ترجمات

مكاسب أردوغان من استمرار الصراع الدموي بين أذربيجان وأرمينيا

«لوس أنجلوس تايمز» سلطت الضوء على تحركات الديكتاتور..

فريق التحرير

يواصل الرئيس التركي، رجب أردوغان دعمه المشبوهة للصراع العسكري بين أذربيجان وأرمينيا، في منطقة كاراباخ، وهي المعارك العسكرية التي راح ضحيتها المئات حتى الآن، فيما اعتبره مراقبون ومحللون جزء آخر من طموح أردوغان لتحسين موقفه المتأزم في الداخل التركي على خلفية سياساته الديكتاتورية التي تسببت في انهيار الاقتصاد المحلي وتفاقم الاحتقان السياسي في الداخل.

وأكدت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية (في تقرير ترجمته عاجل)، أن تركيا أصبحت أحد القوى الرئيسية المغذية للصراع في منطقة كاراباخ، وهي منطقة ذات أغلبية أرمينية لكن تابعة سيادة حكومة أذربيجان، حليف أنقرة المقرب، منذ اندلاع جولة الاشتباكات الأخيرة، في السابع والعشرين من سبتمبر الماضي؛ حيث سارعت حكومة أردوغان إلى إعلان دعمها الكامل لحكومة باكو، مشددة على دعم «الأتراك»، ورفضت مناشدات عدة من الحلفاء في أوروبا لوقف القتال والتفاوض على تسوية.

وقالت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز»، إنه بات من الصعب أن نجد الآن أي صراع يقع في محيط تركيا الممتد، سواء في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا أو شرق البحر المتوسط، لا تلعب أنقرة به دورًا رئيسيًا، موضحة أن تدخل أردوغان في صراع إقليمي معقد مرتبط بتراجع شعبيته في الداخل ولجوئه إلى تطبيق تدابير سلطوية (ديكتاتورية) من أجل تثبيت أركان حكمه، والعمل مع حزبه الحاكم «العدالة والتنمية»، على مواصلة استغلال المشاعر القومية كلما تتصاعد الاحتجاجات ومشاعر السخط من الأوضاع بالداخل.

وقال الباحث في معهد «كارنيجي»، سنان أولجن: «هذا كله يتواءم مع خطابات أردوغان وحزبه بالداخل. وهو جعل تركيا عظيمة مرة أخرى»، وقالت «لوس أنجلوس تايمز» إن الصراع الجديد يعد عامل تشتيت مرحب به بالنسبة إلى أردوغان، مشيرة إلى وضع الاقتصاد التركي المتأزم، حتى قبل أزمة جائحة «كورونا».

ومع تفشي الفيروس بالداخل، أساءت الحكومة إدارة الأزمة بشكل كبير، وواجهت انتقادات كثيرة حتى من قبل مجتمع الأعمال الداعم بطبيعته لأردوغان، ما جعل أردوغان يندفع بقوة للاستفادة من أزمة أذربيجان وارمينيا.

ويرى آلان ماكوفسكي، من مركز التقدم الأمريكي للأبحاث: «حينما تنظر إلى استطلاعات الرأي بما يتعلق بأي البلدان التي يعتبرها الأتراك بلدان صديقة، ستكون أذربيجان دائمًا في المقدمة»، ومع تصاعد حدة القتال في كاراباخ، يشير محللون عدة إلى تراكم عقود طويلة من الشراكة العسكرية بين تركيا وأذربيجان، حيث لعبت أنقرة دور هام في مساعدة باكو على بناء جيشها العسكري، وظهر هذا في تفوق الأخيرة على أرمينيا في آخر معاركهم العسكرية منذ سنوات.

وقال سفانتي كورنيل، مدير معهد آسيا الوسطى والقوقاز: «أذربيجان تعلمت الدرس. الفشل في تنظيم قوة عسكرية قوية كانت سبب خسارتها في الماضي.. هناك أثر واضح للجيش التركي في عمليات أذربيجان». ووفرت أنقرة الدعم الهيكلي والتدريب العالي لأذربيجان، إلى جانب سلسلة من صفقات الأسلحة.

أردوغان يخوض حربا بالوكالة في صراع أذربيجان- وأرمينيا

وتحدثت «لوس أنجلوس تايمز» كذلك عن تحول إقليم كاراباخ إلى منطقة صراع بالوكالة للتنافس طويل الأمد بين تركيا وروسيا، التي تملك تحالفًا دفاعيًا مع أرمينيا وقاعدة عسكرية هناك، وكما هو الحال في ليبيا وسوريا، قال محللون إن الحكام السلطويين، أمثال أردوغان، يستغلون غياب الاهتمام الأمريكي والأوروبي من أجل بسط نفوذهم.

وقال نيكو بوبيسكو، محلل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: «من الواضح أن أردوغان لديه طموح بتنصيب تركيا كزعيم للمنطقة»، مشبهًا مسعى أنقرة لبسط نفوذها في جنوب بحر القوقاز، الباحة الخلفية لروسيا، بانخراط موسكو في سوريا وليبيا، الواقعتان في محيط تركيا الإقليمي.

وقال بوبيسكو: «إنها عقلية الاندفاع نحو الذهب.. أنت تتحرك بسرعة وتحدد منطقتك.. إذا كنت بحاجة إلى ضرب بعض الأنوف في هذه العملية، يمكنك القيام بذلك، لكنك ستمسك بأكبر قدر ممكن من التضاريس»، ورغم العداء الطويل الممتد إلى عقود بين أرمينيا وأذربيجان، إلا أن جولة القتال الأخيرة لم تشتعل بشكل مفاجئ أو عفوي، حسبما قال إزجي يازجي، الباحث في معهد «دراسة الحرب» في واشنطن. 

وقال يازجي إن تركيا والحكومة في أذربيجان على الأرجح «خططا ونسقا لأشهر طويلة لتدخل أذري محتمل لإنهاء نفوذ أرمينيا في كاراباخ، بمساعدة مبيعات الطائرات المسيرة التركية والتدريبات العسكرية المشتركة، ونقل المرتزقة السوريين إلى أذربيجان.. حتى إذا كانت أذربيجان هي من قررت وحدها شن هذا الهجوم، فإن تصرفات وخطابات أردوغان بلا شك سهلت وعلى الأرجح شجعت التحرك الأذري».

ومع تصاعد حدة القتال، توقع تنبأ يازجي أن توافق أرمينيا بالنهاية على التنازل عن بعض الأراضي حول كاراباخ؛ لكن محللون يقولون إن أي تسوية من غير المرجح أن تتماشى مع المطالب المتطرفة التي قدمها قادة أذربيجان، بدعم من تركيا، بما في ذلك دعوة القوات الأرمينية لمغادرة الجيب، فيما تسعى تركيا لاستغلال التحضير للمفاوضات السياسية من أجل الحصول على مقعد على الطاولة.

مرر للأسفل للمزيد