أكد المتخصص في الشؤون التعليمية والقانونية، المستشار فلاح محمد الجوفان لـ«عاجل»، أن التعليم عن بعد «بديلًا مميزًا وفاعلًا إذا تعذر التعليم المباشر لاسيما وأن وزارة التعليم بقيادة وزيرها لم تألُ جهدًا في سبيل النهوض بالعملية التعليمية والتيسير على الطلاب وَأولياء أمورهم عبر تسخير جميع إمكاناتها البشرية والتقنية والتعليمية، وتوفير أفضل الوسائل التعليمية من دروس وبرامج منهجية عبر المنصات الإلكترونية والقنوات المرئية وَوسائل التواصل وغيرها».
ولفت الجوفان إلى أن «الهيئة التعليمية والدارسين وأولياء الأمور سيواجهون بعض الصعوبات في تطبيق التعليم عن بعد سواء فيما تتعلق بطريقة التقويم والتدريس من جهة ،وبجوانب أخرى تتعلق بطبيعة المجتمع السعودي، وثالثة ترتبط بصعوبة متابعة أولياء الأمور لأبنائهم في الدراسة والتقييم، وضرورة توفر عدة ضوابط في تطبيق التعليم عن بعد للتغلب على تلك الصعوبات ولضمان جودة التعليم والتقويم، وتوفير الوقت والجهد على الهيئة الإدارية والدارسين وأولياء الأمور إضافة لضمان العدالة في التقييم لجميع الطلاب والمدارس التابعة لوزارة التعليم، مشيرًا إلى أن بعض فئات الدارسين قد تحتاج لتعليم مباشر كما هو المعمول به في مؤسسات التعليم في عدد من الدول الأوربية».
قال الجوفان لـ«عاجل»، أنه عند إقرار التعليم عن بعد لأي سبب فهو خيار مميز؛ بشرط أن توضع الضوابط التي يستطيع من خلالها المعلم وَولي الأمر على حد سواء متابعة دراسة الطلاب والطالبات بشكل مستمر وسهل وميسر ، وهذا لا يتيسر إلا بعمل عدة ضوابط ومعايير للتقييم والمتابعة، ويمكن أن نقسم مراحل التعليم العام لمرحلتين رئيسيتين :
- المرحلة الأولى: طلاب الثالث والرابع والخامس والسادس من المرحلة الابتدائية وطلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية وهؤلاء يمكن أن يغني التعليم عن بعد عن التعليم المباشر ويكون بديلًا ناجحًا إذا تم تطبيق عدة ضوابط ومعايير تمكن الهيئة التعليمية وولي الأمر من متابعة تعليم الطلاب والطالبات، وفق آلية سهلة وميسرة، وقبل أن نوضح أهم الضوابط التي ينبغي العمل بها لضمان جودة التعليم عن بعد لابد من الإشارة لأهم الصعوبات التي يواجهها المجتمع السعودي، إذ أن متوسط أعداد أفراد الأسرة ممن يتلقون التعليم (4-5) أفراد وهذا العدد بالمقارنة بالمجتمعات الأجنبية يعد عددًا كبيرًا، وهو يعني بلا شك صعوبة كبيرة في متابعة تعليمهم عن طريق المنصات الإلكترونية لأسباب أهمها:-
أولًا : صعوبة متابعة تعليم كل طالب لوحده فمثلاً لو افترضنا وجود 4 طلاب يدرسون في التعليم العام للأسرة ، فإن متابعتهم اليومية تستلزم جلوس ولي الأمر (24 ساعة) في اليوم لمتابعتهم ، (إذ عدد الساعات التدريسية اليومية تتجاوز 6 ساعات وعدد الدارسين في الأسرة (في المتوسط العام 4 دارسين) وهذا الوقت - 24 ساعة في اليوم - يستحيل أن يقضيه ولي الأمر في متابعة أولاده.
ثانيًا: وجود أكثر من طالب في الأسرة ، يدرس مع إخوته في المرحلة الواحدة ، مما يعني أن وقت عرض الدروس في المنصة الإلكترونية سيكون في وقت واحد وهذا يجعل متابعتهم شاقة على ولي الأمر (يمكن التخفيف من ذلك بالرجوع للعرض المسجل) .
ثالثًا: صعوبة تقييم الدارسين من قبل الهيئة التعليمية ، وتفاوت التقييم من مدرسة لأخرى بل ومن معلم لآخر .
رابعًا: صعوبة متابعة ولي الأمر لأبنائهم في الاستعداد للتقييم والاختبار إذ كل مقرر يحتوي على كم هائل من المعلومات ، ولا يستطيع ولي الأمر التفريق بين المعلومات الأساسية التي يجب أن يلم بها الدارس وبين المعلومات التكميلية والتي لا يلزم الدارس الإلمام بها .
خامسًا: صعوبة متابعة جميع الدروس التعليمية في منصات التعليم الإلكتروني مما يعني وجوب تحديد الدروس التعليمية الأساسية التي يجب متابعتها بشكل مركز والتي لا يعفى من الإلمام بها لأي دارس.
سادسًا: كثرة المناهج الدراسية وتنوعها .
سابعًا: الظروف الأسرية التي تتعلق بالأسرة ووسائل الاتصال (كانشغال الوالدين بالعمل الحكومي أو بالعمل الحر لطلب الرزق- عدم استطاعة الوالدين لمتابعة الدارسين لأميتهما حقيقة أو حكما جهلهما بوسائل التقنية - ضعف الإنترنت وانقطاعه - عدم توافر وسائل التقنية في المنزل).
وأضاف الجوفان: لذا كله لا بد من وضع ضوابط وأسس رئيسة لضمان جودة التعليم عن بعد أهمها:
أولًا: تضع الهيئة التعليمية أسئلة على كل مقرر تتركز على المعلومات الرئيسية والأساسية في كل مقرر على أن تتسم الأسئلة بما يلي:
1- تركز على الأساسية.
2-تكون إجابتها محددة ومختصرة.
3- تكون الأسئلة وفق حدود المعقول مثلًا لو تكون بعدد أيام الفصل الدراسي ، كل يوم سؤال (5 أيام في الأسبوع- 4 أسابيع في الشهر- في 3 أشهر = 60 سؤالا لكل مقرر)، وقد تزاد أو تنقص تلك الأسئلة وفق المرحلة التعليمية والمقرر الدراسي .
4-يربط كل سؤال برابط شرحه في المنصة الإلكترونية .
5-تكتب الأسئلة بنسختين: إلكترونية وأخرى مطبوعة ورقيًا.
ثانيًا: يحدد نهاية كل شهر حضور الطلاب للمدرسة للإجابة عن الأسئلة بشكل مباشر في كل مقرر(20) سؤالا لكل مقرر في الشهر أو يحدد منتصف الفصل موعداً للتقييم والإجابة عن الأسئلة بحيث تكون الأسئلة (30) سؤالًا ي منتصف الفصل وَ (30) سؤالًا في نهاية الفصل مع وضع جدول زمني لحضور الطلاب لضمان التباعد وتطبيق الإجراءات الاحترازية في المدرسة (مثلًا تقييم طلاب الصف الأول متوسط في مقرر الرياضيات من يوم الأحد من الساعة 7 – حتى الساعة 8) وهكذا .
ثالثًا: المواد العلمية يمكن أن تكون ضمن الأسئلة استنتاج وتحليل بشرط أن يربط السؤال برابط شرحه في المنصة الإلكترونية.
رابعًا : يمكن أن تحدد المدرسة للطلاب الذين يواجهون صعوبة في التقييم حضورًا محدودًا، ليتلقوا شرحاً مباشراً من معلم مختص ، لاسيما في المواد العلمية مع مراعاة التباعد والإجراءات الاحترازية .
المرحلة الثانية: طلاب الصفوف المبكرة (الأول – والثاني) الابتدائي (قد يضاف طلاب الصف الثالث الابتدائي عند الحاجة).
وهؤلاء سيواجهون (بحسب الجوفان) صعوبات في تعليمهم القراءة والكتابة لاعتماد هاتين المهارتين على المحاكاة والتلقين المباشر لذا فضلت كثير من الدول في نظامها التعليمي أن تكون دراستهم مباشرة في القاعات الدراسية إذ يصعب تعليمهم القراءة والكتابة ( عن بعد )، فالدراسة لابد أن تكون حضورية على أن يراعى التباعد الجسدي والضوابط والاشتراطات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا بحيث يكون تعليمهم كالتالي:
1-يمكن الاستفادة من جميع مباني المدارس (ابتدائي –ومتوسط – وثانوي) لتدريس الطلاب فيها.
2-يمكن الاستفادة من معلمي المرحلتين المتوسطة والثانوية وبقية معلمي المرحلة الابتدائية، في تدريس تلك الفئة .
3-يوزع الطلاب على تلك المدارس بحيث لا يزيد عدد الطلاب في الفصل عن 10 طلاب (وفي حالة الضرورة 15 طالبًا) وذلك لتحقيق التباعد الوقائي.
4-كل فصل يتولى التدريس فيه عدد من المعلمين بحيث تخف الأنصبة التدريسية ويكون التعليم سهلًا ومركزًا.
واستطرد الجوفان قائلا: «هذه الطريقة معمول بها في كثير من المدارس في أوربا الآن، وفي أغلب تلك الدول جعلت أمر التعليم الحضوري للقاعات الدراسية اختياريًا، كما هو المعمول به في مؤسسات التعليم في بريطانيا ، إذ استأنفت الدراسة وجعلت قرار حضور طالب المرحلة الابتدائية لمقاعد الدراسة أمراً اختيارياً لولي الأمر، مع استمرارها في التعليم عن بعد لجميع المراحل حيث جعلته متاحًا للجميع .
وتابع الجوفان: بهذه الضوابط يؤتي التعليم عن بعد ثماره وتتمكن الهيئة التعليمية من متابعة الدارس، وتقييمه بشكل مستمر، كما يستطيع ولي الأمر أن يتابع أبناءه وبناته، إذ تختصر عليه الوقت والجهد من خلال التركيز على الأساسية ، إضافة إلى وضوح طريقة التقويم للجميع، وبهذه التعليمات نوفر للصفوف الأولية (الأول – والثاني) الابتدائي التعليم المباشر، والذي لا يستغني عنه طالب هذه المرحلة (مرحلة تعليم الكتابة والقراءة) مع مراعاة التباعد والإجراءات الاحترازية، كما نحقق تعليماً غير مباشر لطلاب وطالبات المراحل الأخرى بضوابط تضمن استفادتهم من التعليم عن بعد، وتوفر الوقت والجهد على ولي الأمر والهيئة التعليمية ،وتضمن العدالة بين جميع الطلاب في جميع المدارس التابعة للوزارة.
وقال الجوفان: هذه التعليمات التي كتبتها على عجل ، وقد تحتاج إلى إضافات وتعديل من قبل الزملاء المختصين ومن قبل التربويين العاملين في الميدان لكي تؤتي أكلها على أتم حال ، أطرحها على وزارة التعليم - التي لم تألُ جهدًا في التيسير على الطلاب وأولياء أمورهم، وتسخير جميع إمكاناتها التعليمية للنهوض بالعملية التعليمية من خلال توفير أفضل الوسائل التعليمية - لعل وعسى أن تكون قابلة للتطبيق وعونا في التيسير على الدارسين وأولياء أمورهم والهيئة التعليمية .