الدكتور الدوس يحلّل أسباب وعلاج ظاهرة التسوّل في المجتمع السعودي

اقترح إنشاء هيئة وطنية لمكافحته وربطها بالداخلية
الدكتور الدوس يحلّل أسباب وعلاج ظاهرة التسوّل في المجتمع السعودي

أوضح الباحث المتخصص في القضايا الاجتماعية والأسرية، الدكتور خالد الدوس، لـ«عاجل»، اليوم الجمعة، أن ظاهرة تسوّل الأطفال والنساء في الشوارع، هي نتيجة تنظيم عصابي وتفكك اجتماعي، وأوضاع اقتصادية متردية.

وقال الدكتور الدوس، إن ظاهرة التسوّل ظاهرة مجتمعية خطيرة موجودة في كل المجتمعات الإنسانية، ومنتشرة في العديد من الدول وبمعدلات مختلفة، بما فيها مجتمعنا  السعودي، خاصة أن خلايا هذه الآفة المجتمعية المرضية  تنشط في محاولة استغلال مشاعر الناس الدينية، وكسب عواطفهم الجياشة في  شهر رمضان والعيد، مضيفًا أن التسول وباء إذا لم يعالج استشرى في جسد المجتمع، وبالتالي قد يهدد البناء الاجتماعي، ووظائفه الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية والتربوية.

وأوضح المتخصص في القضايا الاجتماعية، أنه عندما نتحدث عن مظهر من مظاهر التسول، وهو «تسول الأطفال والنساء» في مجتمعنا السعودي، فإن النسبة العظمى من المتسولين تحديدًا يعيشون دون رقابة أو حماية، ويفتقدون إلى الاستقرار النفسي والأسري والعاطفي والاجتماعي، وهم متسللون من الفئة الوافدة، تم تهريبهم بواسطة عصابات ومجرمين من الحدود عن طريق البر، واستغلالهم في أعمال غير مشروعة.

وحول أسباب التسول، أوضح أنها تتضمن انخفاض المستوى الاقتصادي والفقر، والمشاكل المجتمعية؛ كالطلاق والعنف المنزلي، وزيادة الإنجاب في الأسر الفقيرة، والتهميش الاجتماعي، والهجرة، والأب الذي لا يستطيع القيام بمسؤولياته تجاه أسرته، فيهرب من إعالتهم وإعاشتهم ويترك أبناءه للشارع، وقد تتلقاهم أيدي المجرمين والعصابات المنظمة؛ ليستغلوا طاقتهم ويدفعونهم إلى القيام بممارسة أعمال التسوّل، وارتكاب الأفعال المشينة والسلوكيات الخارجة على قواعد الضبط الأمني، والأخلاقي والقيمي، والاجتماعي.

وأشار الدكتور الدوس، إلى أنه وحسب الإحصائيات الرسمية، فإن نسبة الأطفال السعوديين، الذين يجوبون الشوارع بحثًا عن المال عند إشارات المرور والأماكن العامة، وتم رصدهم تبلغ 10% فقط، وغالبًا تكون حالات من الأيتام ومجهولي النسب، بينما تشكل نسبة الأطفال المتسولين غير السعوديين 90%، في إشارة واضحة للنسبة العالية التي يمثلها المتسولون الأجانب؛ حيث وصل الأمر في بعض البلدان إلى قيام بعض العصابات المنظمة ومافيا التسوّل؛ باستغلال الأطفال الرضع الذين يتم شراؤهم من دور الحضانة؛ لاستغلالهم في أعمال التسول وجمع المال، وهذه العصابات الوافدة تتخذ من هؤلاء الأطفال الأبرياء وسائل سهلة، وسلعًا رخيصة للأنشطة غير المشروعة، سواء باستخدامهم كأدوات مهنية مساعدة لأعمال التسول أو الترويج أو الاستغلال الجنسي، أو لجمع مبالغ لصالح الإرهاب والإرهابيين أو للحوثيين.

وعن الأطفال والنساء المتسولين والمتشردين، الذين يقفون عند إشارات المرور أو في الشوارع والميادين، أو الوقوف أمام المساجد، أكد الدكتور الدوس أنهم ضحايا تنظيم عصابي، وضحايا تفكك اجتماعي، وضحايا أوضاع اقتصادية متردية، أسهمت في انتشار هذه الآفة المرضية الخطيرة في مجتمعنا، خاصة أن وباء التسوّل بات يجد أرضًا خصبة وبيئة مناسبة في مجتمع كمجتمعنا الإسلامي، بالذات في المناسبات الدينية كشهر رمضان الكريم والعيد، الذي أصبح فرصة للاسترزاق  الوفير من مهنة كانت تقتصر على النساء والأطفال، لتشمل- الآن- كل الفئات العمرية، مستغلين صور التكافل والبر والرحمة، التي يحث عليها ديننا الحنيف في استدرار العطف، وحرص المواطنين على طلب الأجر والثواب في الشهر الفضيل  والعيد.

وأضاف أن دراسة بحثية متخصصة كشفت معطياتها العلمية، أن أطفال الشوارع المتسولين والنساء المتسولات يشكلون  العديد من المخاطر والمشكلات على الصعيد الأمني والسلوكي والنفسي والاجتماعي والصحي، ومن المشكلات الأمنية انخراط هؤلاء في شبكات العصابات المنظمة، وتعرضهم للاعتداءات الجسمية واللفظية، وغالبًا ما يعمل هؤلاء الأطفال في مجالات السرقة والدعارة والتسول، وممارسة الأعمال الهامشية كالبيع في الطرقات وعند الإشارات ومواقف السيارات، واستثمارهم في تجارة المخدرات وترويجها، وإعمال الجريمة والإرهاب.

وعن الحد من انتشار هذا المرض الاجتماعي في المجتمع السعودي، قال الدكتور الدوس، إنه ينبغي سرعة إقرار نظام مكافحة التسول الذي ينتظر الحسم منذ سنوات داخل القبة الشورية، والتعجيل بالتدابير وسن العقوبات الرادعة على مستغلي الأطفال والنساء في جريمة التسول، وكذلك تعاون المواطنين للقضاء على هذه الآفة الاجتماعية، وعدم إعطاء  المتسولين المال لأن فيه تشجيعًا لاستمرارهم على هذا المسلك القبيح، وبذات الوقت فيه تشويه لمنجزات الوطن التنموية.

واقترح الدكتور الدوس إنشاء هيئة وطنية لمكافحة التسول، وربطها بوزارة الداخلية، على أن تعتمد في اتجاهاتها المهنية ومنطلقاتها العلاجية على لغة الإحصائيات والأرقام والأبحاث العلمية، خاصة مع تزايد حجم هذه الآفة المرضية في مجتمعنا السعودي، وآثارها الأمنية والاجتماعية والصحية.

قد يعجبك أيضاً

No stories found.
logo
صحيفة عاجل
ajel.sa