فيديوهات المافيا التركي تكشف حروب رجال أردوغان على خلافته

فضائح الدولة العميقة تتوالى
فيديوهات المافيا التركي تكشف حروب رجال أردوغان على خلافته

كشفت وسائل إعلام ألمانية وسويسرية عن تحركات حثيثة وجادة تقودها الحلقة الضيقة المحيطة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في محاولة للسيطرة على تصاعد الغضب الشعبي على خلفية مزاعم بتورط رجال النظام الحاكم وحزبه العدالة والتنمية في تعاون وتنسيق مشينين مع قادة وزعماء المافيا وكيانات الجريمة المنظمة  في البلاد.

وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، بث زعيم المافيا التركي الهارب، سيدات بيكر، عددًا من مقاطع الفيديو المصورة عبر قناته على موقع يوتيوب، كشف فيها الكثير من العلاقات المشبوهة التي جمعت رجال الديكتاتور التركي بعناصر الجريمة المنظمة أو من يعرفون بالدولة العميقة أو دولة الظل، حيث أقدم رجال سلطة بارزون على استخدام تلك الكيانات الإجرامية لأجل تحقيق أهداف أمنية وسياسية داخليًّا.

أضف إلى ذلك ما كشفته فيديوهات زعيم المافيا من وجود صراع محمود بين رجال أردوغان حول من يخلفه على راس الدولة مستقبلًا.

وحسب بوابة تيليبوليس الإخبارية الألمانية، فنظرًا لأن بيكر يجرم نفسه أيضًا مرارًا وتكرارًا خلال فيديوهاته المصورة، فإن ما يكشفه حول التورط الإجرامي للحزب الحاكم في تركيا، إنما بات يحظى بمصداقية كبيرة لدى الرأي العامّ والشارع.

وتشير البوابة الإخبارية إلى الاهتمام الشعبي الذي تحظى به فيديوهات وحكايات بيكر، وتؤكد أن الشغف بها أصبح متصاعدًا للغاية، ما يمثل خطرًا كبيرًا على حظوظ أردوغان وحكومته خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة في ٢٠٢٣.

وبدلًا من محاولة الرد الجادّ على ما يدعيه بيكر، تحول جهد أردوغان ورجاله إلى محاولة تلطيخ سمعة عمدة إسطنبول والمرشح المتوقع لماراثون الانتخابات، أكرم إمام أوغلو، ومن ثم ملاحقته بسيل من القضايا والبلاغات الهزلية، على أمل شغل الرأي العامّ به وإضعاف موقفه أمامه.

المثير أن رئيس المافيا بات يتمتع بشعبية إلى حد كبير. فقد تجاوزت أعداد المشاهدة لفيديوهاته أكثر من 57 مليون مرة، في حين تبرر البوابة الإخبارية الألمانية الأمر بأن بيكر يدين نفسه مرارًا ويعترف بأعماله القذرة، ما منح اتهاماته لرجال أردوغان ثقلًا كبيرًا.

ولا يجرؤ أي صحفي في تركيا على التحقيق والتقصي من اتهامات بيكر ومن ثم التثبت من صحتها، حيث يتم طرده  على الفور والتشهير به باعتباره عدوًا للدولة، حسب مجلة دير شبيجل الألمانية.

وسبق أن أٌدين بيكر بتشكيل منظمة إجرامية، وحوكم عدة مرات بتهم القتل والشروع في القتل والاختطاف ومزاعم أخرى. وفي عام 2007، حُكم عليه بالسجن حوالي 14 عامًا في قضيتين لتشكيل منظمة إجرامية وتزوير وثائق وغيرها.  ولكن بعد سبع سنوات فقط في السجن، تم أطلق سراحه.

وبيكر زعيم مافيا من القوميين، وكان يعتبر في السابق من مؤيدي الرئيس أردوغان. وتقول الشائعات إن الأخير أمسك يده عن شبكات المافيا، ردًا على قيامها بدعم حزب العدالة والتنمية بحملات واسعة النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي.

تقول صحيفة تاجسشبيجل الألمانية، إن المافيا التركية هددت بالفعل بشنق معارضي حكومة أردوغان على أقرب شجرة والاستحمام في دمائهم.

وحقيقة الأمر، فإن ما قد يؤدي على الفور إلى الاعتقالات بتهم واهية تتعلق بالارتباط بالإرهاب في قضايا كتلك التي تخص أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي اليساري  (HDP)، لا يمكن تطبيقه في قضية بيكر على خلفية هروبه خارج البلاد، فيما أقدمت الشرطة التركية بالفعل على  تفتيش 121 شقة مرتبطة ببيكر ومساعديه، كما اعتقل 54 شخصًا.

وأثناء تفتيش الفيلا الخاصة به بإسطنبول، قيل إن زوجة بيكر ومحاميه أوزجي يلماز قد تعرضا لسوء المعاملة من قبل الأمن، وقد تم تهديد إحدى بناته بسلاح. ووفقًا لاتفاقاته السابقة مع السلطة، يرى بيكر أن هذا أمر لا يغتفر.

ولتجنب الاعتقال، كان بيكر هرب إلى الخارج في يناير 2020.

وللمفارقة فقد احتل مكانه زعيم مافيا منافس: علاء الدين كاكيتشي، وهو أيضًا رجل من "الدولة العميقة"، على حد وصف صحيفة زود دويتشه تسايتونج الألمانية. 

وكاكيتشي من مؤيدي جماعة الذئاب الرمادية المتطرفة  وعميل السابق لجهاز المخابرات التركي MIT.  وبينما كان معتقلًا على خلفية جرائم قتل، تم الإفراج عنه في صيف 2020، بعدما فتحت الحكومة زنازين آلاف المجرمين الخطرين، بزعم الحد من انتشار فيروس كورونا في السجون، رغم أن العديد من سجناء المعارضة لم يستفيدوا من ذلك.

وكان دولت بهجلي، رئيس حزب الحركة القومية المتطرف المتحالف مع أردوغان، وراء إطلاق سراح كاكيتشي.

في سياق متصل، لعب وزير الداخلية التركي سليمان صويلو (حزب العدالة والتنمية) دورًا مركزيًا في الفضائح التي كشفها بيكر. هو ينتمي إلى الجناح اليميني لحزب العدالة والتنمية، المقرب أيديولوجيًا من حزب الحركة القومية. وقد ثبت أن صويلو حذر بيكر وحماه من ملاحقات واعتقالات أمنية لفترة طويلة.

لقد أفاد بيكر أنه حصل على حماية الشرطة بمبادرة من صويلو، ما يعني أن المافيا كانت تعمل في خدمة الحكومة.

السياسي المعارض أوزجور أوزيل (حزب الشعب الجمهوري) يعتبر صويلو شخصية رئيسية في شبكة العلاقات بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية والمافيا. ودلل على ذلك بما أفاد به بيكر أيضًا من أنه نظم حملة على تويتر لدعم صويلو بعد أن أعلن وزير الداخلية استقالته بسبب سوء التنظيم الخاص بحظر تجول كورونا العام الماضي. في ذلك الوقت، تم إرسال أكثر من مليون رسالة على الشبكات الاجتماعية في غضون فترة زمنية قصيرة تطلب من صويلو البقاء. ثم تركه أردوغان في منصبه بزعم الالتزام بالمطالب الشعبية.

ورغم أن وزير الداخلية صويلو يتحدث عن التشهير والإساءة إلى السمعة، لكنه لم يستطع دحض هذه المزاعم. وفقًا لمعلومات صحيفة نويه تسوريش تسايتونج السويسرية، فإن الصحفي الموالي للحكومة هادي أوزيسك، الذي -وفقًا لبيكر- كان بمثابة وسيط بينه وبين صويلو، نفى أيضًا جميع المزاعم ضد صويلو على التلفزيون. لكن بيكر وجه له لطمة قوية وكشف كذبه بعد بضع دقائق فقط، حيث نشر زعيم المافيا تسجيل محادثة فيديو أجراها مع أوزيسك نفسه.

لا يبدو أن صويلو وحده كان لديه اتصالات نشطة مع بيكر. يفيد الأخير أيضًا أنه كان يتلقى أوامر من دوائر قريبة من أردوغان في حزب العدالة والتنمية: على سبيل المثال يُقال إنه تلقى 10000 دولار من عضو البرلمان عن حزب العدالة والتنمية متين كولونك في عام 2015 لإطلاق العنان لعصابة تابعة له في دار نشر صحيفة حريت. بعد ذلك بوقت قصير، اضطر ناشرهم إلى بيع جريدته لرجل أعمال موالٍ لأردوغان.

يتحدث بيكر أيضًا عن صراع على السلطة بين وزير الداخلية صويلو وصهر أردوغان ووزير المالية السابق بيرات ألبيرق على من يخلف الرئيس التركي مستقبلًا. وتحقيقًا لهذه الغاية، يبدو أن صويلو تنصت على المتحدث باسم أردوغان ومدير مكتبه.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa