مع بدء العشر الأواخر من رمضان 1444، يحرص الكثيرون على المزيد من العبادات والطاعات في تلك الأيام أملا في بلوغ ليلة القدر، والتي قال الله سبحانه وتعالى إنها ليلة خير من ألف شهر، ومن السنن المأثورة في تلك الأيام الاعتكاف.
وأوضحت رئاسة شئون الحرمين فضل العشر الأواخر من رمضان 1444، حيث قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله-: (ليلة القدر يفتح فيها الباب ويُقرّب فيها الأحباب، ويُسمع الخطاب، ويرد الجواب، ويُكتب للعاملين فيها عظيم الأجر، ليلة القدر خير من ألف شهر فاجتهدوا رحمكم الله في طلبها، فهذا أوان الطلب، واحذروا من الغفلة ففي الغفلة القطب) (مجالس رمضان - الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله].
ما ورد في فضلها عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «مَن يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ» [رواه البخاري]، وما يُقالُ لَيْلَتَها عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِن عَلِمْتُ أَيْ لَيْلَةٍ لَيْلَةً الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: قُولِي : اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي». [رواه الترمذي].
ومن آداب الاعتكاف إخلاص النية لله تعالى، حيث ينبغي للمعتكف أن يكون اعتكافه خالصاً لوجه الله تعالى ، مبتفياً أجره وثوابه . عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر، ماله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا شيء له » فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا شيء له» ثم قال: «إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه» رواه النسائي.
وثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه اعتكف العشر الأواخر من رمضان ، فهو سنة وفي رمضان أفضل، في رمضان وفي العشر الأخيرة من أفضل الأعمال، فالاعتكاف سنَّة مؤكَّدة في العشر الأواخر من رمضان، كما أنه مستحبٌّ فيما عدا ذلك.
وفي العشر الأواخر يبدأ الاعتكاف، حيث يجب مراعاة شروط الاعتكاف لكمال الفضل وحصول الأجر، وهي: الإسلام، والعقل، والتمييز، ونية الاعتكاف، وكونه في مسجد، وخلو المعتكف من الحدث الأكبر، وإذن ولي المرأة لها.
ومكان الاعتكاف هو المسجد؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: 187]، ولأن النبي صلى الله عليه وآله سلم لم يعتكف إلا في المسجد، واتفق الفقهاء على أن المساجد الثلاثة أفضلُ من غيرها، والمسجد الحرام أفضل، ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى.
فيما اتفق الفقهاء على أن الاعتكاف يجب أن يكون في المسجد الجامع العامً وهو المسجد الذي تُقَام فيه الصلوات الخمس وصلاة الجماعة.
والسنة اعتكاف العشر الأواخر من رمضان؛ تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك، وأقل مدَّةٍ للاعتكاف هي أقل ما يُطْلَقُ عليه اسم الاعتكاف عُرْفًا، واستحب بعض الفقهاء للمصلِّي إذا دخل المسجد أن ينوي الاعتكاف مهما كان مكثه فيه ليحصل له ثوابه.
أَمَّا أكثر مُدَّة للاعتكاف فلا حَدَّ لها، وبداية الاعتكاف ونهايته يحددها المُعْتَكِف بنفسه، ولو نوى اعتكاف مدة معلومة استُحب له الوفاء بها بكمالها، فإن خرج قبل إكمالها جاز؛ لأن التطوع لا يلزم بالشروع، وإن أطلق النِّيَّة ولم يُقَدِّر شيئًا دام اعتكافُه ما دام في المسجد.