رياضة

كلوب وليفربول.. شراكة مثالية وحقبة ذهبية

عرّاب الإنجازات في أنفيلد

فريق التحرير

يحمل الثعلب الألماني يورجن كلوب الإبداع في حقائبه كلما حل وارتحل، مخلفًا دائمًا وأبدًا خلفه حزمة من الأرقام العصية والمردود الراقي، والأهم النتائج الإيجابية، هذا ما حدث عندما تولى مسؤولية تدريب بوروسيا دورتموند الألماني في 2008، وهو ما يفعله الآن مع ليفربول الإنجليزي في رحلة استعادة المجد المفقود.

الرواية المثيرة، بدأت أولى فصولها في أكتوبر 2015، عندما وقّع كلوب عقدًا مع ليفربول؛ ليخلف المدرب بريندان رودجرز، الذي أقيل بسبب سوء نتائج الفريق في بداية الموسم نفسه 2015/2016، تاركًا خلفه إرثًا ثقيلًا على عاتق الألماني.

ولم يجد كلوب أدنى معاناة في تكرار ما حققه في سيجنال إيدونا بارك، خلال الفترة من 2008 إلى 2015، عندما قلب الأوضاع رأسًا على عقب في دورتموند، وقاد الفريق ليصبح من أبرز الفرق ليس في ألمانيا فحسب وإنما في أوروبا بأكملها.

وكانت شخصية كلوب ومهارته في تحفيز اللاعبين، وحماسه وميله لأسلوب اللعب الذي يعتمد على الضغط الهجومي الجذاب، خلال الفترات التي قضاها في قيادة دورتموند وماينز، من الأسباب التي جعلته نجمًا مفضلًا لدى الجماهير في ألمانيا وخارجها.

معشوق جماهير ليفربول

الدوافع التي حملها كلوب، أصبح معها معشوقًا لجماهير ليفربول بعدما قاد رحلة الفريق للخروج من دوامة الإخفاقات التي حاصرته لسنوات طويلة، وإعادته إلى منصات التتويج بالبطولات أوروبيًّا، واقترابه كثيرًا من استعادة عرش البريميرليج الضائع منذ 3 عقود.

كلوب ما أراد كثيرًا من الوقت من أجل الإعلام عن ميلاد أحد أبرع المدربين في الوقت الحالي، كلوب، عندما دشن مسيرته التدريبية في فبراير 2001، وقاد ماينز للصعود إلى دوري الدرجة الأولى بوندسليجا للمرة الأولى في 2004، كما قاد الفريق في العام التالي للتأهل إلى الدوري الأوروبي حاليًّا.

ومع قيادته ماينز إلى البوندسليجا دون وجود نجوم كبار في صفوف الفريق أو ميزانية كبيرة، أصبح كلوب هدفًا لنادي دورتموند، الذي أفلت من الإفلاس في ذلك الوقت بعدما كان على وشك إعلان الانهيار؛ بسبب الإنفاق المفرط لتدعيم صفوفه في الطريق للفوز بلقب البوندسليجا في عامي 1995 و1996 ولقب دوري أبطال أوروبا عام 1997 .

وتحت قيادة كلوب، بزغ نجم العديد من لاعبي دورتموند مثل ماريو جوتزه وروبرت ليفاندوفسكي وماركو ريوس وإلكاي جيوندوجان وماتس هوملز، وأبهر عالم كرة القدم بأداء الفريق الذي يميل للضغط الشديد على المنافس والكرة الهجومية، وقاد الفريق للفوز بلقب البوندسليجا في 2011 ثم لأول ثنائية في الموسم التالي، ثم لنهائي دوري أبطال أوروبا في 2013 قبل أن يخسر اللقب لصالح بايرن ميونيخ على استاد «ويمبلي» بالعاصمة البريطانية لندن.

وساهمت هذه المباراة النهائية في زيادة الاهتمام الإنجليزي بكلوب، الذي أدرك في نهاية موسم 2014/2015، أنه لم يعد الرجل المناسب لقيادة دورتموند؛ حيث أنهى الفريق الدور الأول للبوندسليجا في قاع جدول المسابقة.

الرحلة إلى المرسيسايد

وتولى كلوب القيادة الفنية لليفربول وسط أجواء عصيبة، بدأت في الموسم السابق لتعيينه مدربا للفريق؛ حيث رحل المهاجم الأوروجواياني لويس سواريز، نجم الفريق الأبرز إلى برشلونة الإسباني في صيف 2014، ثم غادر النجم الصاعد رحيم ستيرلنج لمانشستر سيتي في صيف 2015، الذي شهد أيضًا انتهاء مشوار ستيفن جيرارد أيقونة ليفربول مع الفريق.

وتم تعيين كلوب مدربا لليفربول عندما كان الفريق يحتل المركز العاشر في ترتيب الدوري الإنجليزي آنذاك برصيد 12 نقطة، بعد مرور ثماني مراحل على انطلاق المسابقة، وقررت الإدارة التعاقد مع الألماني لإعادة الأمجاد للريدز.

ورغم إخفاق كلوب في قيادة ليفربول للحصول على أحد المراكز الأربعة الأولى، في الدوري الإنجليزي والمؤهلة لبطولة دوري أبطال أوروبا خلال موسمه الأول بالبطولة العريقة، لكنه قاد الفريق بعد أربعة أشهر فقط من تعيينه للصعود إلى نهائي كأس رابطة المحترفين الإنجليزية، لكنه خسر بركلات الترجيح أمام مانشستر سيتي.

وقاد كلوب ليفربول للصعود إلى أول نهائي بطولة قارية للفريق منذ عام 2007، بعدما تأهل للمباراة النهائية لبطولة الدوري الأوروبي، لكن سوء الحظ واصل ملاحقته للفريق بعدما خسر بثلاثية مقابل هدف أمام أشبيلية الإسباني.

وواصل ليفربول تقدمه تحت قيادة كلوب، بعدما حصل على المركز الرابع في الدوري الإنجليزي موسم 2016/2017 برصيد 76 نقطة، ليعود للمشاركة في دوري الأبطال مجددًا، قبل أن يتعاقد في صيف 2017 مع الدولي المصري محمد صلاح من فريق روما الإيطالي.

وتمكن كلوب من توظيف إمكانات صلاح بشكل صحيح، واستغلال سرعاته ولياقته البدنية العالية لخدمة خطة الفريق، ليلعب المدرب الألماني دورًا بارزًا في حصول المصري على جائزة أفضل لاعب بإنجلترا من رابطة اللاعبين المحترفين، بالإضافة لنيله جائزة هداف الدوري الإنجليزي برصيد 32 هدفًا بنفس الموسم.

وظل ليفربول خلال موسم 2017/2018 بعيدًا عن دائرة المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي؛ حيث أنهى الموسم في المركز الرابع برصيد 75 نقطة، لكن كلوب أدرك أن السبب الأساسي وراء ذلك يكمن في ضعف خط دفاعه، الأمر الذي دفعه للتعاقد مع المدافع الهولندي فيرجيل فان دايك لاعب ساوثهامبتون الإنجليزي في يناير 2018، مقابل 75 مليون جنيه إسترليني؛ ليصبح أغلى مدافع في العالم في ذلك الوقت.

وساهم اختيار كلوب الناجح لفان دايك في إعادة الاتزان لدفاع ليفربول، الذي تأهل لنهائي دوري الأبطال عام 2018 للمرة الأولى منذ 11 عامًا، حينما واجه ريال مدريد في المباراة النهائية للمسابقة، لكن ظل سوء الحظ ملازما للفريق الإنجليزي ومدربه في المباريات النهائية، بعدما خسر بثلاثة أهداف لواحد أمام الفريق الملكي.

سد الثغرات

ومع مطلع الموسم الرابع لكلوب مع ليفربول، كان المدرب الألماني على علم بجميع مواطن الضعف لدى الفريق، الأمر الذي دفع إدارة النادي لتنفيذ مطالبه بالتعاقد مع الحارس البرازيلي أليسون بيكر، ولاعبي وسط الملعب الغيني نابي كيتا، والبرازيلي فابينيو، والجناح السويسري شيردان شاكيري، خلال فترة الانتقالات الصيفية لموسم 2018/2019.

وقدَّم ليفربول أداء مميزًا خلال مشواره بالدوري الإنجليزي في الموسم الماضي؛ حيث ظل متربعًا على الصدارة حتى انتصاف الموسم، لكن نتائجه اهتزت فيما بعد عقب فقدانه عدد من النقاط السهلة، لينهي البطولة في المركز الثاني برصيد 97 بفارق نقطة واحدة، إلا أنه بات صاحب أعلى نقاط لفريق فشل في الفوز باللقب.

وسرعان ما أعاد كلوب البسمة لجماهير ليفربول المحبطة، بعدما قاد الفريق للفوز بلقب دوري الأبطال للمرة السادسة في تاريخه، والأولى منذ 14 عامًا، بعد مسيرة حافلة أطاح خلالها بالعديد من أندية الصفوة؛ ليحصد اللقب للمرة الأولى في مسيرته التدريبية.

وواصل كلوب نجاحاته مع ليفربول بعدما توج معه بلقب كأس السوبر الأوروبي بالفوز بركلات الترجيح على تشيلسي الإنجليزي في أغسطس الماضي.

وساهمت نجاحات كلوب مع ليفربول في حصوله على جائزة أفضل مدرب في العالم لعام 2019 باستفتاء الاتحاد الدولي «فيفا» كأفضل مدرب، متفوقًا على المرشحين الآخرين الإسباني جوسيب جوارديولا مدرب مانشستر سيتي والأرجنتيني ماوريتسيو بوتشيتينو مع توتنهام.

ويعتبر الفوز بالدوري الإنجليزي هو الشغل الشاغل لكلوب حاليًّا؛ حيث يرغب في الاستفادة من الانطلاقة الرائعة للفريق بالبطولة خلال الموسم الحالي، الذي لم يبرم خلاله أي صفقات من العيار الثقيل في فترة الانتقالات الصيفية على عكس الموسم الماضي.

ولكن المهمة والهدف الأقرب لكلوب حاليًّا سيكون الفوز بلقب كأس العالم للأندية في النسخة التي تستضيفها قطر خلال الأيام المقبلة، ليكون الأول لليفربول في هذه البطولة، بعدما فشل في مشاركته الوحيدة السابقة بالهزيمة أمام ساو باولو البرازيلي بهدف نظيف في المباراة النهائية للبطولة.

مرر للأسفل للمزيد