الطريقة المثلى في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد «COVID-19»، لا تزال حديث العالم في كل مكان الآن؛ حيث تسبب المرض الذي تحيط به علامات غموض كثيرة حول نشأته، في خسائر مادية وبشرية فادحة. وبينما تعكف عشرات المختبرات الطبية والبحثية حول العالم من أجل التوصل إلى مصل للمرض، عاد حديث السياسيين مجددًا عن "مناعة القطيع".
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، كان أول المتحدثين والداعين لتطبيقها، لكن السويد والولايات المتحدة الأمريكية أول من أقدما على استخدام النظرية في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد، الذي تسبب في فرض قواعد إغلاق عالمي وإجراءات تباعد وعزل مجتمعي، بخلاف ما تعنيه مناعة القطيع من تسليم زمام الأمور للمرض وترك مكافحتها على عاتق مناعة كل فرد على حدة لتكوين أجسام مضادة للفيروس لمكافحته مستقبلًا.
تطبيق مناعة القطيع في مواجهة كورونا
لم تفرض السويد إجراءات إغلاق مشدد على مراكز التسوق وتنقلات المواطنين والحدائق والمنتزهات، لكبح انتشار فيروس كورونا المستجد، على عكس دول الاتحاد الأوروبي؛ حيث فضَّلت المراهنة على ما يعرف بالمناعة الجماعية أو "مناعة القطيع"، رغم تسجيل أكثر من 16 ألف إصابة مؤكدة.
ونقلت شبكة « سي إن بي سي» الإخبارية الأمريكية، عن كبير علماء الأوبئة في الوكالة السويدية العامة للصحة أنديرس تيجنيل، قوله "إن بلوغ (مناعة القطيع) في العاصمة استوكهولم سيكون في غضون أسابيع"، مشيرًا إلى أن أغلب مناطق السويد وضواحي استوكهولم وصلت إلى مرحلة استقرار".
وتقول البيانات المتاحة لدى السلطات السويدية إن 20% من سكان استوكهولم اكتسبوا مناعة ضد الفيروس، وهو ما يتنافى مع تقارير لمنظمة الصحة العالمية أثبتت أن بعض مرضى كوفيد-19 الذين اعتُقد فرضيًّا أنهم تعافوا من فيروس جاءت نتائج فحوصهم إيجابية مرة أخرى بعد أن كانت سلبية، وكانوا على وشك الخروج من المستشفيات.
مناعة القطيع طوق نجاة الاقتصاد
وتعمل السياسة الصحية بالمناعة الجماعية "مناعة القطيع" على استراتيجية أن يصاب الناس ويتعافوا حتى يكتسبوا مناعة ذاتية، على نحو تلقائي، وبالتزامن مع هذا تتخذ السلطات إجراءات لحماية الفئات الأكثر عرضةً للإصابة بفيروس كورونا ومضاعفاته مثل كبار السن ومن يعانون الأمراض المزمنة.
ويقول المدافعون عن "مناعة القطيع" إن إجراءات التباعد الاجتماعي ليست حلًّا عمليًّا لمكافحة الوباء وإن أدت إلى انحسار الفيروس، والسبب هو أن هذا الإغلاق يؤدي إلى شل حركة الاقتصاد، أي أن أناسًا كثيرين يجدون أنفسهم بدون أي موارد للعيش.
وفي نظر السياسيين والاقتصاديين، فإن سياسة "مناعة القطيع" تشكل الخيار الأقل سوءًا؛ لأن حالة الإغلاق التي تفرضها بعض الحكومات، تؤدي إلى تبعات اقتصادية كارثية؛ لأن نسبة كبيرة من الناس يعملون عملًا يوميًّا ويكسبون قوتهم من الخروج إلى الأسواق والأماكن العامة، ولا يستطيعون المكوث في البيوت، رغم وجود مبادرات دعم حكومية وخيرية لمساعدتهم.
وفي وقت سابق، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن العلاج لا يمكن أن يكون أسوأ من المرض نفسه، في إشارة إلى ما ينجم عن حالة الإغلاق من تبعات اقتصادية؛ ففي غضون شهر واحد فقط، التحق أكثر من 24 مليون أمريكي بركب العاطلين عن العمل.
لكن مناعة القطيع ليست آمنة العواقب أيضًا؛ فإذا كانت قد آتت ثمارها في دولة متقدمة مثل السويد، فإن من شأنها أن تسفر عن وضع كارثي في دول أخرى ذات أنظمة ضعيفة للرعاية الصحية، وربما تجد المستشفيات نفسها عاجزة أمام عدد هائل من المرضى، في حال أزيلت القيود المفروضة على التنقل.
اقرأ أيضًا: