تتسبب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في التغير المناخي الشديد الذي يشهده العالم في الآونة الأخيرة، وتعد ظاهرة الاحتباس الحراري واحدة من أبرز المواضيع التي تتناولها قمة المناخ "كوب 27"، والتي تم إطلاقها أمس 6 نوفمبر وتستمر حتى 18 نوفمبر، وتعقد هذا العام في مدينة شرم الشيخ المصرية.
ويؤثر الاحتباس الحراري بشكل مباشر في شتى نواحي الحياة، فنجد أن الأمر يطول الزراعة والبيئة ويهدد حياة البشر، وتعد محاولة التحكم في التغير المناخي متوقفة بنسبة كبيرة على تقليل غازات الاحتباس الحراري.
وتصدرت كل من الصين وأمريكا قائمة الدول الأعلى في إصدار انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، ما يوقع على عاتقهم الدور الأكبر في معالجة أزمة من خلال خفض تلك الانبعاثات.
الدول الأعلى من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري
وعلى الرغم من إصدار الصين ما يزيد على ضعف الانبعاثات الصادرة عن الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تاريخيًا، احتلت الصدارة في إصدار الانبعاثات حتى أصبحت أكثر من أي دولة أخرى في العالم.
وكذلك ضمت القائمة عدة دول من بينهم الهند، والاتحاد الأوروبي، وإندونيسيا، وروسيا، واليابان، والبرازيل، وإيران، والسعودية ، وفقاً لـ "سي إن إن العربية".
في عام 2006، تفوقت الصين على الولايات المتحدة كأكبر مصدر لانبعاث ثاني أكسيد الكربون في العالم، والذي يعد أكثر غازات الاحتباس الحراري وفرة في الغلاف الجوي.
في عام 2019، بلغت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الصين ما يقرب من 2.5 ضعف انبعاثات الولايات المتحدة، وأكثر من جميع دول العالم المتقدمة مجتمعة، وفقًا لتحليل من مجموعة "Rhodium Group."
من حيث مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وهي طريقة لقياس جميع غازات الدفيئة كما لو كانت ثاني أكسيد الكربون، حيث أصدرت الصين 14.1 مليار طن متري في عام 2019. وهذا أكثر من ربع إجمالي انبعاثات العالم.
بينما كانت الولايات المتحدة مسؤولة عن 5.7 مليارات طن، 11٪ من إجمالي الانبعاثات، تليها الهند (6.6٪) والاتحاد الأوروبي (6.4٪).
وتأتي هذه الانبعاثات من أي شيء يعمل بالوقود الأحفوري،مثل قيادة السيارات التي تعمل بالبنزين والطيران والتدفئة وإضاءة المباني بالطاقة المولدة من الفحم أو الغاز الطبيعي أو النفط، وكذلك من صناعة الطاقة. كما تم تضمين مصادر أخرى، مثل الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابات.
ويتم قياس يقيس انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، من خلال النظر إلى إجمالي الانبعاثات التي تسببها دولة ما في الهواء على أرضه كل عام.
أسباب انبعاث غازات الاحتباس الحراري
تتكوَّن غازات الاحتباس الحراري بسبب تجمّع عدد معين من الغازات في الغلاف الجوي، ويعد غاز ثاني أكسيد الكربون هو أكثرهم وجوداً بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الغازات وهم، أكسيد النيتروجين، والميثان، والغازات المفلورة المعروفة باسم مركبات كلوروفلوروكربون.
وتوجد الغازات الدفيئة أو غازات الاحتباس الحراري بشكل طبيعيّ في الغلاف الجوي، ولكن الأنشطة البشريّة تُساهم في زيادة نسبتها، ما يؤدي إلى التسبُّب بحدوث ظاهرة الاحتباس الحراري، ومن الأنشطة التي تزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري ما يلي:
- حرق الوقود الأحفوري:
تسببت الثورة الصناعية التي بدأت في أوروبا بمنتصف القرن الثامن عشر إلى زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بشكل كبير جداً، وذلك بسبب زيادة استخدام الوقود الأحفوري وزيادة احتراقه ، وهو ما يعتبر بداية المعاناة مع ظاهرة الاحتباس الحراري حيث يتسبب زيادة تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في ارتفاع درجات الحرارة والتي ينتج عنه العديد من المخاطر الأخرى، ومن المتوقَّع أن تزداد نسبته مع نهاية القرن الحادي والعشرين وأن ترتفع درجة حرارة الكرة الأرضية بين 1.4°-5.6° درجة مئوية بحلول عام 2100م .
- الأنشطة الزراعية:
يتسبب بعض الأنشطة الزراعية في زيادة انبعاثات الاحتباس الحراري مثل استخدام الأسمدة، وزراعة حقول الأرز، وطرق الري المُتَّبعة، وغيرها إلى زيادة تركيز غاز الميثان في الغلاف الجوي، بالإضافة إلى أنّ الاستخدام المفرط للأسمدة يزيد من نسبة أكسيد النيتروس في الغلاف الجوي.
- إزالة الغابات:
وتعد إزالة الغابات واحدة من أكبر الكوارث التي لجأ إليها البشر، حيث تعتبر الغابات والمساحات الخضراء هو خط الدفاع الأول عن حماية الأرض والبيئة وهي أولى مصادر الأكسجين، ولجأ البشر لإزالتها للاستفادة من الأراضي بشكل كبير خلال السنوات الماضية، ويتمّ حالياً إزالة الغابات خصوصاً في المناطق المدارية والاستفادة منها في استثمارات أخرى، وتتسبب تلك العملية في زيادة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بمقدار الثُلث، والذي بدوره يؤدي إلى حدوث الاحتباس الحراري.
تربية الحيوانات:
تلعب تربية الحيوانات أحد الأدوار المهمة في حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري، فوفقاً لتقرير الأمم المتحدة فإن تربية الماشية، هي المسؤولة عن 18% من انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم.
حيث تحتاج تربية الحيوانات إلى إزالة الغابات من أجل استخدام تلك الأراضي كمراعٍ للماشية، وهذا ما حدث في غابات الأمازون، حيث إنّ حوالي 70% من عملية إزالة الغابات كان سببها تربية المواشي، بالإضافة إلى انبعاث غاز الميثان الذي ينتج بشكل طبيعي من الماشية في زيادة نسبة الغازات الدفيئة، والتي بدورها تُفاقم مشكلة الاحتباس الحراري.
- تصنيع الإسمنت:
يتسبب تصنيع الإسمنت في زيادة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وذلك يحدث أثناء مرحلة تسخين كربونات الكالسيوم، حيث ينتج من هذه العملية غاز ثاني أكسيد الكربون والجير، ومن جهة أخرى يساهم حرق الوقود الأحفوري المُستخدَم لتوفير الحرارة اللازمة لإتمام عملية التصنيع في زيادة نسبته أيضاً، وتُشكّل مساهمة الإنسان بانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في عملية تصنيع الإسمنت حوالي 5%، أمّا باقي ما تبقى فينتج من عملية حرق الوقود الأحفوري والعمليات الكيميائية المصاحبة لعملية التصنيع، إذ ينتج حوالي 900 كغ من غاز ثاني أكسيد الكربون عند إنتاج 1,000 كغ من الإسمنت ، وفقاً لـ "هيئة المسح الجيولوجي البريطانية".
- النفايات الصناعية:
تعد المصانع واحدة من أكبر المصادر التي تنتج الغازات الضارة، والتي يتمّ إطلاقها إلى الغلاف الجوي ممّا يؤدي إلى زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري، بالإضافة إلى إنها تزيد من مكبّات ومدافن النفايات من انبعاث غازي الميثان وثاني أكسيد الكربون اللذَين يساهمان بشكل كبير في زيادة تأثير غازات الدفيئة.
- زيادة في عدد السكان:
يزداد عدد سكان العالم كل عام، ما يزيد الطلب على الطعام، والمأوى، واللباس، والعديد من المنتجات الصناعية، وهذا بدوره يزيد من عدد المصانع والعمليات الصناعية المرافقة لها، مما يساهم في ارتفاع نسبة انبعاث الغازات الضارة في الغلاف الجوي، وبالتالي يزداد تأثير الغازات الدفيئة، بالإضافة إلى زيادة الطلب واستخدام الوقود الأحفوري الذي يعتبر أبرز اسباب تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.
وبالإضافة إلى العوامل السابق ذكرها إلا إنه يوجد مجموعة من العوامل الطبيعية التي ينتج عنها زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مثل حرائق الغابات التي تساهم في زيادة انبعاث العديد من الغازات الضارة، مثل: أول أكسيد الكربون، والميثان، وثاني أكسيد الكربون، وأكسيد النيتروس، وأكاسيد النيتروجين بشكل عام ، وكذلك تساهم الأنظمة البيئية للأراضي الرطبة في زيادة انبعاث غاز الميثان، وأيضًا النشاطات البركانية والتحلل الطبيعي للحيوانات والنباتات وانصهار قمم المناطق الجليدية.