أكثر من 100 مصاب حالة بعضهم حرجة، و82 قتيلًا حالة وفاة متأثرين بالحروق الشديدة أو الاختناق، إثر كارثة اندلاع حريق في مستشفى ابن الخطيب في بغداد، فيما تبدو الأسباب مجهولة حتى الآن.
ويقول طبيب في مستشفى قريب نقلت إليه الجثامين والمصابون، إن هناك أطفالا كثيرين بين الضحايا، وجثثا ملتصقة ببعضها من هول الحرارة الشديدة والانفجار.
من جانبه، روى سجاد جاسم، أحد سكان منطقة جسر ديالى؛ حيث يقع المستشفى، تفاصيل ما يجري، قائلًا: إن السكان سمعوا صوت انفجار كبير جدًا من المستشفى.
وأضاف: ركضنا إليها ووجدنا النار تخرج من شبابيك الغرف، وأصوات العويل والصياح مرتفعة جدًا من الأشخاص المحتجزين في ردهات الطوارئ.
وتابع سجاد، أن الشباب أنقذوا كثيرين من العالقين، لكن بعضهم توفي خلال إنقاذه؛ بسبب الاختناق، فيما وجدنا الكثير من الجثث وقد تفحمت بالكامل.
وقال: وجدنا ثلاث جثث محترقة متلاصقة مع بعضها، وجثمانا تفحم بالكامل لطفل على فراش الطوارئ.
ويضيف أن الحريق اندلع على الأكثر في جهاز إعطاء الأكسجين المركزي الذي ينقل الغاز عبر أنابيب في الحائط تستخدم لمساعدة المرضى على التنفس.
ويقول سجاد إن أهالي المنطقة تمكنوا من تجنب كارثة أخرى إذ قام بعضهم بالمجازفة وإخراج قناني الأوكسجين من منطقة الحريق قبل اشتعالها، مضيفًا أنه لم يسمع انفجارات لقنان أو يشاهد آثارا لانفجارها، كل ما هناك فجوة كبيرة في الحائط مكان أنابيب التنفس.
وأشار إلى أن الجيش جاء بسرعة لكنه ركز على منع المتطوعين من التصوير، كما يبدو أن الجنود لا يعرفون إجراء عمليات الإنعاش الرئوي أو التنفس الصناعي، فيما احتاج الدفاع المدني إلى ساعة كاملة للوصول، رغم أن مقره يبعد دقيقتين فقط عن مكان الحادث، حسب قوله.
وعند منتصف ليل السبت، أعلن الدفاع المدني العراقي أنه سيطر على الحريق.
وتأسست مستشفى ابن الخطيب في البداية كمستشفى لعزل المصابين بالأمراض الانتقالية، لكنها تحولت بعد انتشار فيروس كورونا في العراق إلى مركز لعزل وعلاج المصابين بالمرض.
ويقول المهندس، نعيم كاظم، المعاون الإداري للمستشفى إن سبب الحريق غير معروف بعد، مضيفًا أن الانفجار والحريق حصلا في ردهة الطوارئ، التي تحتوي جهازًا مركزيًّا للأكسجين وقناني أكسجين تستخدم في حالة تعطل الجهاز المركزي.
ويقول نعيم إنه: لا يعرف إن كان هناك نظام إطفاء مركزي للحرائق في المستشفى، لكنه يعرف أن هناك عملًا يجري بهذا الخصوص، مؤكدًا تلقي العاملين في المستشفى تدريبات لمواجهة الحرائق، مضيفًا أن الصورة غير واضحة حتى الآن.
وتقول الممرضة (ل.أ) التي تعمل في المستشفى إنها لم تخضع لأي تدريب من إدارة المستشفى على التعامل مع الحرائق الكبيرة أو كوارث مشابهة، مضيفة: لا أعتقد أن أيًّا من زملائي تلقى مثل هذا التدريب.
وتؤكد ل.أ، التي كانت في إجازة ليلة الحادث، إن مخارج الطوارئ كانت تقفل بالسلاسل والأقفال بشكل دائم، مضيفة: كانت مقفلة طوال فترة عملي مع المستشفى، يطرق الموظفون أبواب مخارج الطوارئ فيأتي أحد ما لفتحها ومعه مفتاح، ثم يغلقها ثانية.
وتضيف الممرضة التي طلبت عدم كشف اسمها الكامل عن أن الحريق انطلق على الأكثر من الجهاز المركزي، الذي كان يتعطل باستمرار.
تقول الممرضة: لا توجد صيانة مستمرة للجهاز، وعملية إدامته وتشغيله تقع بشكل كبير على عمال النظافة الهنود الذي لا يمتلكون أي خبرة.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، قرر وقف عمل وزير الصحة ومحافظ بغداد وإحالتهما إلى التحقيق، بعد وقوع الحريق.
وقال بيان رسمي إن الكاظمي قرر في جلسة استثنائية خصصت لمناقشة الحادث المأساوي في مستشفى ابن الخطيب سحب يد وزير الصحة (حسن التميمي) ومحافظ بغداد (محمد جابر العطا) وإحالتهما إلى التحقيق.
وكان الكاظمي قد أمر باستدعاء مدير المستشفى ومدير الأمن والمسؤولين عن صيانة الأجهزة فيه، للتحقيق الفوري معهم على خلفية الحادث، والتحفظ عليهم لحين إكمال التحقيقات.
ويدير الوزير التميمي وزارة الصحة؛ حيث عينه الكاظمي ضمن حكومته الجديدة خلفًا للوزير السابق علاء الدين العلوان الذي استقال احتجاجا على تعرضه إلى ابتزاز وضغوط وحملة تشهير.
وحدد بيان الكاظمي مهلة خمسة أيام لكشف نتائج التحقيق، فيما أصدر القضاء العراقي مذكرة قبض بحق مدير المستشفى وعدد من المنتسبين.
نقابة الأطباء تهدد
وهددت نقابة الأطباء العراقيين بأن أعضاءها لن يعملوا بعد الآن في ظروف مشابهة، في بيان، انتقدت فيه الخلل في المستويات الحكومية كافة والتي لم تراقب متطلبات السلامة المهنية، والاجتماعية في مؤسسات قد غادرها زمن الصلاحية، ولن يقطنها إلا المرضى المحتاجون، ولن يعمل بها إلا الأطباء المتطوعون أو من يفرض عليهم الواجب.
واشنطن تعزي
وقدم مستشار الأمن القومي الأمريكي، جاك سوليفان، تعازيه بسقوط الضحايا في حريق مستشفى ابن الخطيب في بغداد، مبديًّا استعداد بلاده لتقديم المساعدة في هذه اللحظة المأساوية.
وقال سوليفان: نحن على اتصال بالمسؤولين العراقيين، وقد عرضنا المساعدة. شراكتنا الاستراتيجية مع العراق هي أولًا وقبل كل شيء شراكة بين شعبينا. نحن على استعداد لدعم حكومة العراق وشعبه في هذه اللحظة المأساوية.
وقدمت السفارة الأمريكية في بغداد تعازيها لذوي الضحايا، كما قدمت سفارات الأردن وبريطانيا وكندا والاتحاد الأوربي وممثلية الأمم المتحدة والبرلمان العربي ووزارة الخارجية الإيرانية التعازي أيضًا بسقوط ضحايا في الحادث المأساوي.
وأعلن العراق الحداد الوطني ثلاثة أيام على أوراح الضحايا الذين سقطوا في الحرق المأساوي.