشريح الجثمان أو فحص ما بعد الوفاة عندما تكون هناك شبهة في أسباب الوفاة، أو لتعفن الجثة، ما يتسبب ذلك في عدم ظهور آثار واضحة على جسد الميت.

واهتم علماءُ الطب بهذا المجال منذ القِدم لما له من أهمية كبيرة في حياة أفراد المجتمع في حالات الوفاة التي يكتنفها الغموض.

وتطوّرَ هذا الطبُ مع مرور الزمن، وأضحى يقفُ بقوة في وجه منفذي الجريمة الذين يعتقدون أنهم سيطمِسُون معالم جرائمهم، وأنهم سيتحايلون على القانون بذكائهم الإجرامي.

ويعمل الطبُ الشرعي بالبراهين على إبعاد الشك لدى المحققين والقُضاة، والوصول إلى الأسباب غير الواضحة للآخرين.

فالطبُ الشرعي له فوائد عظيمة، حيث يُسهِمُ في إظهار حقيقة حالة الوفاة الغامضة من خلالِ الوصول إلى الأسباب غير الظاهرة للعيان ويُظهر معلومات هامة وعديدة عن الميت.

كذلك يزيل الطبُ الشرعيُ عن أقارب المتوفّى مشاعرَ الاستغرابِ والدهشةِ والحَيرة التي انتابتهم لوفاة قريبهم في ظروف غامضة.

ويساعد على حل المشكلات القانونية الشائكة التي تُصاحب حالات الوفاة غير المعروف سببها.

فالطبيب الشرعي يتميز بحس أمني ويسعى إلى الحصول على معلومات دقيقة وعلمية لأسباب الوفاة، فهو يُعاين ويفحص الجثمان فحصاً وافياً ومتأنياً خارجياً وداخلياً للوصول إلى الإثبات الطبي لسبب الوفاة من خلال التشريح الدقيق له وفحصه إكلينيكياً ومخبرياً من خلال فحص سوائل وأنسجة الجسم والشعر، وكذا العظام والأسنان عند تحلل أو احتراق جسم الميت.

فالطب الشرعي يُبرّئُ المظلوم، ففي بعض حالات الوفاة يُشتَبه في إنسانٍ ما أنه المتسبب في الوفاة عندها يتدخل الطب الشرعي ويُظهر السبب الفعلي للوفاة، وهناك عددة من الأمثلة لحالات وفاة حدثت بطرق مختلفة ويأتي الطب الشرعي لإعلان السبب الحقيقي للوفاة.

إن العاملين في مجال الطب الشرعي من أطباء وفنيين يواجهون ظروفاً صعبة في أثناء أداء مهامهم، حيث يتعاملون مع جثث متفحمة وأخرى متعفنة وأخرى متحللة، ويصِلون إلى أماكن يصعب الوصول إليها في أثناء معاينة مسرح الجريمة أو موقع الوفاة، بل إن هناك أوضاعاً وظروفاً يتطلب فيها الأمر إخراج الجثة من القبر، فلا انعدام لأسباب الوفاة بتواجد الطب الشرعي.

وهناك مفهوم خاطئ لدى الناس بأن التشريح يشوّه جسد الميت، ما يجعل أهل وأقارب الميت يتذمرون من التشريح، ولكن هذا المفهوم غير صحيح، إذ إن عملية التشريح لا يتم فيها أي تشويه خارجي للجثمان، بل تتم بطريقة احترافية متخصصة بالغة الدقة لا تظهر فيها معالم تشويه لجسد الميت.

ولا تتم عملية التشريح لأي جثمان إلا بإذن مسبق من جهات الاختصاص أو بطلب من أهل الميت.

وتُعد السرية التامة والصَبر من العوامل الأساسية للعمل بالطب الشرعي.

مرر للأسفل للمزيد