سيطرت حالة من الهلع والرعب على عشرات الآلاف من المترجمين والحراس والموظفين الأفغان ممن عملوا لصالح القوات الأمريكية وقوات الناتو في البلاد خلال العشرين عامًا الماضية، فيما تصاعدت تهديدات بقتلهم واستهدافهم من قبل تنظيمات إرهابية كداعش والقاعدة، فضلًا عن الجناح المتشدد من طالبان، بزعم أنهم خائنون ومتعاونون مع الشيطان.
ورغم أن المكتب السياسي لطالبان يدعو مختلف الموظفين المحليين العاملين لدى القوات الدولية إلى الهدوء وعدم الخوف والبقاء في البلاد، فإن آلاف من هؤلاء يخططون للهجرة بعد انسحاب القوات.
ومؤخرًا، وجهت حركة طالبان المتشددة وكبادرة حسن نية من جانبها، رسالة إلى جموع الموظفين المحليين للقوات الأجنبية في أفغانستان جاء فيها: "عليهم أن يبدوا الندم على أفعالهم السابقة والامتناع في المستقبل عن الأنشطة التي تعتبر خيانة للإسلام والوطن".. "لكن لا ينبغي لأحد أن يغادر البلاد في الوقت الحالي".
تعهدت طالبان بأن أحدًا لن يضطهدهم. وتطالبهم بأن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية، وإذا كانت لديهم أي خبرة في أي مجال، فعليهم أن يخدموا بلدهم. "إذا كانوا يعيشون في البلاد كأفغان عاديين، فلن يواجهوا أي مشاكل"، حسب رسالة طالبان.
لكن صحيفة دي تسايت الألمانية، تنقل عن مسؤولين في قوات الناتو بأفغانستان، خشية الموظفين المحليين من أعمال انتقامية يقوم بها الإرهابيون.
وقالت الصحيفة، إن عشرات الآلاف من الأفغان الذين عملوا في القوات المسلحة لدول الناتو، بما في ذلك الجيش الألماني، وعائلاتهم يخططون لمغادرة البلاد خوفًا من أعمال انتقامية من قبل طالبان أو داعش أو القاعدة.
ووفقًا لمعلومات دي تسايت، استقبلت السفارة الأمريكية وحدها حتى الآن أكثر من 18000 طلب للحصول على تأشيرات دخول خاصة. وترغب غالبية القوات المحلية التي شغلت مهامًا مع القوات الألمانية في أفغانستان طلب الحماية من ألمانيا، عبر ما يسمى بإجراءات الموظفين المحليين. وفي منتصف مايو كان هناك حوالي 450 طلبًا.
من المشكوك فيه ما إذا كان الموظفون المحليون سيثقون في تصريحات طالبان. فحتى الآن يطلقون عليهم في تصريحات رسمية "عبيد الغزاة" أو "المرتزقة". كما تعرض العديد من المترجمين الأفغان للقتل أو التعذيب على أيدي مقاتلي طالبان في السنوات الأخيرة.
كذلك يرى بعض قادة طالبان ضرورة الاحتفاظ بهؤلاء الموظفين باعتبارهم كنز معلومات ضد الولايات المتحدة وقوات الناتو.
وقد غادر العديد من المترجمين العاملين لدى القوات الدولية أفغانستان بالفعل، وفي الأسابيع القليلة الماضية، نظم العمال الأفغان المحليون عدة مظاهرات في العاصمة كابول، حيث طلبوا من القوات الأجنبية والسفارات نقلهم إلى الخارج بأمان.
وقال مترجم لوكالة الأنباء الفرنسية: "إنهم يتابعوننا".. "لن يغفر لنا طالبان. سيقتلوننا ويقطعون رؤوسنا".
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن أعلن انسحابًا كاملاً للقوات من أفغانستان في موعد أقصاه 11 سبتمبر، الذكرى العشرين للهجمات الإرهابية في نيويورك وواشنطن، والتي كانت نقطة انطلاق التدخل الأمريكي في أفغانستان. وسلم الجيش الأمريكي بالفعل عدة قواعد عسكرية للقوات المسلحة الأفغانية. كما يخصص الجيش الألماني لإعادة ما يقرب من 1000 جندي إلى ألمانيا بحلول يوليو.
ويخشى المراقبون الدوليون من عودة طالبان إلى السلطة بمجرد مغادرة قوات الناتو للبلاد، حيث لا تملك الحكومة الأفغانية سيطرة تذكر على البلاد خارج العاصمة. وخلافًا لما تم التعهد به في المعاهدة مع الولايات المتحدة، لم توقف طالبان هجماتها بعدما أعلنت الأخيرة موعدًا أقصى لانسحاب القوات الذي بدأت مراحله الأولى بالفعل.
ومنذ أن بدأ الانسحاب في أوائل مايو، هاجمت طالبان واستولت على ما لا يقل عن سبع من المناطق في مختلف المقاطعات.