إن زيادة أعداد المؤثرين في برامج التواصل الاجتماعي، وزيادة «تفاهات» بعض أولئك المؤثرين، وارتفاع نسبة "مصائبهم" (اللي تجيب العيد في المجتمع وبعض الأحيان في سمعة البلد)، جعلتنا نخشى على أبنائنا من تلك الأجهزة التي تدعى بالذكية، وأن نشتبك داخليًا مع أنفسنا أولًا ثم مع عائلاتنا متسائلين: هل نمنع عنهم تلك الأجهزة؟ هل نكثف الرقابة عليهم ونصل إلى مرحلة التجسس؟!. لقد أحدثت الزيادة في أعداد المؤثرين ومصائبهم حالة عدم ثقة بين أفراد المجتمع بعضهم ببعض، فتجدنا نقول: لم تكن هذه الزيادة في الأعداد والمصائب إلا بسبب ما تجده من قبول يتمثل في عدد المشاهدات التي تحظى بها حسابات أولئك المؤثرين من قبل ابني وخالتي وجاري وزميلي في العمل.. إلخ، ويتنامى لدينا هذا الشعور مصحوبا بعدم التصديق والتعجب والاستغراب بشكل كبير.
لقد كان يوم الأحد 14 شوال الموافق 15 مايو عرسًا سعوديًا بكل ما تعنيه الكلمة. لقد حصد خمسة وثلاثين موهوبًا وموهوبة سعوديا/ة خمس عشرة جائزة كبرى وست جوائز خاصة خلال مشاركتهم في معرض ريجينيرون الدولي للعلوم والهندسة "آيسف 2022" من بين طلاب قادمين من خمس وثمانين دولة، وقد أُقيم المعرض في أتلانتا بولاية جورجيا الأميركية، خلال الفترة من 7 إلى 13 مايو.
في يوم السبت الماضي أعلنت النتائج وتفاعل معها المجتمع من خلال جميع المنصات بدون استثناء، بل لم يكتف المجتمع بمجرد التفاعل مع الإعلان أو الخبر، بل لقد استقبلت الرياض -يوم الأحد- أبناءنا المتفوقين بكل حفاوة وفخر على أرض المطار، ورحَّبت بهم المملكة من جازان إلى القريات ومن الدمام إلى جدة، لقد حضر الجميع، لم يتغيب عن هذا العرس أي سعودي، حضرت ابتسامة الاعتزاز وذرفت دموع الفرح، بل وأستطيع القول بأن أغلب المجتمع السعودي لم ينم جيدا مساء الأحد ليلة الإثنين.
ليلة الإثنين 15 شوال الموافق 16 مايو فرح فيها المجتمع مرتين.. الأولى بفوز أبنائنا وبناتنا، والثانية بالاحتفاء بهذه الفئة المتميزة من أبناء وبنات الوطن وبوضعهم في المنزلة التي يستحقونها، وجعلهم يتصدرون المشهد منفردين. لقد أوجد هذا الاحتفاء حالة من الثقة تؤكد بأن هناك نسبة عالية من الوعي تجاه ما يقدم من قبل "بعض" المؤثرين، وأن الإنجاز الحقيقي ومكانة العلم لهما موقع التاج على الرأس.
شكرًا لكل من ساهم في الاحتفاء بأبنائنا وبناتنا يوم الأحد 14 شوال.