تترقب شركات الطيران فرصة لملمة بعض من جراحها بنفض الغبار عن أسطولها الرابض في المطارات، و«إفراغ أحشائه» استعدادًا لمهمة نقل مئات الملايين من جرعات لقاح كورونا، رغم تحديات «سلسلة التبريد» الضرورية لمنع تلف اللقاحات خاصة لقاح Pfizer الذي يمثل نقله وتخزينه تحديًا كبيرًا؛ حيث يجب الاحتفاظ به عند -70 درجة مئوية.
وفقًا للاتحاد الدولي للنقل الجوي «IATA»، فإن «توفير جرعة واحدة لـ 7.8 مليارات شخص من شأنه أن يملأ 8000 طائرة شحن من طراز بوينغ 747». هذا مع العلم أن اللقاحات الثلاثة تتطلب جرعتين للشخص الواحد.
بطبيعة الحال، فإن النقل البري سيتحمل بعض العبء، لا سيما في البلدان المتقدمة ذات القدرة التصنيعية المحلية. لكن هذا لا ينطبق على أغلب دول العالم التي تعد جهة مستوردة.
على العموم، لقطاع الشحن الجوي خبرة واسعة في نقل المنتجات الصيدلانية التي تشكل 1.9٪ من إجمالي حجم الشحنات المنقولة جواً، و 2.6٪ من إجمالي عائدات الشحن لشركات الطيران أو ما يقدر بـ 2.5 مليار دولار، بحسب مجلة «فوربس».
إذا تمت تعبئة الطائرات بالكامل، فقد يكون هناك متسع لـ100 ألف جرعة في الرحلة الواحدة. بالتالي، لنقل 15 مليار جرعة إجمالية كحد أدنى مطلوب لتطعيم معظم سكان العالم «باعتبار الحاجة إلى جرعتين للشخص» سيتطلب الأمر 150 ألف رحلة جوية، بحسب تقديرات البروفيسورة آنا ناجورني، عالمة الرياضيات وخبيرة الخدمات اللوجستية في جامعة Massachusetts Amherst.
وقالت بحسب ما نقلته عنها «فوربس»: «نظراً لأن الطلب لن يكون بالضرورة دائماً على 100 ألف جرعة دفعة واحة، ستكون هناك حاجة إلى المزيد من الرحلات»، مشيرة إلى أنه «على الأرجح سوف يقوم مصنعو اللقاحات بشحنها إلى مراكز معينة، مثل تلك التي أعلنت عنها UPS وFedex في الولايات المتحدة وأوروبا على متن طائرات مخصصة، ليتم فيما بعد توزيع اللقاح من هناك».
لكن العقبة الرئيسية تكمن في وجود عدد أقل بكثير من الطائرات المخصصة المتاحة مقارنة بـ«8000 طائرة بوينغ 747» التي يقدرها الاتحاد الدولي للنقل الجوي. فوفق توقعاتها الخاصة للشحن الجوي العالمي، قدرت شركة Boeing إجمالي طائرات الشحن المتوفرة بـ1770 طائرة، من بينها، تم تعريف 550 فقط على أنها «ثقيلة» على غرار طائرة 747 القادرة على حمل أكثر من 80 طنًّا من الشحنات. وفي أغسطس، قامت Air Cargo News بإحصاء 300 طائرة شحن بوينغ 747 عاملة بالفعل.
غير أن توقف الطائرات ذات الجسم العريض المستخدمة في السفر الدولي بسبب الوباء وتراجع الطلب على السفر، وتدافع الولايات المتحدة وأوروبا للحصول على معدات الحماية الشخصية «PPE» مثل الأقنعة والقفازات من المصانع الصينية، دفع شركات الطيران إلى اللجوء لتحويل المئات من طائرات الركاب إلى طائرات شحن في ظاهرة جديدة أطلق عليها «Preighters» وهي تسمية مستحدثة في قطاع الطيران تجمع بين طائرات الركاب Passenger aircrafts وطائرات الشحن Freighters. ففي ذروة الوباء، كانت هناك 16000 طائرة متوقفة عن العمل.