ترجمات

أمير الحرب «أبي أحمد» يخوض انتخابات إثيوبيا وسط فوضى وتطهير عرقي

فريق التحرير

وصفت مجلة دير شبيجل الألمانية، رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، (الحائز على جائزة نوبل للسلام)، بأنه أصبح أميرًا للحرب، وأن الانتخابات البرلمانية الحالية تعد اختبارًا صعبًا لشرعيته قبل شعبيته، خاصة أنها تجرى وسط قمع واستبداد على أساس عرقي غير مسبوق.

وقالت المجلة الألمانية، إن آبي أحمد، بدأ كمصلح، ثم أغرق بلاده في فوضى وحشية في وقت قصير للغاية؛ حيث تلطخ يديه دماء المدنيين، فيما تستخدم قواته وحلفاؤها الاغتصاب كسلاح حرب في تيجراي، قبل أن يتسبب عمدًا في مجاعة تهدد حياة مئات الآلاف من الأرواح.

في البداية بدا رئيس وزراء إثيوبيا للكثيرين على أنه المبتكر اللامع لبلد أفريقي مهم، وعلى الرغم من خبرته الاقتصادية، إلا أنه كان متخليًّا ومنذ فترة طويلة عن القيم الديمقراطية.

وتجري الانتخابات الآن في إثيوبيا على الرغم من الصراع الدموي والمجاعة في إقليم تيجراي، وفي ظل تصاعد التوترات في مختلف مناطق الدولة متعددة الأعراق.

وكان من المفترض إجراء الانتخابات في أغسطس 2020. لكن تم تأجيلها بسبب جائحة كوفيد 19. لكنها تجري حاليًّا لاختيار أعضاء البرلمان الاتحادي البالغ عددهم 547، كما سيؤدي زعيم الحزب الفائز اليمين كرئيس للوزراء.

بدا الأمر جيدًا بالنسبة لأبي في مستهل حكمه، بعد تزايد الاحتجاجات ضد الحكومة الائتلافية للجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي (EPRDF)، التي ينتمي إليها أبي نفسه، تم تنصيبه رئيسًا للوزراء في أبريل 2018.

وفي محاولة للم الشمل حوله، أطلق أبي سراح الآلاف من السجناء السياسيين، ورفع الرقابة على الصحافة ودعا الجماعات المعارضة المحظورة ذات مرة للعودة من المنفى.  كما قام بحملة من أجل أن تصبح امرأة رئيسة لبلاده، وخلق التكافؤ بين الجنسين في مجلس الوزراء وأنشأ وزارة سلام. وصنع السلام مع إريتريا المجاورة. وبالتالي أكسبه حماسه للإصلاح جائزة نوبل للسلام في عام 2019.

لكن بدا الأمر كله مؤقتًا، فسرعان ما زرعت بذور التصعيد في البلاد، وبعد توليه منصبه، حل أبي أحمد الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي.  هذا التحالف المكون من أربعة أحزاب عرقية تهيمن على السلطة وتنتمي لإقليم تيجراي ، والذي ساعد إثيوبيا على تحقيق نمو اقتصادي قوي منذ عام 1991، لكنه في الوقت نفسه حكم البلاد بيد من حديد.  استبدل أبي الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية بحزب جديد هو حزب الرخاء.  مع هذا الحزب كان يأمل في الحد من التوترات العرقية في البلاد وصياغة الوحدة الوطنية.

اعتبر العديد من القوميين العرقيين، الذين كانوا يزدادون قوة في جميع أنحاء البلاد، وبعضهم عاد من المنفى، أن هذا الأمر محاولة للاستيلاء على السلطة وتجميعها في أديس أبابا.  ورفضت أعضاء التحالف السابقين الانضمام إلى الحزب الجديد.

ثم بدأت التوترات التي طالت فترة طويلة والتي تم قمعها خلال الحكم الاستبدادي للجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي في الاشتعال مجددا، كما استمرت الهجمات ذات الدوافع العرقية في الازدياد ضد الأفراد.  وقتل الآلاف في اشتباكات عنيفة. وفر ما يقرب من مليوني شخص من منازلهم في عام 2019.

وللحد من العنف المتزايد، عاد أبي أحمد إلى استراتيجيات الحكومات الإثيوبية السابقة، فتم قطع خطوط الإنترنت والهاتف مرارًا وتكرارًا. وتم القبض على المشتبه بهم بشكل جماعي. واعتقل أعضاء بارزون في المعارضة للاشتباه في قيامهم بالتحريض على العنف.

وبعد عام واحد فقط، اكتمل التغيير الأسوأ ليتحول أبي أحمد إلى أمير الحرب، وفي نوفمبر من العام الماضي، أرسل قوات إلى إقليم تيجراي الشمالي للإطاحة بحكم جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراي هناك. وقبلها، كانت الجبهة قد هاجمت قاعدة عسكرية بعد مراقبة الاستعدادات للحرب من جانب الحكومة المركزية. ومن ثم اشتعلت الحرب المتوقعة.

 أدى تصاعد وتيرة القتال إلى أزمة إنسانية هائلة. وبناء على دعوة من أبي أحمد، تقاتل القوات الإريترية أيضًا في تيجراي وتتقدم بوحشية شديدة. وقد وفر أكثر من 60 ألف شخص عبر الحدود إلى السودان، وطرد أكثر من مليون من منازلهم. فيما تتزايد المذابح والعنف الجنسي.

ويعاني أكثر من 350 ألف شخص من المجاعة، وتقدر الأمم المتحدة أن ما مجموعه أكثر من خمسة ملايين شخص في تيجراي بحاجة إلى مساعدات إنسانية.

 لكن هناك أيضًا قتالًا في أجزاء أخرى كثيرة من البلاد اليوم، وفي أبريل الماضي، أعلنت الحكومة حالة الطوارئ في جزء من منطقة أمهرة لوقف الاشتباكات بين عرقية الأمهرة والأوروم.

وفي نفس الشهر أفادت الأنباء عن مقتل 100 شخص في خلاف على الحدود بين ولايتي عفار والصومال.  وفي منطقة بني شنقول-جوموز أيضًا، يتكرر العنف بدوافع عرقية مرارًا وتكرارًا.

 لكن على وجه الخصوص، يمكن أن تصبح منطقة أوروميا (موطن رئيس الوزراء أبي أحمد وأكبر مجموعة عرقية في البلاد، الأورومو)، إحدى النقاط المحورية في الانتخابات الحالية. فالعنف المتزايد هناك يؤدي إلى عدم استقرار أكبر من أي وقت مضى.

 وقد كثف جيش تحرير أورومو (OLA) هجماته في الفترة التي سبقت الانتخابات.  وعليه، ففي 6 مايو الماضي، صنفها البرلمان الإثيوبي - مع جبهة تحرير شعب تيجراي - على أنها منظمة إرهابية.  ومع ذلك، في أوروميا، لا يزال يبدو أن المنظمة تتمتع بدعم واسع من أجزاء من السكان.

وفي أديس أبابا، تتعهد الحكومة بحل جميع القضايا المتعلقة بتيجراي وأوروميا وخارجها بعد تأمين شرعيتها التي طال انتظارها في الانتخابات.  ومع ذلك، لا يزال العديد من الإثيوبيين متشككين.

وعلى الرغم من كل التوترات، فمن المؤكد تمامًا أن حزب أبي سيفوز في الانتخابات.لأن العديد من السياسيين المعارضين لا يجدون سبيلًا للنشاط الآمن فيما أن الباقي في السجن.

وانسحبت جبهة تحرير أورومو (OLF) في مارس بسبب سجن بعض قادتها.  كما أعلن مؤتمر أورومو الفيدرالي (OFC)، وهو حزب معارض  في مارس أنه سيضطر إلى الانسحاب من الانتخابات لأسباب مماثلة. كما لن تجري الانتخابات في تيجراي.

وقال كبير محللي إثيوبيا في مجموعة الأزمات الدولية، وليام دافيسون: الحكومة لن تحل الصراع الذي أدى إلى الحرب الأهلية في تيجراي، ولن تنهي انتفاضة OLA في أوروميا، ولن تنهي العنف في بني شنقول-جوموز..  وأضاف: لكن الانتخابات ستسمح لرئيس الوزراء وحزبه الحاكم بالمطالبة بتفويض ديمقراطي سيمكنهم من متابعة أجندتهم للسنوات الخمس المقبلة.

مرر للأسفل للمزيد