مُنيت قطر بـ«صدمة جديدة»، في منافسات بطولة العالم لألعاب القوى، التي تستضيفها الدوحة، نتيجة تواضع حضور الجماهير الهزيل، رغم أن النظام الحاكم في قطر ظل يروج أن الحضور الجماهيري في بطولة ألعاب القوى «بروفة استباقية»، لبطولة كأس العالم لكرة القدم، التي تستضيفها قطر «مونديال 2022».
ومع حلول اليوم الخامس من منافسات بطولة العالم لألعاب القوى التي تستضيفها قطر، لم يعد من الممكن إخفاء المشاكل التي تعترض سبيل البطولة والمشاركين فيها بعدما طفت إلى السطح بما لا يدع مجالًا للشك في أن إسناد تنظيم بطولة بهذا الحجم إلى دولة صغيرة مثل قطر، كان خطأ كبيرًا.
وفيما ينظر القطريون إلى بطولة العالم لألعاب القوى على أنها «بروفة» للاستعداد لتنظيم كأس العالم 2022، فإن الفشل الذريع وخيبة الأمل الكبيرة يدعوان إلى التساؤل عن مصير بطولة كأس العالم، فإذا كانت الإمارة الصغيرة فشلت فشلًا ذريعًا في استضافة بطولة لألعاب القوى، فماذا ستفعل في أهم وأكبر حدث كروي ينتظره العالم مرة كل أربع سنوات؟.
وفي ضوء ما تفجر من مشكلات، لم يعد الكلام المعسول الذي يخرج من حناجر المسؤولين بهدف التغطية على الفشل الكبير يجدي نفعًا أمام ما واجهه الرياضيون من عقبات لا يمكن إغفالها وأدت إلى التأثير بشكل مباشر على الأداء الرياضي وبالتالي النتائج.
إلا أن أكبر فضيحة تعرض لها النظام القطري أمام العلام بأكمله، هي ما يمكن وصفه بالمقاطعة الشعبية للبطولة العالمية التي تقام في قلب الدوحة، بعدما بدت مدرجات ملعب خليفة الدولي شبه خاوية من المشاهدين خلال إقامة أهم المنافسات بالبطولة، وهو المشهد الذي أثار انتباه وغضب الصحافة العالمية التي تساءلت عن السر في إقامة البطولة في هذا المكان من الأساس.
حتى أن العديد من الرياضيين، السابقين والحاليين، قالوا إن مدرجات استاد خليفة الدولي بدت شبه خاوية خلال الجولة النهائية لسباق 100 متر عدو رجال، الذي أقيم مساء السبت الماضي. وحضر أقل من ألفي شخص الجولة النهائية لسباق 100 متر عدو نساء أمس الأحد.
وبعدما تكرر مشهد المدرجات الخاوية بشكل يومي، لم يجد المسؤولون القطريون مفرًّا من الخروج بمبررات لتجميل الواقع أو تزييفه، فلم يجد المسؤولون عن تنظيم البطولة حجة أفضل من إلقاء اللوم في ضعف الإقبال الجماهيري، على استمرار المنافسات حتى وقت متأخر من أجل تحقيق أغراض البث التلفزيوني الحي إلى جميع أنحاء العالم.
لكن المتحدث باسم اللجنة المنظمة للبطولة أبدى تفاؤله بارتفاع معدل الحضور الجماهيري خلال الأيام المقبلة، إن هناك جهودًا متجددة تجري حاليًّا ستشجع المجتمع القطري على الحضور ومشاهدة الأداء الرائع لأفضل نجوم ألعاب القوى في العالم.
لكن المتحدث القطري ذهب بعيدًا في محاولة للعصف بالعقول، حين ساق مقاطعة عدد من الدول العربية لقطر بسبب دعم نظامها الحاكم الإرهاب، حين قال إن أحد أسباب الضعف الجماهيري هي المقاطعة العربية لقطر، على الرغم من أن السعودية ومصر والبحرين والإمارات، وهي الدول العربية الأربع المقاطعة لقطر أرسلت رياضييها إلى الدوحة للمشاركة في البطولة، فكيف يمكن للمواقف السياسية للدول الأربع أن تمنع الجمهور القطري من الحضور ومشاهدة المنافسات؟.
وكنتيجة طبيعية للتخبط والهذيان القطري، جاء الرد على المتحدث القطري من جانب القطري دحلان جمعان الحمد رئيس الاتحاد الآسيوي لألعاب القوى نائب رئيس الاتحاد الدولي مدير عام اللجنة المنظمة للبطولة العالم حين قال: «نحن لا نخلط الرياضة بالسياسة».
وبكل تأكيد، فإن أمير قطر أصبح في موقف حرج للغاية بعدما بدا واثقًا خلال حفل الافتتاح الذي جلس فيه بكل ثقة بجوار رئيس الاتحاد الدولي، سباستيان كو، وهو يمنِّي نفسه ببطولة ناجحة، فإذا الفشل يأتيه من شعبه الذي خذل أميره المتسلط على مقدرات البلاد يبددها كيفما شاء.
لكن السؤال الأهم الآن، ما هو موقف الاتحاد الدولي لألعاب القوى بعدما غضّ الطرف عن سجل قطر في مجال الحريات وحقوق الإنسان ومنحها حق تنظيم بطولة أكبر من حجمها، ليكون الفشل هو المصير في النهاية؟.
فقبل البطولة خرج رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى سباستيان كو ليؤكد أنه يتوقع بطولة عالم جيدة للغاية، مشيرا إلى أن 1970 رياضيا ورياضية من 208 دول سيتنافسون من أجل حصد الميداليات في المونديال.
لكن كو سيكون عليه تقديم تقييم واضح وعادل للبطولة التي تنتهي في السادس من أكتوبر الحالي، خاصة أن قطر حصلت على حق تنظيم البطولة المقبلة أيضًا، فهل سيتم تكرار المأساة نفسها مرة أخرى؟.
كما تحدث كو وقتها عن الإرث الذي تتركه أول بطولة عالم للقوى تقام في الشرق الأوسط، مؤكدًا اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الحرارة الشديدة في قطر، كما زعم أن حقوق العمال في البلاد قد تحسنت برغم الانتقادات الشديدة من المنظمات غير الحكومية، متجاهلًا في ذلك المظاهرات الاحتجاجية التي نظمها العمال الأجانب للمطالبة بحقوقهم دون جدوى.
ويبدو أن أكاذيب المسئول الدولي افتضحت على الهواء مباشرة بعدما فشلت بطولته فشلًا لا نظير له، ففيما أحجم القطريون عن مشاهدة المنافسات، انسحب الرياضيون من البطولة الواحد تلو الآخر بعدما اكتشفوا أن الاتحاد الدولي جرجرهم إلى دولة يستحيل التنافس فيها بشكل طبيعي، هذا فضلًا عن تفضيل عدد من أبرز الرياضيين عدم المشاركة من الأساس، وهو ما ظهر بوضوح من مشاركة أفضل العدائين في ماراثون برلين الذي تزامن مع إقامة بطولة العالم في قطر، وهو الماراثون الذي فاز به الإثيوبي بيكيلي.