لا شك أن حادثة سقوط الطفل المغربي ريان في إحدى الآبار في المغرب قد أحدث ضجة كبيرة على مستوى العالم العربي، هذا الطفل الصغير الذي أخذ أنفاسنا منذ لحظة سقوطه وحالة الترقب والانتظار والهلع والخوف التي عشناها خوفًا من أي مكروه قد يحدث له أثناء وجوده في البئر.
كمية المشاعر التي عشناها طوال خمسة أيام مشاعر إنسانية نقيه من صدقها أوجعتنا فشعر كل بيت عربي أن ريان إبن له فكانت قلوب الأمهات تبكي ألمًا وحزنًا مع أم ريان وكفوفهم مرفوعه بالدعاء بإن يعجل الله بنجاته.
خمسة أيام مضت كانت بمثابة اختبار يقيس حجم إيماننا ومدى قوة وصلابة صبرنا لكن كانت العبره الأولى بإن إرادة الله ومشيئته فوق كل اعتبار مهما تعددت الحيل وتنوعت السبل ومهما سخرت كل الإمكانات المادية والبشرية من خبراء ومتخصصين بأن ما يكتبه الله هو ما سيحدث في النهاية، فالحمدلله على نعمة الإسلام والإيمان، ومهما كتب ربي سبحانه فإنه هو الألطف والأرحم والمطلع على كل خبايا الأمور.
ثانيًا عكست مأساة هذا الطفل البريء حجم التلاحم العربي الذي اشتقنا إليه كثيرًا فكان الصوت واحد والإحساس واحد والدعاء واحد فكان ريان ابن العرب.
ثالثًا أيقظ ريان في القلوب الإنسانية المهملة المنسية والشعور بالآخر وأهمية المواساة الحقة، فكان ريان ابن الجميع.
سبحانه من سخر هذا الطفل الضعيف ليكون قدره خيرًا لغيره فكأنه وهو قابع في قاع البئر يرسل رسالة إلى العالم أجمع فحواها أن هناك في مكان ما يوجد أطفال كثيرون قد يلاقون نفس المصير إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة من ردم الآبار المكشوفة والحفر المهملة مثل مصير الطفلة السعودية لمى الروقي قبل ثماني سنوات والطفل الهندي قبل سنتين، قد يكون ريان أوجعنا ألمه وكسرنا فقده وأبكانا في معاناته فكنا نعيش معه ألم السقوط وخوف الظلام وضيق النفس ووحشة المكان لكنه أشعل فتيل الحس التوعوي سواء على الصعيد الشعبي أو الحكومي بضرورة تسليط الضوء على الآبار المكشوفة ومحاسبة كل مقصر ومتهاون في أرواح البشر وأقوى مانستشهد به ما قامت به المملكة العربية السعودية عن ردمها وتحصين 2450 بئرًا مهجورة في المرحلة الأولى وإنها ستواصل العمل على ردم بقية الآبار المكشوفة. وتحت شعار "ببلاغك.. تنقذ روحًا" أطلقت وزارة البيئة والمياه والزراعة الخدمة على نظام بلغ أو الاتصال على 939؛ حيث حثت الجميع على ضرورة الإبلاغ عن أي آبار مهجورة.
ختامًا قد أبكتنا معاناة ريان وقتلنا رحيله، لكننا نعلم بيقين أنه غادر عالمنا إلى عالم أجمل وأنقى وأطهر، عالم يليق بطفولته البريئة؛ حيث الجنة ونعيمها، عزاؤنا أنك يا ريان طير من طيور الجنة تحلق فيها بأمان وسلام، فاللهم صبرًا وجبرًا لقلوب والديه واللهم لطفًا بأفئدة تعلقت بحب ريان.