في كل أزمة اقتصادية تمر يتمكن رواد الأعمال والشركات من إيجاد حلول للتعامل مع الحدث؛ ولكن الصدمة الكبيرة التي يمر بها عالم المال والأعمال اليوم مروعة وخاصة في الدول التي تشكل الحد الأكبر في الإنتاج العالمي.
لقد شكل الانهيار والتوقف شبه التام في هذه الدول وغيرها في النشاط التجاري كارثة اقتصادية أشد بكثير مما كانت عليه في فترات الركود العالمية السابقة التي مرت في تاريخ البشرية القديم والحديث.
وذلك بسبب السرعة الفائقة التي انتشر فيها وباء كوفيد 19 في كل بلاد العالم وأصاب ما يقارب مليوني إنسان في فترة وجيزة وقتل ما يزيد على مائة ألف دون توقف وجعل العالم المتقدم قبل غيره يقف في حيرة من أمره.
ذلك أن الأزمة اليوم شلت كل شيء ليس فقط الأعمال التجارية كما كان بالسابق بل حتى الحكومات وحتى الأطفال في الشوارع بل إن صح التعبير نام الناس في بيوتهم كنومة أصحاب الكهف..! وحتما سيخرج الناس من بيوتهم ولن يجدوا الحياة هي الحياة التي كانوا عليها.
لهذا سيكون السيناريو للخروج من هذه الأزمة ليس سهلًا ويحتاج أسبابًا سماوية أولًا ثم عقولًا ابتكارية إبداعية تخلق حلولًا غير عادية لضمان عودة الحياة والاقتصاد العالمي وعودة آلاف المشاريع التجارية والشركات التي شلها فيروس كورونا بأكملها سواء من جانب العاملين أو المستهلكين أو المنتجين لعناصر البيع والشراء.
كما أن عملية التوريد والاستيراد شبه تعطلت وحتى الجانب القانوني والمجال الحكومي هو الآخر انعزل العاملون فيه في بيوتهم وحتى على مستوى بعض رؤساء الدول والقادة السياسيين الذين لم يسلموا من هذا الوباء أو الحجر الصحي.
لهذا الحدث الكبير يشير الكاتب إلى بعض الحلول التي ربما تساعد في عودة حركة الحياة الاقتصادية بشكل أسرع بعد كورونا وأهم هذه العوامل أن يكون هناك تعاون كبير جدًا بين الدول والتحول من العقل الفردي إلى العقل الجمعي الذي يخدم المجتمع البشري بأسره بعيدا عن التمسك بالدولار أولًا أو الباوند أو أي كانت عملة هذا البلد أو ذاك وتحديث المنظمات الدولية الاقتصادية منها والإنسانية وعلى رأسها الاتفاقيات مثل القات وغيرها وتوجيهها لخدمة البشرية عموما وليس للدول الكبرى كما هو الحال فيما قبل كورونا.. والقناعة التامة أن ما قبل كورونا تاريخ عالمي لا يعول عليه لسعادة البشرية!
وتأجيل الصراع الصيني- الغربي وتوقيف الحروب في كل مكان باتفاق عالمي لمدة خمس سنوات وتغليب لغة الحوار والتركيز على حماية البيئة والأطفال والضعفاء والمهجرين.
إلى جانب ذلك كله يجب أن يتم الاهتمام بشكل كبير بالتحول الإلكتروني والتقني التام حتى في المطارات والجوازات وتخفيض قيمة التأشيرات السياحية إلى 70% لمدة ثلاثة أعوام قادمة وتخفيف إجراءات التشديد في المطارات لتعجيل الحركة بين الدول فالإنسان هو أساس الاقتصاد.
وتجريم السلوك والقوانين والتصريحات التي تدعم العنصرية وتأكيد احترام الأديان والأقليات ومراجعة مصطلحات ما يسمى بالإرهاب والتوقف عن دعم الحكومات الديكتاتورية والعسكرية والوقوف إلى جانب شعوب الدول الفقيرة وخاصة في الدول الإفريقية والتوقف وتجريم نهب ثرواتها إلى جانب تسهيل إجراءات التصدير والاستيراد وتخفيض قيمة الجمارك إلى 70% لمدة ثلاثة أعوام وتخفيض سعر الفائدة وتسهيل عملية التمويل من البنوك ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتحمل الدول بعض تكاليفها فترة التوقف وتعليق الرسوم والضرائب عليها لمدة ثلاثة أعوام ودعم عمليات التقنية والذكاء الاصطناعي والتحول الإلكتروني ومحاربة الاحتكار في المنصات والمواقع الإلكترونية الكبيرة ومحاولة تقسيم الشركات التريليونية مثل أمازون وعلي بابا وما شابهها والحد من احتكارها وفتح مجال للمنافسين الجدد ودعم التسويق الإلكتروني والتسويق بالمحتوى التعليمي والتثقيفي والحد من حركة التذبذب في البورصات لمدة ستة شهور قادمة وإقامة الندوات والمؤتمرات الدولية التي يشارك فيها الجميع ودعم وتشجيع التعلم الذاتي والتعلم عن بعد في كل الدول في كل مراحل التعليم وخاصة الجامعات والكليات والاهتمام بالموهوبين مبكرا وتسهيل الوصول إلى الإنترنت عبر الأقمار الصناعية لكل الشعوب والاهتمام بالطاقة وحماية البيئة وصحة الانسان وتقديم النجوم الحقيقين للأجيال كالأطباء والعلماء والأكاديميين والمهندسين وأصحاب الهمم الذين يصنعون المعجزات لمجتمعاتهم ورجال الأمن الذين يحمون الشعوب.
ولنعلم جميعًا أن العالم حتما سيتغير بعد كرونا فهل نساعده على التغير إلى الأحسن للبشرية جمعاء دون صراع ورسم العدالة وحقوق الإنسان للضعيف قبل القوي وإعادة ومراجعة الوسائل التي ينفذ فيها هذه الآليات بشكل يضمن العدالة للجميع.
وأخيرا ليعلم العالم أن هناك قانونا للكون «وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير».
أكاديمي سعودي