تحتفل المملكة بيومها الوطني الـ«92» بمزيد من الإنجازات التي تبرهن على أنَّ لذلك الوطن رجال صدقوا العهد وأوفوا بالوعد فأبوا إلا القمة مطلبًا لهذه البلاد، مدفوعين بواجب ديني وأخلاقي وإنساني حيالها فهي الوطن النابض بحياة أبنائه وهي مهبط الوحي حيث البقاع المقدسة التي يصدح الحجيج من قلب عاصمتها المقدسة مرددين كل عام: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريكَ لك لبيك، إنَّ الحمد والنِّعمةَ لك والملك، لا شريكَ لك».
ورغم ألف سبب وسبب مما يمكن إحصاؤه بشأن تحليل التجربة السعودية الراهنة، إلا أن معظم التحليلات السطحية في تناول أسباب قوة المملكة، لا تزال تقتصر على حصر أسباب تلك القوة في الثروة النفطية فقط، والحقيقة أن ليس ثمة عاقل ينكر أهمية تلك الثروة تاريخيًا باعتباره معيارًا لتحقيق معادلة القوة ومنجزات الحياة المدنية والحضارة الحديثة، لكن الثروة النفطية وحدها لا تكفي كأداة قياس لقوة الاقتصاد والتقدم الحضاري.
والدليل على ذلك من واقع أوضاع كثير من الدول الغنية بالنفط، التي حُرِمَتْ شعوبُها من عوائده بعد أن طالتها يد الصراعات والاقتتال، فضلًا عن التدخلات الخارجية التي منعت الشعوب من الحصول على حقها المشروع في تلك الثروات، والأمثلة على ذلك كثيرة، ومن حق المتابع المنصف للتجربة السعودية المتدفقة بالعطاء أن يتساءل: «هل يكفي النفط وحده معيارًا للحكم على النجاح؟.. أما كان وراء تلك الثروات النفطية رجال أشداء مخلصون عرفوا كيف يديرون ثروات بلادهم بأمانة وضمير وعدل؟.. ألم تشهد المملكة على يد عرَّاب رؤيتها المباركة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء تنويعًا متفردًا لمصادر الدخل؟».
جميع تلك الأسئلة تجعل التحليل المنصف قائم على أرض صلبة وقواعد موضوعية تفسر لمن يريد الوصول إلى نتائج حيادية كيف نجحت تلك التجربة في فترة وجيزة من الزمان، ولذلك فما كان للنفط أن يكون ذا عائد على اقتصاد ذلك البلد الأمين إلا بعد هيأ الله له أسباب الأمن على يد رجال يقف التاريخ احترامًا لسيرتهم العطرة.