ترجمات

رغم التسليح والعتاد.. كيف انهزم الجيش الأفغاني أمام «طالبان»؟

فريق التحرير

وجهت حركة «طالبان» ضربة موجعة للجيش والقوات الأمنية الأفغانية، بسيطرتها السريعة على كبرى المدن والعاصمة كابول خلال أيام بدون مناوشات عسكرية أو معارك تُذكر، ما أثار تساؤلات عدة عن سبب الهزيمة التي منيت بها القوات الأفغانية رغم 83 مليار دولار خصصتها الولايات المتحدة على مدار 20 عامًا لبناء تلك القوات.

وتبلغ أعداد القوات الأمنية الأفغانية، حسب تصريحات للرئيس، جو بايدن، حوالي 300 ألف جندي جيدي الإعداد. وحينما سُئل بايدن، يوليو الماضي، عما إذا كانت سيطرة حركة «طالبان» على أفغانستان أمر لا مفر منه، أكد قائلًا: «لا ليس محتمل»، مشيرًا إلى الإعداد الجيد للقوات الأفغانية.

وتسائل مجلس العلاقات الخارجية، في تقرير نشره السبت، عن كيفية فشل الجهود الأمريكية التي تكلفت 83 مليار دولار لإعداد وتدريب القوات الأفغانية على مدار العشرين عامًا الماضية؟ ولماذا لم تقاتل القوات الأفغانية لوقف تقدم «طالبان»؟.

الاعتماد الزائد على القوات الأمريكية

يرى تقرير المجلس، المعني بشؤون السياسة الدولية، أن الإجابة تكمن في الاعتماد الزائد للجيش الأفغاني على القوات الأمريكية على مدار العشرين عامًا الماضية في الدعم الجوي والاستخبارات والأمور اللوجيستية والتخطيط وغيرها، وبالتالي انهارت معنويات القوات الأفغانية بعيد قرار الولايات المتحدة الانسحاب الكامل من أفغانستان.

وأشار إلى اعتقاد راسخ بين الأفغان بأن اتفاق سحب القوات الأمريكية المبرم بين حركة «طالبان» وإدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، هو «النهاية»، وأن الولايات المتحدة سمحت بفشل الجيش الأفغاني.

ومن المحتمل أن الرئيس الأفغاني كان يعتقد أن إدارة بايدن ستقرر إرجاء قرار الانسحاب في نهاية المطاف. لكن في أبريل الماضي، أعلن بايدن إنهاء سحب القوات الأمريكية المتبقية في أفغانستان بحلول نهاية أغسطس الجاري.

كما أعقب القرار الأمريكي الإعلان عن انسحاب ثمانية آلاف من القوات الأجنبية المتحالفة، وأكثر من 18 ألف من المتعاقدين، اعتمدت عليهم القوات الأفغانية للإدارة الدعم الجوي واللوجيستي.

وخلال الأشهر الماضية، فشل الجيش الأفغاني في توفير الإمدادات الضرورية مثل الغذاء والذخيرة إلى نقاط التفتيش المترامية في أرجاء البلاد. ورغم أن بعض وحدات القوات الأفغانية قاتلت ببسالة حتى النهاية، إلا أن غالبية القوات اختارت إبرام صفقات مع «طالبان» أو الاستسلام ببساطة وعدم تعريض حياتهم للخطر من أجل «قضية خاسرة».

الأخطاء الأمريكية

وقال المجلس الأوروبي إن انهيار الحكومة الأفغانية يثير تساؤلات جدية بشأن الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة طيلة عشرين عامًا تواجدت بها في أفغانستان لتدريب الجيش الأمريكي.

وأضاف أنه سيتعين على القوات المسلحة الأمريكية دراسة الدروس المستفادة، وهناك حاجة ماسة إلى فحص نقدي للذات، مشيرًا إلى أن الجهود الأمريكية شابها كثير من أوجه القصور، مثل حاجز اللغة والمعرفة الثقافية المحلية، وعدم تخصيص تدريب للشرطة، وهو أمر أضر بالأمن على المستوى المحلي.

أضف إلى ذلك، أن ركزت الجهود الأمريكية بشكل كبير على تعليم مهارات المشاة التكتيكية، مع إهمال الخبرات عالية المستوى في المسائل اللوجيستية والتدريب والقيادة، وهي أمور لازمة للحفاظ على تماسك القوة العسكرية.

كما أن الجهود الأمريكية واجهت عراقيل عدة خارج سيطرتها، مثل تراجع مستوى التعليم بين أبناء أفغانستان، وهي واحدة من أفقر الدول في العالم، مع تفشي الفساد بشكل كبير، وهو ما وصفه مسؤول شرطي في مدينة كندهار قائلًا: «نحن غارقون في الفساد».

وهذا الفساد يعني أن أعداد القوات الأفغانية كانت مبالغ فيها إلى حد كبير. حيث وجد تحقيق أجرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن الأعداد الحقيقية للقوات الأفغانية كانت 254 ألف، وليس 352 ألف المسجلين في الأوراق، والباقين يمكن اعتبارهم «جنود أشباح»، أنشأهم القادة لملئ كشوف الرواتب، مع تخفيض رواتب جنود الخدمة بشكل كبير والفشل في توفير الإمدادات الضرورية. وفي المقابل، كانت محاولات واشنطن لمكافحة الفساد فاترة وغير فعالة.

إقرأ أيضًا:

مرر للأسفل للمزيد