قالت صحيفة نويه تسوريش تسايتونج السويسرية، إن عملية إعادة إعمار معقل داعش السابق في الرقة تتقدم ببطء، مشيرة إلى أنه لا تزال أحياء بأكملها في حالة خراب.
وأوضحت الصحيفة السويسرية أن الناس يجتهدون لإيجاد طوق نجاة واستعادة حياتهم - سواء في العمل أو أماكن الترفيه أو حتى في مبارايات كرة قدم العفوية والتي تُقام في ما كان يومًا ما "مكان الجحيم"، حسب تعبير البرنامج الإخباري الأشهر في التلفزيون الألماني، تاجسشاو..
وتتأرجح الرقة هذه الأيام بين رحيل وخوف من عودة الدواعش وذئابه وأشباحه، ففي مدن مثل الرقة ودير الزور، حيث أكثر من 90٪ من السكان هم من العرب السنة، لا يزال تنظيم داعش الإرهابي يتمتع بقدر معين من النشاط وربما الدعم.
وحسب صحيفة نويه تسوريش تسايتونج السويسرية، لا تزال هناك خلايا نائمة لداعش في جميع أنحاء شمال شرق سوريا، تشن بانتظام غارات وهجمات. كما تبعد ميليشيات متطرفة أخرى تحظى برعاية من دول بالمنطقة فقط لمسافة ساعة ونصف بالسيارة شمال المدينة.
وتمامًا مثل تنظيم الدولة الداعشي، تريد هذه الميليشيات تدمير منطقة الحكم الذاتي التي أنشأها الحزب الكردي السوري PYD في شمال شرق سوريا.
كما تمثل معسكرات السجون مثل الهول والروج، التي يسجن فيها عشرات الآلاف من المؤيدين المزعومين للدواعش، خطرًا إضافيًا، في وقت لا تملك فيه قوات سوريا الديمقراطية «قسد» القدرة على السيطرة على المخيمات من الداخل، وبالتالي يستمر تنظيم داعش في أنشطته دون توقف، وتقع جرائم قتل مروعة بشكل منتظم ويتحول الأطفال إلى التطرف على مرأى ومسمع من الجميع.
وكغيرها من المدن السورية تعيش الرقة أزمة اقتصادية حادة وتتزايد التوترات بين السكان العرب والحكم الذاتي الكردي. ما يمثل وفق الصحيفة السويسرية مناخًا مواتيًا لأن يستعيد المتشددون شعبيتهم ومن ثم يعيدون المدينة إلى ظلمة بائسة.
في ربيع 2011، كانت الرقة آخر مكان في سوريا ينتفض ضد الرئيس بشار الأسد. وسرعان ما تطورت المدينة الواقعة على نهر الفرات، ويبلغ عدد سكانها 300 ألف نسمة، إلى مركز قوة للجيش السوري الحر وجبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، وبعد قتال عنيف، أصبحت الرقة أول عاصمة إقليمية في مارس 2013، سيطر عليها المتمردون بالكامل.
لكن في نوفمبر 2013، سيطرت ميليشيا داعش الإرهابية على أجزاء كبيرة من المدينة وطردت جميع الجماعات المتمردة الأخرى في غضون شهرين فقط.
وقد حاصرت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهي فرقة عمل كردية عربية، المدينة في ذلك الوقت. وبينما قام التحالف الدولي المناهض لـ«داعش» بقيادة الولايات المتحدة بإلقاء وابل من القنابل على المدينة، نظمت ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية قوارب لإحضار الناس إلى بر الأمان عبر نهر الفرات. لكن داعش ألغمت ضفة النهر لمنع السكان المدنيين من الفرار، وبعده أعلن التنظيم خلافته الوهمية وعاصمتها الرقة.
أما الآن، فالأجواء لا تزال شاحبة وقلقة ومتوترة رغم جهود استعادة الحياة التي تعاني من مطبات صعبة؛ إذ يحصل الناس فقط على سبع ساعات من الكهرباء في اليوم.
كذلك فالعملة في حالة سقوط حر، فبينما كان سعر الدولار الواحد نحو 47 ليرة سورية في عام 2011، فإن السعر الآن يقترب من 1300 ليرة سورية، وهو الرقم الذي يتضاعف ثلاث مرات في السوق السوداء. وتبعًا لذلك، لا يستطيع الكثيرون تحمل تكلفة الحد الأدنى للحياة..