الأراء

قابل من تساعد

فرحان حسن الشمري

تمّ تقسيم فريق استقبال التبرعات بإحدى الجامعات إلى ثلاث مجموعات

المجموعة -1 تقوم بعملها الاعتيادي.
المجموعة -2 تم إعطاؤها قصصًا عن فوائد الوظيفة التعلم والمال.
المجموعة -3 تم تعريفها للأشخاص الذين يقومون بجمع التبرعات لهم ومساعدتهم وكيف تأثرت حياتهم للأفضل.

فكانت النتيجة كالآتي:

المجموعة -1: لا تغير: نفس معدل جمع التبرعات.
المجموعة -2: لا تغير: نفس معدل جمع التبرعات.
المجموعة -3: تغير: ارتفع معدل جمع التبرعات إلى %155 (أكثر من ضعف ونصف).

كانت تلك هي التجربة التي ذكرها آدم جرانت (عالم نفس أمريكي- مؤلف وأستاذًا بجامعة بنسلفانيا) في كتابه "الأخذ والعطاء" وكان هدفها إثبات أنَّ مقابلة الناس الذين يعمل الموظف على مساعدتهم وتقديم الخدمة لهم هي من أكبر المحفزات والدوافع لزيادة الإنتاجية، حيث يكمن ذلك من إحساس الموظف بأهمية عمله ودوره الذي يؤديه.

وبناءً عليه يطالب ويحث السيد آدم أن يتاح للموظفين أو العاملين مقابلة من يقدموا إليهم الخدمة أو المساعدة ولو حتى لدقائق معدودة لما لذلك من انعكاس إيجابي على نفسية الموظف وعمله وحياته بالجملة.

نعم إن إحساس الموظف بأهمية العمل الذي يؤديه وبأنه عضو فعال ومفيد في مجتمعة يخلق بيئة طيبة للإبداع والتقدم والإنتاجية ومع ذلك للأسف نسمع عن تهميش وتعسف وإقصاء من قبل بعض الإدارات في الشركات والمنظمات وأحيانًا كثيرة يكون هذا الموظف من المبدعين أو الذين كانت لهم إنجازات طيبة ومتراكمة في العمل.

وكثيرًا ما تبرر حالات التهميش والإقصاء والتعسف الوظيفي بمقولة "العمل ماشي" ونقول نعم العمل يسير، ولكن هل بنفس الجودة والتطور والقدرة على المنافسة الشرسة والتعاطي مع المتغيرات السريعة وتجاوز الأزمات في عصر الأرقام والمعلومات السريعة والأسواق التفاعلية ووسائل التواصل الاجتماعي؟

ونقول أيضًا كثير من الشركات الكبرى تلاشت بعد أن همشت المبدعين من فريقها كشركة كوداك بتهميشها وتعطيلها لتقرير عن صناعة الكاميرا الرقمية وتأخيره ونوكيا التي سخرت إدارتها من الآيفون واستخدامه وأيضًا شركة أبل عندما فصلت ستيف جوبز وذكرت أنَّه لا يصلح للعمل فيها (وهو من أسسها؟!) بعد ذلك اضطرت بل توسَّلت له بالرجوع إليها وقادها هو لتصبح أكبر شركة في العالم بعد فترة وجيزة ومن القديم أيضًا توماس إديسون الذي لم يقدر أفكار السيد تسلا وسخر منه وقبل استقالته ومن ثمّ أصبح بعد ذلك من أكبر منافسيه والأمثلة كثيرة.

ومن الجانب الآخر يتضح أن المؤسسات الناجحة تدعم وتبحث عن المبدعين من خلال السمعة والسيرة الذاتية أو من خلال عمل المسابقات وتكوين حاضنات للمبدعين والمتفوقين والعمل على رعايتهم حتى من بداياتهم المدرسية ومن الأمثلة شركة قوقل ومايكروسوفت وبعض الشركات السعودية التي بها نظام ابتعاث منتهٍ بالتوظيف وبعض الأندية الرياضية المحلية والعالمية.

تكمن الحلول مع بعض الموظفين بإعادة التأهيل لوظيفة أخرى مطلوبة أو استجدت أو في الاستشارات ودراسة الحالات (الخبرة) أو في التدريب أو إعطائه ومنحه التعويض الأدبي والمادي الذي يستحقه لترك العمل، وذلك مما يشيع في المنظمة صدى إيجابيًا ويعزز قيمة الوفاء فيها لموظفيها ويشجع الباقين على الإنتاج والتفاني.

و أخيرًا وباختصار تكمن الكلمة المهمة للإدارات والشركات ب “طريقة التفكير Mind Set “ أي تفتح العقلية على المتغيرات والتنافسية المحلية والعالمية وتقدير المورد المهم وهو الموظف. قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

فرحان حسن الشمري
للتواصل مع الكاتب:
‏e-mail: fhshasn@gmail.com
 

مرر للأسفل للمزيد